مكملات غذائية "تتلاعب" بصحة الجزائريين

09 يناير 2023
الجزائريون ضحايا بيع "الوهم الصحي" للمكملات الغذائية أحياناً (رياض قرمدي/ فرانس برس)
+ الخط -

يثير استخدام المكملات الغذائية وبيعها الجدل في الجزائر، بخاصة مع انتشار ما تصفهم جمعيات حماية المستهلك والأطباء بـ"باعة الوهم الصحي"، من خلال إعلانات تبثها وسائل إعلام، أو عبر حملات ترويج تستعين بمؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، وتعلن أنّ المنتجات تعالج بعض الأمراض، من دون أن يملك بعضها تراخيص من السلطات الصحية. 
وخلال الفترة الماضية غزا القنوات ووسائل التواصل الاجتماعي في الجزائر، إعلان تلفزيوني أظهر سيدة تلحّ على شخص حتى يتناول مكملاً غذائياً معيناً، تشدد على أنه ناجح في معالجة الضرر الصحي.

وأثار هذا الإعلان بسرعة نقاشاً واسعاً حول المكملات الغذائية وجدواها، ومدى مطابقتها المعايير الصحية، ما أعاد الجدل الذي دار قبل نحو ست سنوات حول منتج دوائي حمل اسم "أر أش بي" رُوِّج له باعتباره دواءً يشفي نهائياً من مرض السكري المزمِن، لكنه صُنّف بعد الجدل بأنه أحد منتجات المكمّلات الغذائية. ووصفت عمادة الصيادلة والأطباء في الجزائر حينها ما حصل بأنّه "تلاعب في صحة الجزائريين"، ما دفع وزارة الصحة إلى سحب المنتج من كل الصيدليات، لكن الحكومة لم تضع لاحقاً تشريعات كافية وملائمة لتنظيم سوق المكمّلات الغذائية، ما جعل الملف يراوح مكانه.
وتفسّر خريجة كلية الصيدلة المتخصصة في صناعة الدواء، كريمة صيودة، زيادة استهلاك المكملات الغذائية في الجزائر بانخفاض القدرة الشرائية للمواطنين وارتفاع أسعار الأدوية. وتقول لـ"العربي الجديد": "رواج المكملات الغذائية يعود إلى انعدام الرقابة على هذه المنتجات وتزايد الطلب عليها، كذلك جعلت الظروف الاجتماعية والاقتصادية السائدة، المكملات ملاذاً لكثيرين بعيداً عن مراجعة الطبيب وتناول أدوية باهظة الثمن، في مقابل منتجات في المتناول، وكذلك للترويج غير المحدود لمغريات الأسعار المنخفضة، واللعب على وتر جيوب الناس، رغم أنّ بعض المكملات الغذائية مجهولة المكونات وغير مضمونة الفعالية".

منتجات المكملات الغذائية في متناول الجميع (رياض كرامدي/ فرانس برس)
منتجات المكملات الغذائية في متناول الجميع (رياض قرمدي/ فرانس برس)

وفيما يطرح السؤال عن آليات حماية صحة المواطنين من مكملات غذائية غير مضمونة أو لا تخضع للمعايير المطلوبة، تؤكد الصيدلانية كريمة بوكلوز في حديثها لـ"العربي الجديد" أنّه "بعيداً عن التعميم، تباع مواد لا يعرف تأثيرها في الصحة العامة. وخلال أزمة وباء كورونا رُوِّج لمكملات باعتبارها تعالج أعراضاً، أو تصنّف بين وصفات علاج مثل الفيتامينات والأملاح المعدنية. وفي كل الأحوال، يجب أن تهتم الحكومة بهذه المسألة وتتابعها، وتحسين التنسيق بين القطاعات المعنية، ووضع دليل قانوني للمكملات الغذائية وطرق استعمالها برعاية وزارة الصحة".
وخلال الأسبوع الأخير من ديسمبر/ كانون الأول الماضي، منعت السلطات الإعلانات التلفزيونية للمكملات الغذائية التي لا تحمل ترخيصاً. وأصدرت هيئة ضبط السمعي البصري قراراً منع القنوات من عرض إعلانات لمكملات غذائية توصف بأنها أدوية علاجية، ووصفت هذا الأمر بأنّه "تضليل للمواطنين".
وطالبت سلطة ضبط السمعي البصري بضبط آليات الترويج الإعلامي لهذه المواد والمطالبة بضرورة تنسيق مختلف المصالح في شأن موضوع منتجات المكملات الغذائية، وبينها الوكالة الوطنية للأمن الصحي، وهو ما ترجم فعلياً عبر تجميد الوكالة وصف مكملات غذائية بمزاعم معالجة أمراض والوقاية منها، والتشديد على أهمية التزام وضع الرمز العمودي (كود بار) على رزم المكملات الغذائية. كذلك فرضت الوكالة تقديم رخصة تصنيف منتج المكمل الغذائي الممنوحة من قبل وزارة الصحة قبل بثّ أي إعلان.

ويؤكد الدكتور بن حرة عبد الهادي، المتخصص في الجهاز الهضمي، لـ"العربي الجديد"، أنّ "المكملات الغذائية غير مصنفة بأنها أدوية، لكنها تروّج وتباع في الصيدليات كأدوية تساعد في تخفيف آلام بعض الأمراض، مثل القولون العصبي وآلام الظهر والصداع النصفي. وقد توجّه البعض إلى بيع بعض المكمّلات لفتح الشهية أو العكس للتخسيس أو التنحيف، كما تحوّل البعض الى سوق سوداء". 
ويكشف تقرير سابق نشرته الفيدرالية الجزائرية للصيدلة وجود نشاط لأربعة آلاف منتج وبائع للمكملات الغذائية. وخلال لقاء أخير عقده وفد من المجلس الوطني لعمادة الصيادلة الجزائريين مع وزير الصناعة الدوائية علي عون، طالب الوفد الحكومة بتشريع سوق المكملات الغذائية، في ظل انتشار غير مسبوق لبعض المكملات. وطالب بتشديد الرقابة على هذه المكملات وجعلها كمواد صيدلانية إذا ثبت نجاحها وفاعليتها وعدم إضرارها.

المساهمون