بعد قرار السلطات المصرية حفظ التحقيق بحق بعض المتهمين في القضية رقم 173 لسنة 2011 المعروفة إعلامياً بـ"قضية المجتمع المدني"، طالبت منظمات حقوقية مصرية بغلق القضية تماماً لا بحفظ التحقيقات مع بعض المتهمين فيها.
واعتبرت منظمات حقوقية مصرية أنّ حفظ التحقيقات مع مجموعة جديدة من المتهمين في القضية، يأتي في سياق أنّ المفاوضات بين الحكومتين المصرية والأميركية على المعونة العسكرية غير كافية، وأنه يجب غلق القضية ووقف حملة التنكيل بحق الحقوقيين المصريين والمجتمع المدني المستقلّ.
القضية ما زالت سارية مع منظمات المجتمع المدني الحقوقية، وهي متشابكة مع كل القضايا السياسية التي تؤرق النظام المصري الحالي كما أرّقت سابقيه، مثل قضايا التعذيب والإخفاء القسري والحريات الشخصية، وضمن هذه المنظمات: المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ومركز أندلس لدراسات التسامح والمساواة، والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان التي أعلنت وقف نشاطها الحقوقي تماماً أخيراً، وغيرها من المنظمات.
وفي بيان مشترك، أعربت منظمات حقوقية عن بالغ استنكارها لعدم غلق القضية 173 لسنة 2011 (المعروفة بقضية الانتقام من المنظمات الحقوقية) والمتواصلة على مدار 11 عاماً، واعتبرت أنّ حفظ التحقيق بحق بعض المنظمات المدرجة في القضية، في سياق مفاوضات بين الحكومتين المصرية والأميركية على المعونة العسكرية، لا يعني غلق القضية أو التوقف عن التنكيل المتواصل بالحقوقيين المتهمين وغير المتهمين فيها. إذ ما زالت بعض المنظمات رهن التحقيق في هذه القضية على خلفية اتهامات مختلقة تصل عقوبتها إلى السجن مدى الحياة، فضلاً عن استمرار سريان القرارات الصادرة بالتحفظ على الأموال والمنع من السفر بحق حقوقيين في هذه القضية، بما في ذلك عدد ممّن حُفظَت التحقيقات معهم.
فمن بين 32 حقوقياً وحقوقية ممنوعين من السفر في هذه القضية، لم يتمكن سوى 4 فقط من السفر، رغم قرار حفظ التحقيقات بحق معظمهم. هذا بالإضافة إلى عزم السلطات المصرية على الزجّ ببعض الحقوقيين في قضايا جنائية جديدة ذات طابع سياسي وأخرى تزعم التهرب الضريبي، وذلك لضمان استمرار التنكيل بهؤلاء الحقوقيين وشلّ قدرة ما بقي من المنظمات الحقوقية المستقلّة على توثيق جرائم حقوق الإنسان المرتكبة في مصر.
وعددت المنظمات أساليب التنكيل بالحقوقيين وترهيبهم والتي تشمل الاستدعاءات غير القانونية للعاملين بالمنظمات في مقار الأمن الوطني، وحملات التشويه والتشهير الإعلامية الممنهجة بحق المنظمات الحقوقية والعاملين فيها، واتهامهم بالخيانة والتحريض على قتلهم، وصولاً إلى التعدي بالضرب عليهم في الشوارع وتهديد حياتهم، مثلما حدث مع الحقوقي جمال عيد. فضلاً عن الزج بهم في السجون بتهم ملفقة مثل نشر أخبار وبيانات كاذبة، الأمر الذي سبق أن تعرّض له الزملاء في التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، والحقوقيون إبراهيم متولي وهيثم محمدين. كذلك تعرّض الباحث الحقوقي إبراهيم عز الدين، للإخفاء القسري والتعذيب الوحشي لعدة أسابيع قبل حبسه، ومدير مركز عدالة للحقوق والحريات، المحامي محمد الباقر، الذي صدر حكم تعسفي بحبسه 4 سنوات ووضعه على قوائم الإرهاب، والحقوقي بهي الدين حسن، مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، الذي صدرت بحقه أحكام غيابية بالسجن، بلغت 18 عاماً، بسبب عمله الحقوقي.
بالإضافة إلى تلفيق اتهامات والحكم بحبس الناشطة في مجال حقوق المرأة، أمل فتحي، زوجة مدير المفوضية المصرية للحقوق والحريات، التي صدر بحقها أخيراً حكم بالحبس لمدة عام.
وعليه، طالبت المنظمات بضمان استقلال وحرية عمل المنظمات الحقوقية، الأمر الذي يتطلب الإغلاق الفوري للقضية 173 ولكلّ ما ترتّب عنها من قرارات بحرمان عدد من الحقوقيين بعض حقوقهم المدنية.
كذلك طالبت بوقف استنساخ قضايا جديدة بأرقام مختلفة للتنكيل بالحقوقيين، ووقف حملة الانتقام والترهيب بحقهم، والإفراج الفوري عن المحتجزين منهم، وإسقاط الحكم القضائي الجائر بحق محمد الباقر، والأحكام القضائية الغيابية التي استندت إلى اتهامات ملفقة بحق أمل فتحي وبهي الدين حسن.
التحقيق في قضية تمويل منظمات محلية وأجنبية بدأ في الأساس، في يوليو/تموز 2011، بعد 5 أشهر من سقوط الرئيس المخلوع، حسني مبارك، وأدى بالفعل إلى إدانة وإغلاق مكاتب 5 منظمات دولية غير حكومية في مصر، وعدد من المنظمات الحقوقية وكيانات المجتمع المدني المصرية، وتولت التحقيق لجنة من 3 قضاة اختارتهم محكمة استئناف القاهرة بناءً على طلب وزارة العدل.
وأصبحت مقاضاة قيادات المنظمات غير الحكومية المصرية المستقلة، على خلفية اتهامات مرتبطة بنشاطاتهم في مجال حقوق الإنسان تشكل خطراً وشيكاً على استمرار عمل تلك المنظمات في مصر.