طالبت أسرة نجل القيادي البارز بجماعة الإخوان المسلمين في نصر أنس البلتاجي، بالحرية له، وذلك في رسالة إلى مجهول عبر الصفحة الخاصة على "فيسبوك".
وقالت العائلة في رسالتها "في الحقيقة، فإنّ خروج مجاميع من الناس يحسن نفسية البقية من دون ربط منطقي عقلاني وحسابات قد تؤدي إلى لا شيء. نعلم أن أنس حالة ميؤوس من خروجها، لكن هناك كلمتين لأصحاب الشأن الدكتور محمد البلتاجي وابنه أنس. أما بخصوص الدكتور محمد البلتاجي، فحضرتك فاصل عن ابنه أنس، رغم تدهور حالته الصحية. وأما بخصوص ملف أنس فهو لديكم منذ عشر سنوات".
وأفرجت السلطات الأمنية على مدار الأشهر القليلة الماضية عن عدد ضئيل جداً من السجناء السياسيين في قضايا الرأي والحريات، بالإضافة إلى قرارات إخلاء سبيل لمساجين مجهولين في قضايا سياسية عدة. لكن يبقى الحل الوحيد الملموس بالفعل لاستشعار جدوى الإفراج عن المعروفين والمجهولين على حد سواء، وهو الإفراج دفعة واحدة عن جميع معتقلي قضايا سياسية محددة، أو حتى على مستوى ملفات القضايا، كالإفراج دفعة واحدة عن المحبوسين احتياطياً، أو عن كبار السن والمرضى، وفقاً لمنظمات حقوقية مصرية.
ومنذ إصدار رئيس الجمهورية قراراً بإعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي في 26 إبريل/نيسان الماضي، طالبت المنظمات الحقوقية بمعايير وضوابط واضحة ومعلنة لقرارات إخلاء السبيل أو العفو عن المحتجزين، سواء المحكوم عليهم أو رهن الحبس الاحتياطي على ذمة قضايا سياسية، على أمل أن يستهدف القرار في المقام الأول الإفراج عن جميع المحتجزين بتهم سياسية أو بسبب آرائهم. إلا أن عدم الالتفات للمعايير والضوابط المطلوبة أدى إلى تضارب عمل اللجنة والالتفاف على اختصاصها.
وأضافت أسرة أنس البلتاجي في رسالتها: "بالعودة لملف أنس، حضرتك أفرجت عن بقية إخوته الذين احتجزوا منذ سنوات. أفرج عنهم ولم يتسببوا في أي قلق ولا يكتبون شيئاً على مواقع التواصل الاجتماعي، ولا لهم أثر حرفياً عايشين حياتهم الاجتماعية فقط. وأنس نفس الكلام؛ لو أفرجت عن أنس في موجة إخلاء السبيل من النيابة ستكون بمثابة لفتة جيدة كشخص محسوب على التيار الإسلامي ولا يوجد منه قلق. نعلم أنكم لستم قلقون من أنس وأنه في السجن لأنه لا فائدة من خروجه، كما لا فائدة من حبسه. لكن لقطة خروجه ستساهم في دعاية لطيفة أن حضرتك تفرج عن أناس من كل التيارات".
وتشير تقديرات غير رسمية صادرة عن منظمات حقوقية مصرية، إلى أن عدد السجناء السياسيين في مصر يبلغ حوالي 114 ألف سجين، أي ما يزيد عن ضعف القدرة الاستيعابية للسجون والتي قدّرها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في ديسمبر/ كانون الأول 2020 بـ 55 ألف سجين. وبحسب تقرير صادر عن منظمة العفو الدولية في يناير/ كانون الثاني 2021، فقد قدرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان عدد السجناء والمحبوسين احتياطياً والمحتجزين في مصر حتى بداية مارس/ آذار 2021 بنحو 120 ألف سجين، بينهم نحو 65 ألف سجين ومحبوس سياسي، وحوالي 54 ألف سجين ومحبوس جنائي. وبلغ عدد السجناء المحكوم عليهم إجمالاً نحو 82 ألف سجيناً، وعدد المحبوسين احتياطيا إجمالاً حوالي 37 ألف محبوساً احتياطياً.
وأنهت أسرة أنس البلتاجي رسالتها قائلة: "في الحقيقة نحن لا نعاند معكم، ولا في معركة قائمة من أساسه. وهذا مجرد اقتراح نكتبه هنا لأنه لا مكان آخر ولا أحد نذهب إليه ونتكلم معه".
