يستهدف قصف إسرائيلي عنيف محيط مستشفيات غزة صباح اليوم الأحد، كما كانت الحال أمس السبت، فيما تحاول قوات الاحتلال التقدّم براً، الأمر الذي يهدّد حياة آلاف الفلسطينيين العالقين في مرافق صحية. وقد حذّرت وكالات تابعة للأمم المتحدة ومنظمات دولية من أنّ وضع تلك المرافق "كارثي"، وهو ما ينذر بتحوّلها إلى "مشارح".
وأفاد وكيل وزارة الصحة في غزة يوسف أبو الريش وكالة فرانس برس، اليوم الأحد، بأنّ غارة إسرائيلية دمّرت بالكامل مبنى قسم أمراض القلب في مجمّع الشفاء الطبي بمدينة غزة، مع اشتداد القصف على محيط مستشفيات القطاع. وقد أكّد شهود عيان وقوع الغارة.
وأضاءت القنابل الضوئية سماء قطاع غزة ليل السبت-الأحد، فيما سُمعت أصداء الانفجارات تتردّد في أنحاء مدينة غزة، بحسب ما نقل مراسلو فرانس برس، في حين كانت القوات الإسرائيلية تواصل عملياتها البرية الهادفة إلى "القضاء" على حركة حماس، بحسب ما يزعم الاحتلال، وذلك في الحرب التي يشنّها على القطاع منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وتواصل القوات الإسرائيلية عملياتها البرية في شمال القطاع، حيث شدّدت طوقها وعمليات القصف التي تستهدف مستشفيات ومراكز صحية وأيضاً محيطها، علماً أنّها تؤوي آلاف النازحين الفلسطينيين إلى جانب المرضى والجرحى، ولعلّ أبرز تلك المرافق مجمّع الشفاء الطبي، وهو المستشفى الأكبر في قطاع غزة.
وقد أكّد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أنّ 20 من أصل 36 مستشفى في غزة باتت "خارج الخدمة".
وحذّرت منظمة أطباء بلا حدود، في ساعة مبكرة من اليوم الأحد، من أنّه "في حال لم نوقف سفك الدماء فوراً عبر وقف لإطلاق النار أو الحدّ الأدنى من إجلاء المرضى، فسوف تتحوّل هذه المستشفيات إلى مشرحة". وسبق للمنظمة، التي تؤكّد أنّ طواقمها ما زالت موجودة في مجمّع الشفاء الطبي مع "مئات المرضى"، أن طالبت بوقف إطلاق النار.
وفي هذا الإطار، أكد الجراح محمد عبيد الموجود في مجمّع الشفاء الطبي، في رسالة صوتية نشرتها "أطباء بلا حدود" عبر منصّة "إكس"، انقطاع المياه والكهرباء والغذاء في المستشفى عن نحو 600 مريض خضعوا لعمليات جراحية، في حين أنّ ما بين 37 و40 طفلاً و17 شخصاً آخرين في العناية المركّزة.
أضاف عبيد: "يمكننا أن نرى الدخان حول المستشفى"، مشيراً إلى أنّ الجيش الإسرائيلي "قصف كلّ شيء في محيط المستشفى، وقصف المستشفى مراراً"، مشدّداً على أنّ الوضع "سيّئ جداً جداً".
"We are nearly sure that we are alone now. No
— MSF International (@MSF) November 11, 2023
one hears us... The problem is to be sure that we can evacuate the neonatal patients because we have
about 37 to 40 premature babies."
Dr Mohammed Obeid, surgeon at Al-Shifa hospital, shares his testimony from today⤵️ pic.twitter.com/3oHC5GKzQ0
من جهته، أعرب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، في ساعة مبكرة من اليوم الأحد، عن قلقه من "فقدان الاتصال" بالأشخاص الذين تتواصل وكالته التابعة للأمم المتحدة معهم في مجمّع الشفاء الطبي.
أضاف غيبريسوس أنّ "ثمّة تقارير تفيد بأنّ أشخاصاً خرجوا من المستشفى المستهدَف تعرّضوا لإطلاق نار، ومنهم مَن جُرح أو قُتل".
وتابع غيبريسوس أنّ "التقارير الأخيرة تفيد بأنّ المستشفى محاصر بالدبابات" الإسرائيلية، مشيراً إلى أنّ منظمة الصحة العالمية قلقة جداً إزاء سلامة العاملين الصحيين ومئات المرضى والجرحى، من ضمنهم الأطفال الموصلون بأجهزة، والنازحون الذين ما زالوا داخل مجمّع الشفاء الطبي.
