في مخيم مستحدث بمدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة، يعيش النازحون الفلسطينيون أوضاعا قاسية أنتجتها الحرب المستمرة لليوم 102، تمثل آخر فصولها بعدم وجود "المراحيض ودورات المياه"، ما يضطر أعداداً من النازحين في غزة لقضاء حاجاتهم في "العراء".
يأتي ذلك وسط انتشار النفايات وتراكمها بين خيام النازحين، وفي ظل شح شديد بالمياه، سواء اللازمة للنظافة العامة أو الآمنة للشرب.
صور تراكم النفايات قرب الخيام التي نصبها النازحون مؤخرا في حي "تل السلطان" غرب رفح، رصدتها "الأناضول" حيث تعد هذه المنطقة آخر محطة لهم كونها تلامس الحدود المصرية.
وسعيا للحصول على المياه النادر توفرها، يقف مئات النازحين في طوابير لتعبئة أوعية بلاستيكية بأحجام صغيرة ومتوسطة بمياه يقولون إنها "غير صالحة للشرب"، بينما يشكو النازحين من أزمة النظافة التي باتت تتهددهم بتفشي الأمراض والأوبئة، خاصة في ظل عدم وجود "دورات للمياه".
ومر عشرات الآلاف من النازحين الذين وصلوا إلى رفح، بعدد من رحلات النزوح من منطقة لأخرى، فرارا من جحيم الغارات الإسرائيلية العنيفة التي استهدفت مناطق سكنهم ونزوحهم الأولى.
وارتفع عدد المقيمين في مدينة رفح من 300 ألف نسمة، إلى مليون و300 ألف جراء موجات النزوح المتكررة، بحسب تصريح سابق لرئيس بلدية المدينة أحمد الصوفي للأناضول.
وقال الصوفي، الجمعة، إن "البلدية فقدت السيطرة على الخدمات الأساسية، خاصة عمليات جمع النفايات ومعالجة وتصريف مياه الصرف الصحي، بسبب الأعداد الهائلة من النازحين واستمرار الحرب الإسرائيلية".
الاستحمام رفاهية صعبة المنال في غزة
الطفلة نورة شاهين، تقول إنها لم تحظ بفرصة الاستحمام منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية إلا لمرة واحدة فقط، مضيفة أن ذلك يأتي بفعل قلة المياه المتوفرة وموجات النزوح المتكررة التي مرت بها عائلتها.
وتسببت قلة "الاستحمام" بإصابة الطفلة شاهين بأمراض جلدية كانت أبرز أعراضها "الحكة الشديدة في اليدين".
كما أصيبت الطفلة بنزلة معوية، جراء انعدام "مستوى النظافة الشخصية، وتلوث مياه الشرب التي يحصلون عليها".
إلى جانب ذلك، تشير الطفلة إلى انعدام وجود المراحيض ودورات المياه في هذا المخيم المستحدث، مضيفة أنها تضطر إلى قضاء حاجتها في "الشارع".
طابور المياه لكل الأجيال
لا يقتصر الوقوف في طابور لفترة زمنية طويلة طلبا للمياه على الرجال والنساء فحسب، إنما يساعد الأطفال ذويهم في ذلك.
الطفلة شاهين، واحدة من هؤلاء الأطفال النازحين الذين يقفون بدلا عن والديهم في انتظار دورهم لتعبئة "الجالون".
وتوضح أن الكميات التي يحصلون عليها لا تلبي احتياجاتهم في اليوم الواحد، لافتة إلى أنهم لا يحظون بفرصة الحصول على المياه بشكل يومي.
من جانبه، يقول النازح معين أبو هربيد الذي يعيش داخل خيمة من النايلون:" في هذا المخيم هناك اكتظاظ من النازحين الواصلين إليه، حيث تقدر أعدادهم بمئات الآلاف".
وأضاف أن الحصول على المياه الصالحة للشرب أو النظافة يكاد يكون مستحيلا في هذا المكان، فهي "غير متوفرة" إلا ما ندر، موضحا أن" المراحيض ودورات المياه، غير متوفرة أيضا في هذا المكان"، الذي يبعد عن مراكز الإيواء مسافات كبيرة.
وعادة، يعتمد النازحون الذين يعيشون داخل المخيمات، في أمور النظافة وقضاء الحاجة للذهاب إلى مراكز الإيواء لاستعمال دورات المياه الموجودة فيها.
يشكو الفلسطيني أبو هربيد من واقع النظافة المعدوم في مخيمات النزوح، لافتا إلى انتشار النفايات بين الخيام وفي مسافات قصيرة جدا، مضيفا أن" كل 20 مترا تجد أكواما من هذه النفايات ما يسبب أمراضا كثيرة للنازحين، خاصة المصابين بالأمراض المزمنة".
ويذكر أن شح المياه ألقى بظلاله السلبية على "واقع النظافة داخل المخيمات"، حيث يعجز الكثير من النازحين من وقاية أنفسهم من تداعيات التلوث وانعدام النظافة.
ولأكثر من مرة، حذرت مؤسسات صحية محلية وأممية، من انتشار الأمراض والأوبئة بين النازحين بسبب عدم توفر المياه التي تلزم النازحين لوقاية أنفسهم من الأمراض.
ومنذ 7 أكتوبر الماضي، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة خلّفت حتى الثلاثاء، 24 ألفا و285 قتيلا و61 ألفا و154 مصابا، وتسببت بنزوح أكثر من 85 بالمئة (نحو 1.9 مليون شخص) من سكان القطاع، بحسب السلطات الفلسطينية والأمم المتحدة.