صيغت استغاثة أسرة أنس البلتاجي وكأنها نداء إلى مجهول، أو استغاثة لجهاز أمني، أو حتى مخاطبة مباشرة مع مصر بكل أجهزتها الأمنية الحاكمة. هكذا طور أهالي السجناء السياسيين أساليبهم في التواصل مع الجهات الأمنية الحاكمة والمسؤولة عن ملف السجون.
يشار إلى أنس محمد البلتاجي هو نجل القيادي البارز في جماعة الإخوان المسلمين والنائب السابق محمد البلتاجي، كان طالباً يبلغ من العمر 19 عاماً في جامعة عين شمس يستعد لأداء امتحاناته الفصلية عندما اعتقلته قوات الأمن في مدينة نصر في 31 ديسمبر/ كانون الأول 2013، مع اثنين من أصدقائه.
ومنذ اعتقاله قبل حوالي ثماني سنوات ونصف السنة، رفعت الحكومة المصرية ست قضايا ضد البلتاجي، وبرأته في أربع قضايا قيد الاستئناف، وحكمت عليه بالسجن لمدة عام في قضية لم يكن يعرف عنها شيئاً، ووجهت إليه تهماً زائفة في القضيتين المعلقتين ضده من خلال تجديد التهم السابقة، وكل ذلك بهدف وحيد هو إبقائه مسجوناً إلى أجل غير مسمى خلال الحبس الاحتياطي.
هذه الصيغة التي تعكس عجز أهالي السجناء السياسيين عن التواصل مع أي جهاز أو جهة أو شخص، تبنتها أسر أخرى مثل أسرة الناشط السياسي البارز علاء عبد الفتاح. واعتادت شقيقة الأخير منى سيف على كتابة نداءات واستغاثات بصيغ مجهولة لمسؤولين عن ملف شقيقها، فكتبت سابقاً على سبيل المثال عبر "فيسبوك"، مخاطبة مسؤولين مجهولين تعلم أنهم يتابعونها ويتربصون بكل ما تكتبه هي أو أفراد أسرتها: "عاوزين الواد وعايزين نمشي يا جماعة. مش ممكن تبقى دولة كاملة مصرة تموته في السجن ولا تسيبه وتسيبنا نتعافى من كل الجنون اللي مرينا به واستحملناه.. هل الأمن هيستتب لو علاء مات في السجن؟ هل السيسي هيرتاح وينتعش لو علاء مات في السجن؟ هل الناس هتبطل تشتكي من صعوبة الأحوال لو علاء مات في السجن؟".
يشار إلى أن علاء عبد الفتاح، الحاصل على الجنسية البريطانية، مضرب عن الطعام منذ الثاني من إبريل/ نيسان الماضي، في معركته الأخيرة التي يحدد فيها علاقته مع السجن. إما يخرج منه للأبد إلى بريطانيا حيث حصل على الجنسية، أو يواصل إضرابه حتى الموت.
ومؤخراً، عدل عبد الفتاح مطالبه من الإفراج عنه وسفره إلى بلده الثاني بريطانيا إلى "الإفراج عن كل المحتجزين داخل مقرات الأمن الوطني. الإفراج عن كل من تخطوا مدة الحبس الاحتياطي وهي 18 شهر لقضايا الجنح و24 شهر لقضايا الجنايات. الإفراج عن كل من صدر ضدهم أحكام بإجراءات تقاضي غير دستورية (وفقاً للدستور الجديد) مثل الحبس في قضايا النشر ومحاكم أمن دولة طوارئ. عفو ثلث المدة عن كل المحكوم عليهم في قضايا لا يوجد بها مجني عليه".
ويقضي علاء عبد الفتاح عقوبة بالسجن خمس سنوات، تنفيذاً للحكم الصادر بحقه في القضية التي تجمعه بالمحامي الحقوقي محمد الباقر، والمدون محمد أوكسجين إبراهيم، المحكومان بالسجن أربع سنوات، بتهم "نشر أخبار كاذبة من شأنها التأثير على الأمن القومي للبلاد".
وكانت قوات الأمن قد ألقت القبض على علاء عبد الفتاح يوم 28 سبتمبر/ أيلول 2019 بعد أداء المراقبة الشرطية بقسم شرطة الدقي ليعرض في اليوم التالي أمام نيابة أمن الدولة العليا.