مع تغيّر المفاهيم الخاصة بالمدن الحضرية في العالم والاهتمام المتزايد بقضايا التغيّر المناخي، تعمل الدول والشركات والمجتمعات على إيجاد الحلول الملائمة التي من شأنها الحدّ من التأثير سلباً في البيئة وابتكار مشاريع عمرانية مستدامة وذكية تواكب متطلبات العصر الحديث وتحافظ في الوقت نفسه على الهوية الثقافية لكلّ مجتمع على حدة. من هنا، قدّمت شركة "مشيرب العقارية" مدينة "مشيرب قلب الدوحة" التي تُعَدّ من الأحياء العمرانية الأكثر ذكاءً واستدامة في العالم، وقد أعادت إحياء وسط المدينة بطريقة عصرية تواكب متطلبات العصر الحديث وتحافظ في الوقت نفسه على اللغة والهوية المعمارية القطرية.
يرمز اسم "مشيرب" إلى المكان المخصّص لشرب المياه، وهو الاسم الذي عُرفت به منطقة وسط مدينة الدوحة قديماً. ويبرز هذا المعنى في العلامة والهوية التجاريتَين لـ"مشيرب العقارية"، شركة التطوير العقاري الرائدة التابعة لمؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، التي طوّرت هذا الحيّ المديني الكبير. ويأتي شعارها على شكل بئر قديمة ونافذة على مستقبل واعد متأصّل في التراث القطري. ويذكّر شكل الشعار بتلاقي الأفراد والمجتمعات والعمارة والاستدامة والثقافة التي تُعَدّ ركائز أساسية في مشاريعها. أمّا الطابع البصري للشعار، فهو كالحبر الذي يعيد إلى الأذهان جماليات فنون الخطّ العربي.
وبخلاف الاتجاهات السائدة في المدن والعواصم الكبرى بمعظمها، مع العزوف عن السكن في أواسط المدن، تسعى مدينة "مشيرب قلب الدوحة" لإعادة إحياء المركز التجاري القديم للعاصمة واستقطاب السكان من خلال التصميمات المستوحاة من فنّ العمارة القطرية التقليدية التي تشجّع على المشي والحركة.
معايير الاستدامة
وفي مدينة "مشيرب قلب الدوحة" الذكية والمستدامة، حصلت كلّ المباني على شهادة الريادة في تصميمات الطاقة والبيئة (ليد) من الفئتَين الذهبية أو البلاتينية، تقديراً لاتّباع المشروع أعلى المعايير العالمية الخاصة بالمباني الخضراء الصديقة للبيئة. ولأنّ الاستدامة البيئية واحدة من ركائز الرؤية الوطنية 2030 لدولة قطر، ومن أبرز المبادئ التي تعتمدها "مشيرب العقارية" في مشاريعها ورؤيتها، صارت مدينة "مشيرب قلب الدوحة" نموذجاً مثالياً للحيّ الذي يوائم ما بين فنّ الهندسة المعمارية القطرية التقليدية، والحداثة والتكنولوجيا الذكية التي تساهم في دعم ركائز الاستدامة.
وتعتمد الاستدامة في "مشيرب قلب الدوحة" على عناصر رئيسية هي اللغة المعمارية، والتصميم الهندسي، وجودة مواد البناء، والاستفادة من الطاقة المتجددة، وتوفير المياه، ونظام متطوّر لجمع النفايات وفرزها ومعالجتها. وتتكامل هذه العناصر، بعضها مع بعض، لتعزّز ريادة المدينة في البناء المستدام، فيما ابتكرت "مشيرب العقارية" لغة معماريّة جديدة تجمع ما بين القيم العصريّة الحديثة والقيم التقليديّة التي يزخر بها التراث القطري. وعلى الرغم من أنّ هذه اللغة المعماريّة الجديدة تنبع من أصول تراثية وتقليدية خاصة بالمجتمع القطري، فإنّها تستند في أساسها إلى مفردات وقيم تتشارك فيها البشريّة، إذ يمكن تطبيقها في مشاريع عقاريّة أخرى حول العالم وتعميمها عليها.
