مُبادرات شبابية لتضميد جراح النازحين والتخفيف من معاناتهم في غزة

29 نوفمبر 2023
مهرجون متطوعون يلعبون مع الأطفال في خانيونس (عابد زقوت/الأناضول)
+ الخط -

يتشارك الفلسطينيان يوسف أبو حرب، وزميلته أزهار الوحيدي في توزيع الألعاب على الأطفال داخل أحد مراكز اللجوء، ضمن حملة "شارك شعبك" التي تهدف إلى التخفيف من وطأة الضغط النفسي الذي يتعرض له الأطفال، والنساء، والفئات الهشة، بفعل العدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع.
وتشهد مراكز اللجوء في المناطق الوسطى والجنوبية لقطاع غزة، والتي تضم مئات آلاف النازحين عدداً من المُبادرات الفردية والشبابية التي تعتمد على الإمكانيات البسيطة، أو الخبرات الشخصية للتخفيف من صعوبة الأوضاع المأساوية التي يعيشها النازحون.
وعلى الرُغم من محدودية تلك المُبادرات الفردية، بفعل الواقع المأساوي، والذي تتجمع فيه الأزمات أمام النازحين، الذين فقدوا بعضا من أفراد عائلاتهم، إلى جانب فقدان بيوتهم، وتهجيرهم قسرا من مدنهم، ومُخيماتهم، ومناطق سكنهم، إلا أنها تعتبر "طبطبة" خفيفة على كاهل تلك الأُسر المنكوبة.
وتأتي المبادرات الفردية والجماعية التي يتم تنفيذها بدوافع تطوعية ومُجتمعية بشكل شخصي أو جماعي، غير مدعومة من أي مؤسسة أو جهة رسمية، في ظل صعوبة عمل المؤسسات المعنية بالأطفال، أو مُختلف الشرائح المُجتمعية، والتي تتركز في شمال قطاع غزة ومدينة غزة، اللذين يتعرضان للكثافة النارية الإسرائيلية، ما تسبب بتدمير جزء كبير منهما، وتحييد الجزء الآخر بسبب الأضرار، أو تقييد الحركة بين المحافظات، أو حتى انعدام الإمكانيات.
ويقول المُتطوع يوسف أبو حرب لـ "العربي الجديد"، إنّ الحملة الشبابية تُحاول الموازنة بين الأنشطة الترفيهية، والإغاثية للأسر النازحة، والتي تضم النساء والأطفال، إلى جانب التوعية بضرورة النظافة، والحِفاظ على السلوك الصحي، والمُتابعة الصحية، لضمان عدم انتشار الأمراض الجلدية، وباقي الأمراض التي يُمكن ان تنتشر في ظل التكدس الكبير داخل مراكز اللجوء.
فيما توضح النازِحة أزهار الوحيدي، أنها تطوعت في الفريق لإيمانها بأهمية العمل المُجتمعي، خاصة في أوقات الأزمات والحروب، مُبينة أنها تعمل على التنسيق ما بين أنشطة الفريق والأسر، والنساء النازحات، فيما تهتم بضمان أعلى قدر من الخصوصية.
وتقول منسقة عمليات المنطقة الوسطى في حملة "شارك شعبك"، حنين السماك، إن الحملة التي انطلقت عام 2014، تضم عددا من المؤسسات، وتنشط في الأزمات والطوارئ، وتنتهي بانتهائها، فيما تتنوع أنشطتها الترفيهية، والتنشيطية والتفاعلية مع الأطفال داخل مراكز اللجوء.

