تتفاقم أزمة نقص المحروقات يوماً بعد آخر في المدارس التي تقع في مناطق سيطرة النظام السوري وسط الطقس البارد، الأمر الذي ينعكس سلباً على التلاميذ وتعليمهم واستيعابهم، علماً أنّ كثيرين من الأهالي يمتنعون عن إرسال أبنائهم إلى المؤسسات التربوية. وتتجاوز هذه المعاناة تلاميذ المدارس لتطاول كذلك الطلاب الجامعيين.
لا تخفي فدوى شهاب الدين، أمّ لتلميذَين في التعليم الأساسي بريف دمشق، أنّها اكتفت بمشاهدة كيفية تحوّل بقع المياه في الشارع إلى جليد قبل أن تقرّر عدم إرسال طفلَيها إلى المدرسة. وتقول لـ"العربي الجديد": "أمس، رجاني ابناي لعدم إرسالهما إلى المدرسة اليوم، لأنّ البرد قارس في غرفة الصف نتيجة عدم توفّر التدفئة".
تضيف شهاب الدين أنّ "لا وقود للتدفئة في المدارس، في حين يخرج المسؤولون ليقولوا إنّهم وزّعوا مخصّصات الوقود للمدارس وإنّ الوضع جيّد"، متساءلة "أين المشكلة؟ وأين المازوت الذي تحدّثوا عنه؟ هل حقاً تمّ توزيعه أم لا؟ وهل سُرق من المدارس؟". وتؤكد: "في النتيجة، لا وقود تدفئة في المدارس".
من جهتها، تقول سعاد مدرّسة في التعليم الأساسي بريف دمشق، وقد طلبت عدم الكشف عن هويتها كاملة، لـ"العربي الجديد" إنّ "واقع التدفئة في المدارس سيئ جداً، وفي أحسن الأحوال لا تتوفّر كميات كافية من المازوت"، مؤكدة أنّ "لا مازوت في الأيام الأخيرة، على الرغم من المنخفضات الجوية المتلاحقة في شهر مارس/ آذار الجاري".
وتخبر سعاد أنّها راحت قبل يومَين تتّصل بأهالي التلاميذ قبل نهاية الدوام الرسمي، طالبة منهم الحضور لاصطحاب أطفالهم من المدرسة. تضيف: "كنت أشعر بأنّ البرد يتسلّل إلى عظامي، فكيف التلاميذ، خصوصاً صغار السنّ؟"، لافتة إلى أنّها جعلت تلاميذها "يلعبون ألعاباً جماعية في داخل الصف، على أمل أن يشعروا بقليل من الدفء".
وتكمل سعاد أنّها "أوصت التلاميذ بأن يحضروا معهم أغطية عند حضورهم إلى المدرسة للحصول على بعض الدفء"، مشدّدة على أنّ "التلميذ الذي يشعر بالبرد لن يتمكّن من فهم دروسه، ولا حتى الإمساك بقلم حتى يكتب".
في سياق متصل، تخبر لميس وهي طالبة جامعية في الرابعة والعشرين من عمرها، فضّلت عدم الكشف عن هويتها مخافة تعرّضها للفصل، "العربي الجديد"، أنّ "الجامعة تحوّلت إلى ما يشبه الأفرع الأمنية. فأيّ طالب يكتب على وسائل التواصل الاجتماعي نقداً يطاول الجامعة أو يعبّر عن إعجابه بمثل هذه المنشورات، يتعرّض للفصل".
تضيف لميس أنّه "من أصعب ما أعانيه هو الوقت الذي أقضيه في مدرج الجامعة في خلال الخصوع للامتحانات"، لافتة إلى أنّها "في الامتحان الأخير، كادت أطرافي تتجمّد من البرد لأنّ التدفئة معطّلة. وكان من الصعب عليّ إمساك القلم. أظنّ أنّني قد أخسر جزءاً من العلامات لعدم قدرتي على التركيز بسبب البرد الشديد".
تجدر الإشارة إلى أنّ مناطق النظام تعاني منذ بداية فصل الشتاء من أزمة، نتيجة النقص الكبير في محروقات التدفئة، فالعائلات السورية بمعظمها لم تحصل على أكثر من 50 لتراً من المازوت، في حين عانت المؤسسات الرسمية من التوقّف عن العمل من جرّاء ذلك، علماً أنّ الموظفين والمراجعين على حدّ سواء كانوا يشكون من البرد، لا سيّما مع انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة.