منظمة الصحة العالمية: شلل الأطفال لم يوقع ضحايا في غزة "حتى الآن"

19 يوليو 2024
بركة مياه صرف صحي في خانيونس جنوبي قطاع غزة، 19 يوليو 2024 (بشار طالب/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **اكتشاف الفيروس**: أعلنت منظمة الصحة العالمية عن اكتشاف ست عينات من متحور فيروس شلل الأطفال في مياه الصرف الصحي في غزة، دون تسجيل إصابات حتى الآن.
- **تحديات صحية**: الظروف الصحية المتدهورة في غزة بسبب الحرب الإسرائيلية المستمرة تزيد من خطر انتشار الأمراض المعدية مثل شلل الأطفال، خاصة في مناطق تجمعات النازحين.
- **جهود الاستجابة**: تعمل منظمة الصحة العالمية مع وزارة الصحة الفلسطينية ومنظمات دولية على تقييم المخاطر وتنفيذ حملات تحصين عاجلة لوقف انتشار الفيروس.

أفادت منظمة الصحة العالمية، اليوم الجمعة، بأنّ أيّ إصابة بفيروس شلل الأطفال لم تُسجَّل في قطاع غزة "حتى الآن"، وذلك بعد كشف هذا الفيروس في عيّنات من مياه الصرف الصحي، أمس الخميس. وأوضح المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس، في تدوينة على موقع إكس اليوم، أنّ ستّ عيّنات اشتملت على متحوّر فيروس شلل الأطفال من النمط 2، اكتُشف ذلك في دير البلح (وسط) وخانيونس (جنوب) في قطاع غزة، إنّما من دون كشف أيّ إصابة بالمرض.

وأشار المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية كريستيان ليندماير إلى أنّ شبكة المختبرات العالمية لشلل الأطفال عزلت، يوم الثلاثاء الماضي، فيروس شلل الأطفال الدائر المشتقّ من اللقاح من النمط 2 في العيّنات الستّ التي جُمعت في 23 يونيو/ حزيران الماضي. وشرح أنّ الفيروس رُصد في "عيّنات مراقبة بيئية هذه المرّة"، من دون تسجيل "أيّ حالات شلل أطفال حتى الآن". بدورها، أعلنت وزارة الصحة الإسرائيلية، أمس الخميس، أنّها توصّلت إلى النتائج نفسها.

الصورة
تجمعات مياه صرف صحي في دير البلح - وسط غزة - 17 يوليو 2024 (أشرف أبو عمرة/ الأناضول)
أحد تجمّعات مياه صرف صحي في دير البلح وسط قطاع غزة، 17 يوليو 2024 (أشرف أبو عمرة/ الأناضول)

ورأى ليندماير أنّ "هذا الاكتشاف مقلق جداً"، مضيفاً أنّه "كان متوقَّعاً، للأسف، إذ إنّ سكان قطاع غزة جميعاً حُرموا من تدخلات أساسية في الصحة العامة من شأنها الوقاية من انتشار الأمراض وكذلك السيطرة عليها، لمدّة تخطّت الأشهر التسعة"، أي منذ انطلاق الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

والتوقّع الذي تحدّث عنه ليندماير يدعمه الوضع القائم في قطاع غزة، إذ تطفح مياه الصرف الصحي في مناطق مختلفة من القطاع المحاصر والمستهدف، ولا سيّما في مناطق تجمّعات النازحين الذين هجّرتهم آلة الحرب الإسرائيلية، من بينها المخيمات. ففيروس شلل الأطفال ينتقل، في معظم الأحيان، عن طريق مياه الصرف الصحي والمياه الملوّثة، وهو شديد العدوى وقد يتسبّب في تشوّهات وشلل.

وفي تدوينته نفسها، أفاد غيبريسوس بأنّ منظمته إلى جانب وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) تُجري بالتعاون مع شركاء "تقييماً للمخاطر المتعلقة بنطاق انتشار فيروس شلل الأطفال والاستجابة اللازمة لوقف أيّ انتشار آخر، بما في ذلك حملات تحصين عاجلة". ولفت المدير العام لمنظمة الصحة العالمية إلى أنّ "معدّلات التحصين ضدّ شلل الأطفال في قطاع غزة كانت مثالية"، قبل الحرب.

