مقرر الفلسفة يواجه أزمة في الكويت

18 ديسمبر 2021
يستعدون للدخول إلى المدرسة (ياسر الزيات/ فرانس برس)
+ الخط -

يشكو معلّمون غياب الجدية في تعليم مقرر الفلسفة في المدارس الكويتية في ظل تدخل وزارة التربية المستمر للحد من المواد وتهميش المقرر، وقد بات شبه ملغى بحكم الأمر الواقع. وتُطالب التيارات الدينية والقوى الاجتماعية المحافظة بضرورة منع المنهاج لتعارضه مع الشريعة الإسلامية. 
وكانت اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية قد قدمت مقترحاً لأمير البلاد الراحل صباح الأحمد الصباح عام 2008، بـ "إعادة النظر في تدريس مادة الفلسفة في المدارس الثانوية". وقالت اللجنة إن "مقرّر الفلسفة في الثانوية العامة يشمل مخالفات شرعية والأفضل الاتفاق على اختيار بديل مناسب يراعي مستوى الطالب في هذه المرحلة التي تحتاج إلى تثبيت العقيدة وليس زعزعتها". لكن هذا المقترح لم يتم تطبيقه قط، بل إن اللجنة العليا للعمل على استكمال أحكام تطبيق الشريعة الإسلامية أنهيت بعد ذلك بأعوام. 
وكانت الكويت تعدّ البلد الخليجي الوحيد الذي يدرّس الفلسفة في المدارس الثانوية. يوجد في البحرين منهاج خاص بـ "المشكلات الفلسفية" شبيه بالفلسفة. إلا أن الكويت كانت البلد الخليجي الوحيد الذي يدرس الفلسفة، وقد كتبه الأكاديمي والمترجم المصري المتخصص في الفلسفة والعلوم الإنسانية إمام عبد الفتاح إمام، قبل أن تقرر السعودية والإمارات إضافة المناهج الفلسفية إلى مدارسها خلال السنوات الثلاث الأخيرة. 

طلاب وشباب
التحديثات الحية

ويقول أحد مدرّسي الفلسفة في الكويت لـ "العربي الجديد": "تعرض منهاج الفلسفة للحذف والتشويه بسبب التدخلات المستمرة من قبل وزارة التربية، حتى أصبحنا ندرس منهاجاً لا يشبه الفلسفة. إذ يرتكز تدريسنا على مجموعة من المقولات العامة جداً، ويمنع المدرس منعاً باتاً من التحدث خارج المنهاج الفلسفي". يضيف المدرس الذي فضل عدم الكشف عن اسمه لـ "العربي الجديد": "لو أردت أثناء شرحي للمقولات العامة الفلسفية ضرب مثال للتلميذ، فإن هذا المثال ممنوع لأنه من خارج المنهج. وسبب منع إعطاء الأمثلة هو الخوف من التأثير على التلاميذ فلسفياً لأن الكثير من مدراء المدارس والمعلمين يرون أن أساتذة الفلسفة هم مجموعة من مخربي عقول الأطفال ويجب عدم السماح لهم بالتأثير على التلاميذ". 
ويرى معلمو الفلسفة الذين تحدثت إليهم "العربي الجديد" أن النظرة لمنهاج الفلسفة داخل السلك التربوي في الكويت تتراوح ما بين التوجس والازدراء إلى درجة قيام وزارة التربية عام 2016 بحذف المنطق ومربع أرسطو، وإلغاء المنهاج الذي وضعه عبد الفتاح، ثم إصدار وزارة التربية قراراً بالسماح لمعلمي مواد التاريخ والجغرافيا وعلم النفس تدريس مادة الفلسفة في المدارس الثانوية، ما يعني اعتماد "معلمين غير خبراء" لتعليم التلاميذ.  

وعلى الرغم من أن الفلسفة لا تدرس في الكويت إلا لتلاميذ الصف الثاني عشر في المدارس الثانوية (الثانوية العامة)، إلا أنها تواجه حرباً شرسة كما يقول معلم فلسفة آخر لـ "العربي الجديد" فضّل عدم الكشف عن اسمه. ويؤكد أن دول الخليج الأخرى وعلى رأسها السعودية والإمارات بدأت تدريس الفلسفة، كما أن السعودية التي تعد سابقاً دولة متشددة من الناحية الدينية افتتحت أحد أكبر الملتقيات الفلسفية وهو "مؤتمر الرياض الدولي الفلسفي" الذي حاضر فيه كبار فلاسفة العالم وأقيم برعاية حكومية سعودية. 
من جهته، يقول مدرس اللغة العربية في إحدى المدارس الثانوية في منطقة الفروانية التعليمية سعود المطيري، لـ "العربي الجديد"، إن المشكلة لا تتعلّق بمناهج الفلسفة بل بفشل منظومة التعليم بشكل عام في البلاد، واضطرار مسؤولي المناهج إلى تخفيض مستوى كافة المقررات كاللغة العربية أو الإنكليزية أو الرياضيات أو الفلسفة بسبب تدني مستوى التلاميذ، مستبعداً أن يكون تقليص المسؤولين التربويين لمنهج الفلسفة أمراً يحمل أبعاداً أيديولوجية. 
لكن المطيري، الذي يعمل في مجموعات تطوعية تحاول تحسين وضع المناهج في الكويت، يؤكد أن الكثير من مسؤولي وزارة التربية يرى أن مناهج الفلسفة غير مهمة لأنها تضيف عبئاً على الطالب، كما هو الحال مع مناهج التربية الوطنية سابقاً وغيرها من مناهج فرعية أخرى. 

طلاب وشباب
التحديثات الحية

ولم تعلق وزارة التربية على طلب "العربي الجديد" الحديث عن ما يدعيه معلمو الفلسفة من محاولات منها لإنهاء وجود منهاج الفلسفة وتعلق عمليات الحذف المستمرة داخل منهاج الفلسفة بضغط التيارات الدينية داخل الوزارة، أو بمحاولة تسهيل المناهج على التلاميذ في ظل تدني مستويات التعليم في البلاد. 

المساهمون