مدارس أفغانستان بلا حماية

19 مايو 2021
عندما تُستهدف المدارس في أفغانستان (وكيل خضر/ فرانس برس)
+ الخط -

 

تسببت التفجيرات التي تستهدف المدارس في أفغانستان في حالة من القلق لدى الأهالي والتلاميذ، خصوصاً بعد الهجوم الدموي الذي استهدف مدرسة سيد الشهداء.

فاقمت الحرب المستمرة منذ سنوات معاناة الأفغانيين وألحقت أضراراً بمختلف القطاعات، وعلى رأسها قطاع التعليم. ويعتبر الأفغان أنّ ما لحق بهذا القطاع كارثي، لأنّ الأمر يتعلق بمستقبل البلاد وبتربية وتعليم الأجيال الجديدة، بعيداً عن مأساة الحرب وويلاتها.

قبل فترة، تعرضت مدرسة سيد الشهداء للبنات في العاصمة كابول لهجوم بسيارة مفخخة، وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية الأفغانية طارق عريان إنّ "سيارة مفخخة انفجرت أمام مدرسة سيد الشهداء. وعندما اندفع التلاميذ في حالة من الذعر انفجرت قنبلتان إضافيتان". وتسبب الهجوم بمقتل نحو 60 تلميذة، بالإضافة إلى إصابة نحو 100 بجروح. بينما الحصيلة غير الرسمية تؤكد أنّ عدد التلميذات اللواتي لقين حتفهن جراء التفجير أكثر من 80، ما يشير إلى مدى فظاعة هذا الهجوم، الذي خلف وراءه قصصاً مروعة، من بينها قصة التلميذة عاقلة، التي لم تتمكن السلطات من الوصول إلى جثمانها حتى اليوم.

وبعيداً عن حصيلة الهجوم، وما خلّفه من قصص مروعة، فقد وقع هجوم آخر عبر سيارة مفخخة في إقليم لوغر (وسط) في أواخر شهر رمضان، راح ضحيته 23 متخرجاً من الثانوية، ما أثار حفيظة الأفغان عموماً، كما تسبب في خلق حالة من الخوف والقلق لدى الآباء والأمهات من إرسال أبنائهم إلى المدارس، فالتفجيرات التي تستهدف المدارس منعت التلاميذ الأفغان من تلقي أبسط حقوقهم في التعليم.

الجريمة والعقاب
التحديثات الحية

يروي محمد نواب خان، الذي يتحدر من مديرية خوجياني في إقليم ننغرهار (شرق)، رحلة نزوحه إلى العاصمة كابول لـ"العربي الجديد" قائلاً: "لقد هربنا من قريتنا إلى كابول بسبب الأوضاع الأمنية هناك، وبهدف تعليم أولادنا في أجواء مناسبة بعيداً عن ويلات الحرب، إلّا أنّ الأمور لا تسير كما نشتهي، والأوضاع الأمنية تسير نحو الأسوأ، فالتفجيرات أصبحت تستهدف حتى المدارس، ما يعني أنّ الحرب الأفغانية تخطت جميع الخطوط الحمراء، وباتت الاستهدافات تطاول الأطفال أيضاً". ويتحدّث عن حالة زوجته الخائفة على أولادها: "تبقى في حالة من القلق والتوتر منذ لحظة خروجهم من المنزل قاصدين المدرسة إلى حين عودتهم. وتريد منع الأولاد من الذهاب إلى المدرسة، خصوصاً بعد هجوم مدرسة سيد الشهداء، وسقوط عشرات الضحايا خلال التفجير"، مضيفاً: "حتى الأطفال أنفسهم في حالة من القلق، إذ يخشون الذهاب إلى المدرسة خوفاً من الموت". 

لا تختلف حالة أسماء ميوند عن حالة زوجة محمد نواب، فهي ترسل ابنتها الوحيدة خولة البالغة من العمر ست سنوات إلى مدرسة "فاتح" في العاصمة الأفغانية، وهي في حالة خوف شديد، بعد سلسلة الهجمات التي استهدفت المدارس. تصف أسماء الوضع الأمني في البلاد قائلةً: "بلادنا لم تعد صالحة للعيش بعد بشاعة الهجوم على مدرسة سيد الشهداء، حيث قتل عشرات من التلاميذ. في كلّ مرة أرسل خولة إلى المدرسة، أتذكر تلك الحادثة، وكيف هو وضع الأمهات بعدما فقدن فلذات أكبادهن. لقد سلبت منا الحرب الراحة والطمأنينة، وبدأت أشعر بأنّي أكره العيش هنا، لا أريد أنّ أخسر طفلتي أثناء تلقيها التعليم في المدرسة، أفضل بقاءها في المنزل على الذهاب إلى المدرسة، فحياتها بالنسبة لي أهم من تعليمها، أقله في الوقت الراهن". 

طلاب وشباب
التحديثات الحية

لم يكن الهجوم على مدرسة سيد الشهداء الأول من نوعه، لكنّه كان الأفظع في الإجرام وطريقة الاستهداف، وهو ما يشير إليه الناشط عتيق الله زمن، قائلاً: "عملية التعليم في أفغانستان مستهدفة بشكل ممنهج خلال سنوات الحرب الأخيرة في البلاد، لكنّ الهجوم الأخير على المدرسة جاء في توقيت حساس جداً وله دلالات خطيرة". يضيف زمن أنّ "استهداف مدرسة واحدة وبهذه البشاعة يعني استهداف عملية التعليم برمتها، فهو يؤثر سلباً في نفوس التلاميذ والأهل"، محمّلاً جزءاً من المسؤولية على عاتق الحكومة التي فشلت في التصدي  للهجوم، رغم تلقي الاستخبارات الأفغانية معلومات أمنية تفيد بوجود تهديد أمني للمدرسة. ويكشف أنّ زيارة قام بها مسؤولون في الاستخبارات الأفغانية إلى المدرسة جرى فيها التطرق مع مديرتها إلى الإجراءات الأمنية المتخذة هناك بهدف حماية التلميذات، إلّا أنّ تلك الزيارة لم تمنع وقوع المجزرة.

من جهتها، تؤكد المتحدثة باسم وزارة التعليم، نجيبه آرين لـ"العربي الجديد" أنّ الحكومة اتخذت كلّ الخطوات اللازمة لحماية التلاميذ، وهي الآن تراجع الخطط المرسومة من أجل ذلك بعد الهجوم الدموي على المدرسة والذي حصد أرواح الفتيات البريئات.

المساهمون