مدينة صديقة للبيئة ونموذجية
بفضل الاستدامة، توفّر المباني في "مشيرب قلب الدوحة" 33 في المائة من إجمالي نسبة الاستهلاك. إلى جانب ذلك، ولاستغلال الطاقة الشمسية المتاحة بوفرة في قطر، تُستخدَم ألواح شمسية تحوّل ضوء الشمس إلى طاقة كهربائية، وتُستخدَم ألواح أخرى تحوّل الضوء إلى طاقة حرارية لتسخين المياه. وقد رُكّبت هذه الألواح على أسطح المباني في المدينة. بالإضافة إلى توفير الطاقة، تعتمد "مشيرب قلب الدوحة" أنظمة ريّ ومياه حديثة ومستدامة عالية الكفاءة، وزراعة نباتات محلية عديدة قادرة على تحمل ظروف البيئة الجافة، وتساهم في تخفيض احتياجات الريّ لمسطحات الزراعة التجميلية المنتشرة في أرجاء المدينة. كذلك يُحقَّق الاستخدام الأمثل للمياه غير الصالحة للشرب، وإمكانية استرداد مياه الأمطار عبر تجميعها في خزانات كبيرة بهدف استخدامها لاحقاً وعدم هدرها وإعادة استخدامها عبر نظام خاص.
وتعتمد المدينة في مبانيها على عدد محدّد من الطبقات، مبتعدة كلياً عن الأبراج الزجاجية والهياكل المعدنية التي تزيد من الاحتباس الحراري. وتتميّز المباني بجدران أكثر سماكة تحافظ على الحرارة الداخلية، وتحدّ من الحرارة الخارجية، وبزجاج سميك يخفّف من حدّة حرارة الشمس، فيما تساهم الزخارف والديكورات الخارجية في توفير الظلال وتقديم صورة جمالية للمباني. كذلك تُتّبع طرق خاصة يُستفاد من خلالها من الظلال التي توفّرها المباني المتقاربة، الأمر الذي يساهم في تبريد البيئة المحيطة. أمّا شوارع "مشيرب قلب الدوحة" فصُمّمت بطريقة تجعلها تستفيد من هبوب النسائم الباردة فوق مياه الخليج، وتوفّر الظلال التي تقي من وهج الشمس في معظم معابر المشاة.
تحسين جودة حياة الأفراد
بفضل معايير الاستدامة المتّبعة، صارت "مشيرب قلب الدوحة" الوجهة المثالية للأفراد الراغبين في نمط حياة مغاير ومختلف عن السائد. فالاستدامة تنعكس في سلوك الأفراد وحياتهم اليومية، خصوصاً أنّ المدينة مصمّمة لتعزيز ثقافة المشي والتحرّك سيراً على الأقدام وتعزيز الأواصر المجتمعية، وذلك بفضل تصميمها والمسارات الخاصة للمشاة وراكبي الدراجات الهوائية.
كذلك توفّر المدينة النقل بالترام صديق البيئة، فيُمنَح الزائرون حرية الحركة في أرجاء المدينة مجاناً، وتساهم في تأمين بيئة مواتية لأسلوب عيش صحي وتحسين جودة الهواء والمساهمة على المدى المتوسط والطويل في تحقيق رؤية قطر الوطنية 2030 وأهدافها الرامية إلى خدمة الوطن وتأمين الموارد للأجيال المقبلة.
مدينة ذكية
"مشيرب قلب الدوحة" مدينة ذكية منذ التأسيس، إذ تضمّ بنية تحتية ذكية متكاملة لجهة شبكة الاتصالات التحتية وتجهيزها، ومراكز البيانات الضخمة، والربط بين مختلف الأنظمة في كلّ مباني المدينة ومرافقها. تُضاف إلى ذلك التطبيقات الذكية المختصة بمراقبة الطاقة وإدارتها، ونظم تحديد المواقع في داخل المدينة، وتطبيق تحليل البيانات، وتعداد الزائرين والسكان في كلّ فعالية أو حدث، ونظم البيانات ثلاثية الأبعاد التي توفّر كلّ المعلومات اللازمة عن أيّ خدمة في المدينة وتحليلها ومقارنتها.