وأوضح المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية، في هذا الإطار، أنّ نسبة الأطفال الفلسطينيين في قطاع غزة الذين تلقّوا اللقاح المضاد لشلل الأطفال قُدّرت بنحو 89%، في عام 2023 الماضي". أضاف أنّ معدّلات التحصين تتراجع، على خلفية الظروف الكارثية التي يواجهها الفلسطينيون كما المنظومة الصحية في غزة. وحذّر ليندماير من أنّ آلاف الأطفال دون الخامسة من عمرهم معرّضون لمخاطر الإصابة بشلل الأطفال وغيره من الأمراض التي يمكن الوقاية منها بعمليات تحصين باللقاحات اللازمة.

وإذ أكد غيبريسوس أنّ مخاطر الإصابة بأمراض يمكن تفاديها من خلال اللقاحات، بما في ذلك شلل الأطفال، تتزايد في قطاع غزة، أعاد ذلك إلى "تدمير المنظومة الصحية، وانعدام الأمن، وإعاقة الوصول (إلى الخدمات الصحية)، ونزوح السكان المستمر، والنقص في الإمدادات الطبية، وسوء جودة المياه وتخريب شبكات الصرف الصحي". وشدّد على أنّ ذلك "يشكّل خطراً على الأطفال ويخلق بيئة مثالية لانتشار أمراض من قبيل شلل الأطفال". وختم أنّ وقف إطلاق النار أمر ضروري حتى تُتاح استجابة فعّالة.

شلل الأطفال يهدّد بكارثة صحية في غزة

وثمة أمراض عديدة راحت تنتشر في قطاع غزة بعد خروجها عن السيطرة، في ظلّ انهيار المنظومة الصحية نتيجة استهدافها من قبل قوات الاحتلال. والاستهداف يأتي إمّا بقصف المستشفيات واجتياحها وتخريبها، وإمّا من خلال منع إدخال المستلزمات الصحية والطبية والأدوية نتيجة إحكام الحصار، وإمّا نتيجة منع إدخال الوقود اللازم لتشغيل المستشفيات وأجهزتها، وإمّا من خلال اعتقال أفراد من الطواقم الطبية والصحية وقتلهم. كذلك تهدّد الأمراض بانتشار أكبر في القطاع، بسبب الظروف القائمة وسط غياب النظافة والنزوح وتشديد الحصار، وكذلك اكتظاظ مناطق بحدّ ذاتها إلى حدّ يفوق التوقّعات.

وتحدّث ليندماير عن عرقلة الجهود التي تسعى إلى تحديد مسبّبات الأمراض التي يُصاب بها الفلسطينيون في قطاع غزة، بسبب عدم القدرة على إجراء الفحوص اللازمة، وذلك لـ"انعدام الأمن والقيود المفروضة على التنقّل"، يُضاف إلى ذلك "إغلاق معبر رفح الحدودي مع مصر" في إطار العملية الإسرائيلية الأخيرة على أقصى جنوبي القطاع. وشدّد ليندماير على "ضرورة وقف إطلاق النار" من أجل تعزيز حملات التحصين اللازمة وسدّ الثغرات التي تسبّبت فيها الحرب المتواصلة.

بدورها، دعت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة إلى "وقف فوري للعدوان الإسرائيلي" على الفلسطينيين في القطاع، من أجل تفادي أزمة صحية كبرى، لا سيّما وأنّ "مياه الصرف الصحي الراكدة وأكوام النفايات والأنقاض تمثّل بيئة مؤاتية" لانتشار مختلف الأمراض. وكانت الوزارة قد أفادت، في وقت متأخر من مساء أمس الخميس، بأنّ نتائج فحوص أُجريت على عيّنات من مياه الصرف الصحي التي تجري بين خيام النازحين، بالتنسيق مع منظمة يونيسف، بيّنت وجود فيروس شلل الأطفال، محذّرةً من "كارثة صحية حقيقية" إذ إنّ ذلك يعرّض آلاف السكان للإصابة بالمرض.

المساهمون