مصر: "حقنة هتلر" وصفة طبية خطيرة

23 يوليو 2022
"حقنة هتلر" دواء قديم في صيدليات مصر (خالد دسوقي/ فرانس برس)
+ الخط -

في إحدى الاستجابات الرسمية النادرة في مصر لظاهرة صحية توصف بأنها "خطيرة"، نشط مفتشو وزارة الصحة المصرية في مهمات تحذير الصيدليات من إعطاء مرضى الأنفلونزا الموسمية التقليدية أو المشتبه في إصابتهم بفيروس كورونا "حقنة هتلر" (نسبة إلى الزعيم النازي أدولف هتلر)، وهي فعلياً وصفة قديمة ومعروفة يتلقاها مرضى الأنفلونزا التقليدية الموسمية، في حال فشل استخدامهم أدوية أخرى للتعافي من نزلات البرد، وتمنح بلا وصفة طبية.
يخبر الصيدلي في مدينة الجيزة (غرب) أحمد عبد الجواد "العربي الجديد" أن مفتشي الوزارة تواصلوا معه ومع صيادلة آخرين عبر رسائل تطبيق "واتساب" لإعادة تحذيره من تقديم "حقنة هتلر" التي يتداولها الصيادلة منذ مدة طويلة، وتتضمن تركيبات أدوية تحتوي على مواد تستهدف تحديداً تخفيف درجات الألم و"كورتيزون" ومضاد حيوي وآخر للالتهابات وخافض حرارة، لكنه يؤكد أنه يرفض إعطاء هذه الحقنة لأي مريض حتى في حال أصرّ على ذلك، ويطالبه بعدم البحث عنها في صيدليات أخرى "لأنها تحتوي مركبات قد يضرّ تناولها من دون استشارة الطبيب، خصوصاً للذين يعانون من أمراض أخرى، أو يتناولون أدوية معينة".

يقول طبيب متخصص في الأمراض الصدرية رفض كشف اسمه لـ"العربي الجديد": "تأتي حقنة هتلر التي توصف بأنها خلطة سحرية بنتائج جيدة لبعض الناس خصوصاً في المرحلة الأولى لإصابتهم بالإنفلونزا الاعتيادية الموسمية، ما جعلها تنتشر بين العامة، لكن الحقيقة أن هذه الحقنة توقف الشعور بالألم فقط، وليس الفيروس الذي يستمر في الانتشار، في ظل ضعف مقاومة جهاز المناعة للفيروس".
يضيف: "يأخذ المرضى الحقنة من دون استشارة طبيب، ما يتسبب بالعديد من التداعيات الصحية التي ترتبط بتأثير مادة الكورتيزون التي تتضمنها على فعّالية اللقاح في مقاومة الفيروس، وفشله في توفير العلاج المناسب في مقابل مضاعفة مضادات البكتيريا الضارّة للجسم، ما يجعل المريض يحتاج إلى مضاد حيوى جديد وقوي، علماً أن منظمة الصحة العالمية تحذر من تناول المضادات الحيوية من دون استشارة طبيب، في حين يؤكد خبراء صحيون أن الإفراط في تناول المسكنات قد يحدث خللاً في وظائف الكلى، ويتسبب في التهابات بالمعدة".
ويوضح أن "الأمراض الأكثر خطورة على صحة المرضى من أخذ هذه الحقنة تشمل حساسية الكبد والكلى وقرحة المعدة. وتتشابه الأعراض بين فيروس الأنفلونزا العادي وفيروس كورونا الجديد، ما يعني احتمال تفاقم أعراض كورونا في وقت يعتقد المريض بأنه مصاب بأعراض برد موسمي عادي".

من جهته، يؤكد حاتم محمد، وهو موظف في دائرة الأوقاف، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنه اعتاد تلقي جرعة موسمية لـ"حقنة هتلر" تعرف باسم "التركيبة" كلما دهمه فيروس الأنفلونزا، ويقول: "لا أدري لماذا أُحدثت ضجة كبيرة مفتعلة في شأن علاج معروف. هل لأنه أغضب إسرائيل مثلاً، والتي أبلغت الحكومة المصرية بالتالي سراً احتجاجها على انتشار دواء يحمل اسم الرجل الذي أباد عدداً كبيراً من اليهود خلال الحرب العالمية الثانية، ما دفع البرلمان إلى مناقشة المسألة؟".
وفي إطار التحرك البرلماني الذي فاجأ كثيرين، قدم النائب أحمد مهني الذي يشغل أيضاً منصب الأمين العام لحزب الحرية، طلباً إلى الحكومة لتوضيح كيفية انتشار "حقنة هتلر" في الصيدليات، والتي أصرّ على أنها "وصفة كارثية"، متسائلاً عمن سمح باستخدامها. وسأل: "أي دور تلعبه الحكومة المصرية من خلال وزارة الصحة والأجهزة المعنية، في سبيل منع تداول وبيع وترويج هذه اللقاحات والأدوية والعلاجات الضارّة؟".
وانتقد مهني "غياب رقابة وزارة الصحة الذي يشكل السبب الرئيس في تفشي ظاهرة استخدام الناس حقنة هتلر"، مشدداَ على ضرورة تكثيف حملات التفتيش لمراقبة الصيدليات والعاملين فيها.

وخلال استضافة وسيلة إعلامية نقاشاً حول الظاهرة، عرض رئيس لجنة التصنيع الدوائي في نقابة الصيادلة محفوظ رمزي للأسماء المتعددة التي تشتهر بها "حقنة هتلر"، وبينها الحقنة الثلاثية، وحقنة ثلاثة بواحد. وأكد أن الصيادلة "بريئون من مخاطر استخدام حقنة هتلر"، وأن الأزمة ترتبط بمحاولة المرضى معالجة نفسهم من خلال وصفات منتشرة ويمكن القول إنهم اعتادوا على استخدامها، وقد يعرفون نتائجها على أوضاعهم الصحية.
ونقلت وسائل إعلام عن مصادر في الشرطة قولها إن "الحقنة تسببت في وفاة ‏شاب فور تلقيه لها داخل صيدلية بمحافظة بور سعيد. لكن جهات رسمية أكدت عدم وقوع ضحايا، وبينها مديرية الشؤون الصحية في محافظة بورسعيد.

المساهمون