وقال شاهد عيان في مجمّع الشفاء الطبي، في اتصال مع وكالة فرانس برس، إنّ "النيران لا تتوقّف قطّ، فالضربات الجوية متواصلة وكذلك قصف المدفعيّة".
Deeply worrisome and frightening: @WHO has lost contact with its focal points in Al-Shifa Hospital in #Gaza, amid horrifying reports of the hospital facing repeated attacks.
— Tedros Adhanom Ghebreyesus (@DrTedros) November 12, 2023
There are reports that some of those who fled the hospital have been shot at, wounded, or killed.
The… https://t.co/buhccOjRqF
بدوره، حذّر مدير مجمّع الشفاء الطبي محمد أبو سلمية من أنّ "الطواقم الطبية عاجزة عن العمل، وأنّ الجثث بالعشرات (في داخل المستشفى) ولا يمكن التعامل معها ولا دفنها".
وأكّد أبو سلمية أنّ مجمّع الشفاء الطبي "محاصر تماماً والقصف مستمرّ في محيطه".
يُذكر أنّ جمعية أطباء من أجل حقوق الإنسان الإسرائيلية غير الحكومية كانت قد أفادت، أمس السبت، بأنّ رضيعَين من الخدج في مجمّع الشفاء الطبي فارقا الحياة.
وأوضحت الجمعية أنّه "في الساعات القليلة الماضية، تلقّينا تقارير مروّعة من مجمّع الشفاء الطبي. لا كهرباء ولا مياه ولا أوكسيجين". وأضافت أنّ "القصف العسكري أدّى إلى إلحاق أضرار بوحدة العناية المركّزة وبالمولّد الوحيد الذي كان لا يزال يعمل. ونتيجة انقطاع الكهرباء، توقّفت وحدة العناية المركّزة لحديثي الولادة عن العمل، وأدّى ذلك إلى وفاة رضيعَين".
وحذّرت من "خطر حقيقي على حياة 37 رضيعاً من الخدج الآخرين". وهذا أمر حذّرت منه جهات عدّة أخرى، وقد نُشرت صور لهؤلاء الرضّع الذين فُصلوا عن أجهزة دعم الحياة، مع تساؤلات حول مصيرهم.
في سياق متصل، قال مدير قسم الجراحة في مجمّع الشفاء الطبي مروان أبو سعدة، أمس السبت، إنّ الإسرائيليين "قصفوا غرفة العناية المركّزة. يطلقون النار ويقصفون كلّ مكان حول المستشفى، لا يمكنكم الدخول ولا الخروج منه. الوضع في المستشفى خطر جداً جداً".
أضاف أبو سعدة أنّ "الأشخاص الذين حاولوا ترك المستشفى أُطلِقت النار عليهم في الشارع، بعض منهم قُتل وبعض آخر جُرح. لا أحد يستطيع دخول المستشفى، ونحن لا نستطيع الخروج منه... إطلاق النار في كلّ مكان".
ولا يُقتصَر القصف على محيط مجمّع الشفاء الطبي، بل يستهدف أيضاً محيط مستشفيات أخرى في شمال قطاع غزة، من بينها المستشفى الإندونيسي. وقال مديره عاطف الكحلوت أنّ نقص الوقود اللازم لتشغيل المولدات دفع إلى قطع الكهرباء عن محطة تحلية المياه وأجهزة طبية.
وأوضح الكحلوت أنّ المستشفى "لا يعمل إلا بنحو 30 إلى 40 في المائة من قدرته".
من جهته، بيّن جهاز الإسعاف التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني أنّ "الدبابات والآليات العسكرية الإسرائيلية تحاصر مستشفى القدس من كلّ الجهات وسط قصف مدفعي، الأمر الذي يجعل المبنى يهتزّ بالكامل". أضاف أنّ "إطلاق النار كثيف على المستشفى ولم يُعرَف عدد الإصابات بعد".
وأشار جهاز إسعاف الهلال الأحمر الفلسطيني إلى أنّ المستشفى يستقبل نحو 500 مريض وجريح وأكثر من 14 ألف نازح، محذّراً من أن الاطفال الرضع "يعانون من التجفاف بسبب انقطاع الحليب".
(فرانس برس، العربي الجديد)