استمع إلى الملخص
- **جهود السلطات المغربية في التصدي للهجرة غير النظامية**: أحبطت السلطات المغربية محاولات اقتحام سبتة، حيث تم توقيف 4455 شخصاً بين 11 و16 سبتمبر، مع استنفار أمني مستمر.
- **دعوات للحوار الوطني ومعالجة قضايا الشباب**: انتقدت منظمات غير حكومية السياسات الحكومية التي تهمش الشباب، داعيةً إلى حوار وطني وإسقاط المتابعات القانونية بحق الموقوفين.
تسود مخاوف في المغرب من دعوة جديدة للهجرة الجماعية نحو مدينة سبتة المحتلة، أُطلقت على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل المشاركة الجماعية في 30 سبتمبر/ أيلول الحالي في "الهجوم" على الثغر المحتل، فيما تزال تداعيات محاولة 15 من الشهر الحالي مستمرة.
ومنذ صباح اليوم الثلاثاء، كان لافتاً تداول دعوات على مجموعات في تطبيق "واتساب" وموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك،" وأيضاً عبر مقاطع فيديو على "تيك توك"، تُحرّض على إعادة "الهجوم" على مدينة سبتة في الثلاثين من الشهر الحالي.
وكانت منشورات قد ظهرت في أواخر الأسبوع ما قبل الماضي على مواقع التواصل الاجتماعي، تحضّ المراهقين والشبان على التسلل إلى مدينة سبتة، في 15 من الشهر الجاري، وذلك سباحة وعبر اقتحام السياج الحدودي. وأتى ذلك في الوقت الذي يعمد فيه شباب ويافعون مغاربة وكذلك مهاجرون أجانب يحلمون بالعيش في أوروبا، إلى السباحة نحو مدينة سبتة، ولا سيّما أنها وسيلة غير مكلفة مادياً للهجرة غير النظامية، بخلاف الهجرة عبر القوارب التي تتطلّب كلفة مادية باهظة.
المغرب يتصدى لموجة مهاجرين
وتأتي الدعوة الجديدة لاقتحام سبتة في وقت نجحت فيه السلطات المغربية، على مدى الأيام الثلاثة الماضية، في إحباط كل محاولات اقتحام سبتة التي جاءت استجابة لدعوات أُطلقت من مصادر مجهولة، وقد جرت التعبئة لها بطريقة لافتة على مواقع التواصل الاجتماعي في الأيام الأخيرة.
وحسب معطيات رسمية، تم توقيف 4455 شخصاً أثناء محاولتهم دخول سبتة خلال عملية قادتها قوات الأمن المغربية في مدينة الفنيدق في الفترة ما بين 11 و16 سبتمبر/ أيلول لمواجهة موجة المهاجرين الذين حاولوا الدخول إلى مدينة سبتة المحتلة، من بينهم 3795 مغربياً بالغاً و141 قاصراً و519 أجنبياً. كما اعتُقل 70 شخصاً حرضوا على العبور من أفريقيا جنوب الصحراء والجزائر وسيُقدّمون إلى العدالة.
وفي وقت استعادت فيه مدينة الفنيدق الشمالية، منذ مساء أمس الاثنين، بعضاً من هدوئها، ما زالت المنطقة الحدودية مع مدينة سبتة تعيش على وقع استنفار أمني لمواجهة أي محاولات جديدة يقوم بها مهاجرون غير نظاميين لاقتحام المدينة التي تخضع لسيطرة إسبانيا.
إلى ذلك، اعتبر رئيس "الشبكة المغربية للتحالف المدني للشباب" (غير حكومية)، عبد الواحد الزيات، في حديث لـ"العربي الجديد "، أن أحداث مدينة الفنيدق "ما هي إلا نتيجة لتراكمات خيبات مسؤولين دمروا الشباب بقراراتهم وإهمالهم لمعالجة قضايا الشباب"، موضحاً أنّ مشروعاً بحجم الاستراتيجية الوطنية للشباب الذي كان موضوع خطب ملكية عدّة أهمله المسؤولون ولم ينجز منه شيء قبل أن يتم إقباره". وأضاف: "حينما نرى تلك المشاهد لقاصرين وشباب يرمون بأنفسهم في البحر ويغامرون بأرواحهم بسبب حالة انسداد الأفق بالنسبة لهم، والمعاناة التي تتكبدها الأجهزة الأمنية والسلطات من أجل السيطرة على الوضع وحجم التكلفة المالية لانتقال القوة العمومية، فهذا أمر في غاية الأهمية من أجل ربط المسؤولية بالمحاسبة".
بالمقابل، دعت "الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان" (غير حكومية) رئاسة النيابة العامة والقائمين على شأن العدالة بالمغرب إلى عدم سلك مساطر المتابعات في حالة اعتقال في حق الشباب الموضوع رهن الحراسة النظرية، وإسقاط كافة المتابعات في حق الموقوفين على خلفية المحاولة الجماعية للهجرة التي شهدتها مدينة الفنيدق مؤخرا.
وأكدت الرابطة، في بيان لها أمس الاثنين، ضرورة فتح حوار وطني حول مستقبل الشباب بمشاركة كل الجهات الرسمية والمجتمع المدني والخبراء، من أجل وضع مخطط مستقبلي للشباب المغربي، مناشدةً العائلات إلى عدم تشجيع الأبناء على الهجرة حفاظاً على حقهم في الحياة، ونظراً للمخاطر التي تهددهم، وعدم الانصياع لدعوات مجهولة المصدر والأهداف.
وفي الإطار، انتقد رئيس الرابطة، إدريس السدراوي، ما وصفه بالصمت الحكومي حيال ما جرى من أحداث خطيرة، على حد تعبيره، مشيراً إلى أنها المرة الثالثة التي تتم فيها محاولات الهجرة الجماعية في المغرب دون أن تتحرك الحكومة الحالية لتوضيح ما يجري للرأي العام أولاً، واتخاذ إجراءات فعالة وملموسة من أجل انتشال فئات من الشباب المغربي من الفقر والتهميش، علماً أن حوالي 1.5 مليون من الشباب تتراوح أعمارهم ما بين 15 و24 سنة، لا ينتمون إلى فئة التلاميذ أو الطلبة أو المتدربين في التكوين المهني، ويوجدون في وضعية بطالة أو خارج الساكنة النشيطة، وفق ما كشف عنه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في المغرب مؤخراً. وتابع في تصريح لـ"العربي الجديد": "ما وقع مؤشر خطير على المسار الذي تعرفه البلاد، ويؤثر على صورتها على المستوى الدولي، وهو أمر متوقع في ظل سياسات الحكومة الحالية التي ضربت القدرة الشرائية للمواطن، وما يعيشه الشباب من تهميش رغم الموازنات الضخمة التي تصرف على الجمعيات من أجل التأطير دون أن يظهر لها أي أثر".