استمع إلى الملخص
- عمليات الإنقاذ ورفع الأنقاض: تتواصل عمليات الإنقاذ بمشاركة جهات متعددة، حيث تم انتشال جثامين 62 شهيداً ونحو 70 جريحاً، مع استمرار البحث عن المفقودين تحت الركام.
- تأثير القصف على العائلات: تعيش العائلات المتضررة حالة من الحزن والانتظار، حيث فقدت العديد من الأسر أفرادها تحت الأنقاض، مما يزيد من حجم المأساة الإنسانية.
استهدف جيش الاحتلال الإسرائيلي يوم الأحد مبنيين في منطقة عين الدلب بمدينة صيدا اللبنانية يضمان 10 شقق يسكنها مدنيون لبنانيون ونازحون فلسطينيون وسوريون. لم يكن السكان يتوقعون أن يتم استهداف بيوتهم، ولا يزال أهالي الضحايا والمفقودين الذين دفنوا تحت الأنقاض، وكذا سكان المباني المجاورة يعيشون صدمة القصف، فقد انهار المبنيان بسرعة البرق.
وبينما بدأ بعض الأهالي يدفنون شهداءهم، أكدت مصادر محلية، أن إجراء اعتماد الدفن في مقابر جماعية مرده تكريم الشهداء الأبرياء، كونهم استشهدوا في جريمة لا توصف قساوتها، وأنه تقرر إقامة نصب تذكاري لهم في المدينة.
بدوره، أعلن مفتي صيدا وأقضيتها، الشيخ سليم سوسان، إقامة مراسم تشييع لشهداء مجزرة عين الدلب، ظهر الثلاثاء، في مقبرة سيروب، تكريما لهم. وجاء في بيان رسمي، أنه "بعد التشاور مع المرجعيات السياسية والدينية والاجتماعية والمدنية، وبالتواصل مع بعض الأهالي، أبلغونا أنهم يفضلون دفن شهدائهم بحسب شعائرهم الدينية، كما أن عضوا في مجلس بلدية حارة صيدا، أبلغنا بأنهم لن يدفنوا شهداءهم في مقابر جماعية، لكن إذا كان الشهداء من عائلة واحدة يمكن دفنهم مع بعضهم، ولكل عائلة الحق في دفن موتاها كما تشاء، حتى لو تم دفن أحدهم بصورة مؤقتة إلى أن يعود أهله إلى بلدتهم، وعندها يتم نقل الجثمان إلى مدافن عائلة الشهيد".
اعتماد الدفن في مقابر جماعية مرده تكريم شهداء مجزرة عين الدلب
وتتواصل عمليات رفع الأنقاض بحسب عاملين في جهات الإنقاذ، إذ لا يزال تحت الركام مفقودين. يقول عضو بفوج الإطفاء الفلسطيني، محمد المحمد، وهو من سكان مخيم عين الحلوة للاجئين: "بعد استهداف المبنيين السكنيين بصواريخ العدو الإسرائيلي، توجهنا إلى المكان للعمل على رفع الأنقاض، وبالفعل استطعنا انتشال جثامين عدد من الشهداء، والذين بلغ عددهم 62 شهيداً، فضلاً عن نحو 70 جريحاً، وما زلنا نعمل على رفع الأنقاض، وهناك صعوبات كبيرة في ظل تهدم المبنيين بشكل كامل". يتابع المحمد: "نعمل بدوامين، فريق يعمل صباحاً، وفريق يعمل مساءً، والعمل على رفع الأنقاض يتواصل على مدار الساعة، ولا يزال هناك شهداء تحت الركام، إذ إن هناك شقة في طابق سفلي علمنا لاحقاً أنها كانت تضم نحو ثلاثين نازحاً، وكل هؤلاء لم نصل إليهم بعد، كما أن هناك شقتين أو ثلاثا كان فيها كثير من الأشخاص، وتم إجلاء جميع الأحياء إلى المستشفيات لتلقي العلاج".
يضيف: "تتشارك أكثر من جهة في رفع الأنقاض، فهناك الدفاع المدني اللبناني، وكشافة الرسالة، وفوج الإطفاء الفلسطيني، وكل مجموعة تعمل في نقطة، والعمل قائم من خلال جرافات، وإذا تبين أن هناك شخصا أو جثمانا نعمل على انتشاله من خلال الحفر بالمعدات الخاصة. كلنا مصدومون مما حصل، وشخصياً لم أكن أتوقع أن أرى هذا المشهد، فالمبنيان سويا بالأرض كأنه لم يكن يعيش فيهما بشر".
ويقول أحد أقارب عائلة البابا التي كانت ضمن سكان المبنيين المدمرين، إن أقاربه كانوا يسكنون في الطابق الأول من أحد المبنيين، وهم أربعة أشخاص، نجا واحد منهم لأنه كان في الحمام وقت القصف، والثلاثة الباقون لا نعرف مصيرهم بعد، وننتظر انتهاء عمليات رفع الأنقاض، ولا نظن أنهم على قيد الحياة.
تمسك السيدة أم علي بيديها ألبوماً يضم صوراً لابنتها وأحفادها، وتقول: "تسكن ابنتي في الطابق الثاني من أحد المبنيين مع زوجها وأولادها الثلاثة، ولم يخرجوا لي من البيت سوى صورهم. لا أعرف عنهم شيئاً، وأعمال رفع الأنقاض لم تكتمل بعد، والكثير من الناس مثلي ينتظرون انتهاء رفع الأنقاض على أمل أن يخرج أحد من ذويهم على قيد الحياة". بدورها، دفنت عائلة المرضعة شهداءها، كانوا ثمانية أشخاص في البيت، واستشهد سبعة منهم، بينما نجت طفلة هي حفيدة صاحب البيت الذي لم يكن قد مر سوى خمسة عشر يوماً على سكنه في تلك البناية.
يقول عنصر في الدفاع المدني اللبناني، رفض التصريح باسمه: "ما زلنا نعمل على رفع الأنقاض، ولا نعرف تحديداً عدد الأشخاص الذين تحت الأنقاض، وكل فترة تأتينا تحديثات حول الأعداد، لكن يسبب مرور الوقت، وكذا حجم الضربة التي أدت إلى انهيار المبنيين، لا نعتقد أننا سنجد أحياء تحت الأنقاض". يؤكد الطالب الجامعي خالد عكرة، من مدينة صيدا، أن عدداً من أقارب أمه ما زالوا تحت الأنقاض، وأنه عرف بعد وصوله إلى المكان أن زميلة له على مقاعد الدراسة استشهدت في القصف، ويقول: "ما حصل جريمة جديدة، والعدو استهدف البناية رغم أنه لا يسكنها إلا مدنيون".