استمع إلى الملخص
- تلقى مياح رسالة عن تدنيس قبر عائلته في بورنلي، مما زاد من شعور الخوف بين المسلمين، ويدعو إلى ضبط النفس رغم الاستفزازات.
- أمينة بلايك تعبر عن قلقها من الهجمات على طالبي اللجوء، والحكومة البريطانية تعزز الإجراءات الأمنية في أماكن العبادة، مع زيارة رئيس الوزراء كير ستارمر لمسجد كخطوة إيجابية.
وسط العنف المسجّل أخيراً في إنكلترا والهجمات التي يتعرّض لها البريطانيون المسلمون والمهاجرون من قبل اليمين المتطرّف، لا يخفي هؤلاء الصدمة التي يشعرون بها. نور مياح واحد من المسلمين الذين لا يخفون قلقهم، ويخبر أنّه كان لا يزال طالباً في عام 2001 عندما هزّت أعمال شغب مدينة بورنلي ومدناً أخرى في شمال إنكلترا حينها، مع مواجهات بين الشرطة وبريطانيين شبّان يتحدّرون من جنوب آسيا، وذلك بعد سلسلة من الهجمات والحوادث العنصرية. وقد اتُّهمت السلطات يومها بأنّها لم تحمِ بصورة كافية الأقليات في وجه الناشطين اليمينيّين المتطرّفين.
واليوم، بعد مرور أكثر من عقدَين على تلك الأحداث، يتذكّر نور مياح تلك "المرحلة القاتمة" ويدعو الشبّان في جاليته إلى الهدوء. ويشير إلى تدنيس قبور تعود إلى مسلمين في مقبرة مدينة بورنلي، حيث المتحدّرون من باكستان وبنغلادش من كبرى الجاليات المسلمة فيها، في حين تشهد مدن مجاورة أعمال شغب معادية للمهاجرين ومعادية للمسلمين. ويخبر نور مياح، الذي أصبح سكرتيراً في مسجد محلي، وكالة فرانس برس كيف أنّ "عام 2001 مثّل مرحلة صعبة في بورنلي. وقد مضينا قدماً منذ ذلك الحين ونهضنا من جديد"، مشيراً إلى أنّ "لدى الجيل الجديد أملاً كبيراً".
وقبل أيام قليلة، تلقّى نور مياح رسالة من صديق كان قد قصد مقبرة بورنلي، أفاده فيها بأنّ الطلاء يغطّي شاهد قبر العائلة. ويلفت إلى أنّه "هرعت إلى المقبرة، حيث كانت عائلتان تبدوان قلقتَين جداً، ومضطربتَين". وإذ تحقّق الشرطة البريطانية في القضية التي أتت بدافع عنصري، يرى نور مياح أنّ "من قام بذلك يحاول استفزاز المسلمين، ليقوموا بردود فعل. لكنّنا نحاول الحؤول دون ذلك من خلال المحافظة على الهدوء. لا أحد يستحق ذلك".
وقد عزّز تدنيس المقبرة شعور الخوف المتنامي في صفوف المسلمين في بورنلي منذ اندلاع أعمال الشغب المعادية للمسلمين والمهاجرين، في الأسبوع الماضي. وأتت أعمال العنف هذه عقب اعتداء بسكين نُفّذ في مدينة ساوثبورت شمال غربي إنكلترا في 29 يوليو/ تموز الماضي، وقُتلت فيه ثلاث فتيات صغيرات، وذلك على خلفية شائعات بُثّت عبر الإنترنت تدّعي أنّ المشتبه فيه بعملية الطعن "طالب لجوء مسلم". في الواقع، وُلد منفّذ الهجوم في ويلز، أحد البلدان التي تشكّل المملكة المتحدة، وقد ذكرت وسائل إعلام أنّ أصول عائلته تعود إلى رواندا، من دون أن ترشح أيّ معلومات تتعلّق بديانته.
ويعبّر نور نياح عن قلقه على زوجته التي تتوجّه إلى المدينة واضعة الحجاب، كذلك طلب من والده التوقّف عن الذهاب إلى المسجد من أجل أداء الصلاة، "من أجل الحدّ من الوقت الذي يمضيه في الخارج". ويلفت قائلاً: "ساهمت في بناء هذا المسجد، حملت حجارة الآجر (...) لكنّه يتوجّب عليّ التفكير بأمن عائلتي وسلامتها"، آملا بألا تصل أعمال العنف التي تراجعت في الأيام الأخيرة إلى بورنلي.
وفي شيفيلد جنوباً، تعبّر أمينة بلايك، بدورها، عن قلقها. فعلى مسافة كيلومترات قليلة، هاجم مثيرو شغب فندقاً، قبل أيام، يؤوي طالبي لجوء ووقعت مواجهات عنيفة بينهم وبين قوات الشرطة. تقول أمينة بلايك، وهي عضو في مجلس إدارة مسجدَين محليَّين، إنّ "ثمّة شعوراً كبيراً بالخوف"، ولا سيّما في صفوف المسلمات اللواتي يخشى عدد منهنّ الخروج وهنّ يضعنَ الحجاب. وكما هي حال عائلة نور مياح في بورنلي، كذلك الأمر في شيفيلد حيث "تلازم نساء كثيرات المنزل هنا ولا يخرجنَ إلا برفقة رجل من العائلة"، بحسب ما تبيّن أمينة بلايك.
تجدر الإشارة إلى أنّ الحكومة العمالية البريطانية أعلنت أنّها عزّزت الإجراءات الأمنية في أماكن العبادة، بعدما استُهدف مسجد في ساوثبورت الأسبوع الماضي وعلق في داخله عدد من المصلّين. لكن في حين كان الغضب في اضطرابات عامَي 2001 و2011 ينصبّ على الشرطة، فإنّ القوى الأمنية تعمل اليوم مع ممثّلين عن المسلمين من أجل الدعوة إلى الهدوء وضبط النفس. وترحّب أمينة بلايك بهذا الدعم "غير المنتظر كثيراً"، الذي سمح بوضع "التشكيك والصعوبات التاريخية" مع الشرطة جانباً. وفي سياق متصل، زار رئيس الوزراء كير ستارمر، أمس الخميس، مسجداً في ساليهال بوسط إنكلترا.
(فرانس برس)