معوقو المغرب... شروط مجحفة في التعليم والتوظيف

16 مارس 2023
يعاني معوقو المغرب بسبب السياسات (جورج جوريرو/ فرانس برس)
+ الخط -

تطالب العديد من المنظمات المعنية بالأشخاص ذوي الإعاقة في المغرب السلطات الحكومية بتمكينهم من حقهم في الحصول على عمل، واحترام القوانين المتعلقة بإدماجهم في الوظيفة العمومية، ومراعاة المكفوفين في مسابقات التوظيف، إلى جانب ضرورة تفعيل بطاقة المعوق، وإتاحة مجانية استخدام وسائل النقل العام الرابطة بين المدن لهم، وتزويد القطارات بمقاعد لذوي الاحتياجات الخاصة، أو تخصيص قاطرات كاملة لهم، والبحث عن معايير علمية عملية لتفعيل توفير واستخدام تلك الوسائل.
يقول رئيس جمعية "أمل الأحرار" لذوي الاحتياجات الخاصة في شتوكة آيت باها (جنوب)، محمد بركيك: "من غير المقبول أن يحرم شخص من منحة الدراسة الجامعية في الألفية الثالثة بقوة القانون لأنه يعاني من أحد أنواع الإعاقة، ولا يعرف بأي ذنب يتم إقصاء آلاف المعوقين سنوياً من مسابقات التوظيف في القطاعات الحكومية؟".
ويضيف بركيك، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الأشخاص في وضعية إعاقة يصطدمون عادة بصعوبات إضافية خلال فترة التحصيل الدراسي، وأغلبهم لا يلتحق بالمدارس في سن مبكرة، ما يجعل المدة الزمنية التي يستغرقها مسارهم التعليمي تزيد عن المدة المفترضة لاستيفاء مراحل التعليم، وفي ظل هذا الوضع يجد الغالبية منهم أنفسهم قد تجاوزوا عتبة السن المحددة قانوناً للاستفادة من المنح الجامعية، وكذلك الخاصة بالسكن في الأحياء الجامعية، حتى إنهم بعد الحصول على الشهادات الجامعية أو المهنية يتم إقصاؤهم من اجتياز مباريات التوظيف، والتي يحدد القانون 30 سنة كسقف لاجتيازها".

قضايا وناس
التحديثات الحية

ويلفت إلى أنه "في حين يتعيّن على الحكومة مراعاة خصوصيات الأشخاص المعوقين، نجد أن مرسوماً صدر في 15 مايو/أيار 2019، حول شروط الاستفادة من المنح الدراسية الجامعية، وهو لا يراعي خصوصية حالاتهم بالمرة، إذ ينص على عدم تجاوز عمر المتقدم للمنحة 26 سنة، وهو أمر صعب التحقق بالنسبة للمعوقين الذين يحصلون على شهادة البكالوريا في سن أكبر من أقرانهم، وتجاوز هذه المعضلة الكبيرة يقتضي إصدار دورية داخلية بين وزارة الأسرة والتضامن ووزارة التعليم العالي والمكتب الوطني للأعمال الاجتماعية، تتيح للمعاقين الحاصلين على البكالوريا الالتحاق بالجامعة والحصول على المنح الدراسية حتى عمر 27 أو 28 سنة".

تمييز قانوني
يتابع بركيك: "ما عاشه المعوقون من معاناة خلال حياتهم يقتضي تحفيزهم وتشجيعهم وليس التضييق عليهم، والأمر يتعلق بحالات إنسانية يتعين دعمها، فهم غير مسؤولين عن وضعية الإعاقة، لذا يتعين تعديل المرسوم الحكومي لاستثنائهم من أية شروط، وهذا حق لهم وليس امتيازاً، كما يتعين وضع حد للمعاناة التي يتعرصون لها بعد الحصول على الشهادة الجامعية عبر إلغاء سقف سن التوظيف القائم حالياً".
بدوره، يؤكد "المنتدى المغربي للحق في التربية والتعليم" (غير حكومي) أن حرمان الطلاب المعوقين من منحة التعليم، ومن السكن الجامعي، ثم حرمان المتخرجين منهم من اجتياز مباريات التوظيف لأسباب تتعلق بشرط السن، هو في الحقيقة "تمييز بسبب الإعاقة التي تحول بينهم وبين نيل شهادات التخرج في الوقت المشترط قانوناً"، داعياً الحكومة إلى "اتخاذ كافة التدابير التشريعية والتنظيمية لإسقاط شرط السن الذي بات يحرم كثير من المعوقين من الاستفادة من خدمات الدولة ومرافقها".