وتُستكمل هذه المزايا بالخدمات الذكية، من بينها خدمة العملاء الذكية، والإنترنت اللاسلكي المجاني في كامل المدينة، والبوابة الخاصة بكلّ ما يتعلق بالخدمات الخاصة بأسلوب الحياة والمجتمع، واللافتات الذكية المتصل بعضها ببعض. كذلك يمكن أيّ شخص في المدينة أن يستخدم تطبيق "مشيرب" لتحديد موقع سيارته في مواقف السيارات والتوجّه إليها مباشرة من دون عناء، أو استخدام التطبيق لإيجاد أيّ مبنى أو مقهى أو مكان في المدينة بكلّ سهولة.
وفي داخل مكاتب "مشيرب قلب الدوحة" وشققها، تؤدّي التكنولوجيا دوراً مهماً في دعم الاستدامة والحدّ من استهلاك الطاقة. فتتوافر في كلّ مرفق منصة واحدة للتحكم بكلّ الخدمات المتوافرة فيه، مثل درجة الإضاءة واستهلاك المياه واستهلاك الكهرباء والتحكم بالستائر ومستوى الضوء الطبيعي. من هنا، يمكن المستهلك أن يعرف على الدوام مدى استهلاكه للطاقة والمياه والتحكّم بهما. ويرتبط ذلك بطريقة ذكية مباشرة بمركز البيانات الرئيسي، تراقب هذا الاستهلاك من أجل تحسين الكفاءة. وتتوافر في المدينة كذلك أنظمة مراقبة بالكاميرات لينعم الجميع بأعلى مستويات الأمان. وهذه الكاميرات تبثّ إلى مركز التحكم المركزي للمساعدة في حالات الطوارئ وتقديم المساعدة الفورية للأشخاص عند الحاجة.
مدينة متعددة الخدمات
وتضمّ "مشيرب قلب الدوحة" مباني سكنية وتجارية ومساحات مكتبية ومتاجر منوّعة للتجزئة ومطاعم ومقاهي محلية وعالمية، بالإضافة إلى مبانٍ ثقافية ومدرسة ومساجد ومساحات ترفيهية. كذلك تحتضن المدينة "براحة مشيرب"، وهي أكبر ساحة مفتوحة مع سقف قابل للطيّ في العالم، بالإضافة إلى فنادق عالمية المستوى توفّر للنزلاء أرقى الخدمات.
ومن الجهة الفنية والثقافية، تحفل المدينة على الدوام بفعاليات مميزة، خصوصاً في "متاحف مشيرب" التي تضمّ أربعة بيوت تراثية تعكس تاريخ المنطقة بطريقة مبتكرة تجمع ما بين أصالة التراث والإرث القطري وبين التكنولوجيا الحديثة التي توفّر للزائرين المعلومات التفصيلية بطريقة تفاعلية. والبيوت الأربعة هي "بيت بن جلمود" الخاص بتاريخ الرقّ في المنطقة، ويسعى لرفع التوعية المجتمعية بالرقّ الحديث والاتّجار بالبشر.
أمّا "بيت محمد بن جاسم"، فيسرد قصة منطقة مشيرب ويتحدّث عن تاريخها الحافل ونشاطها وأهميتها، و"بيت الشركة" يوثّق حقبة اكتشاف النفط في قطر ومساهمة القطريّين الأوائل في النهضة التنموية الشاملة للدولة، و"بيت الرضواني" يشكّل نموذجاً للبيت القطري القديم، ويعرض للأجيال الجديدة كيفية الحياة الاجتماعية التي سادت لفترة طويلة في البلاد.
تجدر الإشارة إلى أنّ من المرتقب أن تحتضن "مشيرب قلب الدوحة" فعاليات عديدة مرتبطة ببطولة كأس العالم 2022 التي تستضيفه قطر ما بين شهرَي نوفمبر/ تشرين ثاني وديسمبر/ كانون الأوّل المقبلَين.