تهدف الحملة التطوعية التي تقوم على الحشد والتنظيم المجتمعي، إلى التخفيف من الأعباء والضغوط النفسية التي يتعرض لها الأهالي والأطفال خلال الحروب والأزمات


وتهدف الحملة التطوعية التي تقوم على الحشد والتنظيم المجتمعي، إلى التخفيف من الأعباء والضغوط النفسية التي يتعرض لها الأهالي والأطفال خلال الحروب والأزمات، خاصة وأن جُل الضحايا، من الفئات الهشة، وفي مقدمتهم الأطفال والنساء.
وتوضح السماك لـ"العربي الجديد" أن فعاليات الفريق تتركز على تنشيط الأطفال، بالإضافة إلى الرعاية الذاتية للنساء داخل الغُرف الفصلية في مدارس اللجوء، إلى جانب توزيع بعض المُساعدات والأغطية، والأدوية، والملابس، والمواد الغذائية، لعدد من الأسر النازحة، والتي تضم نساء واضِعات، وأشخاص ذوي إعاقة، بالتنسيق مع الأخصائي الاجتماعي داخل مركز الايواء، علاوة على مجموعة من الأنشطة المُجتمعية التشاركية، والتي تهدف إلى التوعية الصحية، والتخفيف من مُعاناة النساء، والأطفال، في ظل الظروف الصعبة التي يمُرون بها.
وتتركز تلك المُبادرات على الفئات الهشة التي تُعتبر الأكثر تضررا من العدوان الإسرائيلي الذي تسبب باستشهاد أكثر من 15 ألف شهيد بينهم ما يزيد عن 6,150 طفلاً و4,000 امرأة، وفُقدان قرابة 7 آلاف فلسطيني تحت الأنقاض أو مصيرهم مجهول بينهم أكثر من 4,700 طفلٍ وامرأة، وإصابة أكثر من 36 ألفا، أكثر من 75% منهم من الأطفال والنساء، (وفق الإحصائية الأخيرة للمكتب الإعلامي الحكومي).
وتشهد كذلك المدارس بعض المبادرات الشخصية، إذ يُداوم الطبيب الفلسطيني إسماعيل البياري على مُداواة عدد من الجرحى النازحين داخل المدارس، ويقول إنه بادر من تلقاء نفسه للمُساعدة في مُتابعة جروح بعض المُصابين بفعل القصف الإسرائيلي والتغيير عليها، أو مُداواة الأطفال وكبار السن. 
ويوضح البياري، لـ"العربي الجديد" أنه يُحاول من خلال حقيبته اليدوية والتي تتضمن بعض أدوات الفحص التخفيف من آلام المرضى، والجرحى النازحين، والتي تترافق مع آلام الفقد والحرمان والبُعد عن البيوت والحياة الطبيعية الآمنة، فيما يُحاول وصف وتقديم بعض الأدوية إليهم وفق قدرته ويقول: "كنت أتمنى لو أتمكن من توفير كافة الأدوية لكُل موجوع".

لجوء واغتراب
التحديثات الحية

ويصف البياري الأوضاع في مراكز اللجوء بالكارثية، نظرا للتلوث الشديد في غالبية مرافقها، بفعل الاكتظاظ غير المعقول، والذي يفوق القدرة الاستيعابية لأي كادر طبي، خاصة في ظل ضعف الإمكانيات، ويضيف: "يجب على كُل صاحب تخصُص تقديم المُساعدة وفق استطاعته، بهدف التخفيف من الضغوط الهائلة التي يتعرض لها النازحون على مدار الوقت".
في الأثناء يصف الفلسطيني محمد الأسمر، وهو نازح في إحدى مدارس اللجوء وسط قطاع غزة، المُبادرات الفردية بأنها ذات أهمية كبيرة، "على الرُغم من بساطة أدواتها، إلا أنها تُشعِر النازحين ببعض الأمان، والمشاعر الإيجابية، وسط حالة الخوف، واليأس، والإحباط التي تُلازمهم طيلة الوقت، بسبب ظروفهم المعيشية الصعبة".
ويوضح الأسمر لـ "العربي الجديد" أنّ المدرسة التي لجأ إليها تشهد بعض المبادرات التي لا تحتاج إلى إمكانيات كبيرة، مثل مبادرة تنظيف الممرات، والحمامات، والمداخل، ورش العطر فيها، كذلك مبادرة توزيع بعض الحلوى والبسكويت على الأطفال، في ظل نفاد كافة المُسليات الخاصة بالأطفال، بسبب إغلاق المعابر والمنع الإسرائيلي لدخولها مُنذ بداية العدوان في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.


 

المساهمون