معوقون غاضبون في المغرب (فاضل سنا/فرانس برس)
معوقون غاضبون في المغرب (فاضل سنا/ فرانس برس)

ويقول رئيس المنتدى، هشام الهواري، لـ"العربي الجديد"، إن "الواقع يشهد بأن وضعية الفقر والهشاشة تكاد تلازم غالبية الأشخاص في وضعية إعاقة، ويتزامن ذلك مع غياب العناية المفترضة من السلطات لتذليل الصعوبات التي يواجهونها، ومن بينها عدم التحاقهم بصفوف الدراسة في سن مبكرة، كما أن ضعف البرامج التعليمية المخصصة لاحتوائهم وإدماجهم الحقيقي في المجتمع يجعل الفترة التي يقضونها في إنهاء التعليم المدرسي والتأهيلي تطول بالقدر الذي يجعل أعمارهم تتجاوز السن المسموح به قانوناً للاستفادة من مجموعة من الحقوق الأساسية، كالمنحة الجامعية، واجتياز مباريات التوظيف".

تفعيل السياسات
ويتابع الهواري: "نركز في المنتدى على هذه المظلومية التي تطول الطلبة في وضعية الإعاقة، لأن وقعها النفسي والمادي عليهم أقسى من غالبية ما يتعرضون له من انعدام التيسير البيداغوجي في المدرسة والجامعة. يثبت كثير من الطلاب المعوقين أنهم قادرين على تحدى الكثير من الصعاب، وينتظرون الاعتراف بتميزهم ونجاحهم، فيواجهون بالإقصاء، ويعاب عليهم العمر الذي قضوه في الجد والاجتهاد لإنهاء الدراسة. الحكومة تتحمل مسؤوليات تجاه الطلبة في وضعية الإعاقة، وأولها أن تسقط شروط السن التي تمنع استفادتهم من الحقوق الأساسية، مثل التعليم والتوظيف".
وينص الفصل 34 من الدستور المغربي على أن تقوم السلطات العمومية بوضع وتفعيل السياسات الخاصة بالأشخاص والفئات من ذوي الاحتياجات الخاصة، ولهذا الغرض تسهر على معالجة الأوضاع الهشة لفئات من النساء والأمهات، والأطفال، والأشخاص المسنين، ووقايتهم من تلك الأوضاع، وإعادة تأهيل الأشخاص الذين يعانون من إعاقة جسدية، أو حسية حركية، أو عقلية، وإدماجهم في الحياة الاجتماعية، وتيسير تمتعهم بالحقوق والحريات المعترف بها للجميع.

وكشف البحث الوطني حول الإعاقة الذي تم إنجازه منتصف عام 2014 أن نسبة انتشار الإعاقة في المغرب وصلت آنذاك إلى 6,8 في المائة، وحسب نتائج البحث الذي أعلنت عنه وزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة في أبريل/نيسان 2016، فإن أسرة واحدة تقريباً من بين كل 4 أسر مغربية معنية بمشكلات الإعاقة، بنسبة 24,5 في المائة.
ووفق ذات الوثيقة، فإن معدل بطالة الأشخاص في وضعية إعاقة خفيفة يقدر بنحو 47 في المائة، والعدد يتجاوز 290 ألف شخص، وهذا المعدل أعلى بأربعة أضعاف من المعدل الوطني للبطالة المسجل خلال فترة إنجاز البحث، والذي بلغ 10,6 في المائة، في حين يصل معدل البطالة في صفوف الأشخاص في وضعية إعاقة متوسطة إلى عميقة إلى 67,75 في المائة.

المساهمون