تجمّع المئات من المحامين في المغرب، لليوم الثاني على التوالي، أمام المحاكم، للاحتجاج على قرار وزارة العدل فرض إلزامية إظهار الجواز اللقاحي بالنسبة لمرتفقي قطاع العدالة، وذلك بالتزامن مع استعداد العديد منهم لرفع دعاوى قضائية لترتيب المسؤولية الإدارية للدولة ووزارة العدل.
وشهدت محاكم الرباط والدار البيضاء والمحمدية وتطوان وطنجة والقنيطرة وسيدي قاسم ووجدة، اليوم الثلاثاء، تنظيم وقفات احتجاجية طالب فيها المئات من المحامين والموظفين وزير العدل عبد اللطيف وهبي بالتراجع عن قرار فرض إظهار الجواز اللقاحي للدخول إلى المحاكم، مردّدين شعارات من قبيل "المحامي لن يركع والموظف لن يركع" و"لا لا ثم لا لعسكرة المحكمة".
وتأتي الاحتجاجات التي عرفتها المحاكم المغربية لليوم الثاني على التوالي في سياق قرار المحامين الحضور يومياً إلى مختلف المحاكم، وتنظيم وقفات احتجاجية لتأكيد موقفهم الرافض لإلزامية الجواز اللقاحي، مراهنين على أن تؤدي مقاطعتهم للجلسات إلى شلل تام في المحاكم خلال الأيام المقبلة.
وفي خطوة تؤشّر على المنحى الذي بدأ يأخذه شدّ الحبل بين المحتجين ووزارة العدل، استعان عدد من المحامين والموظفين، صباح الثلاثاء، بمفوّض قضائي لإثبات واقعة منعهم من دخول المحاكم بعد فرض الجواز اللقاحي، وذلك استعداداً لرفع دعاوى قضائية لترتيب المسؤولية الإدارية للدولة ووزارة العدل.
وبينما لم يصدر عن وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، حتى اللحظة، أي موقف، قرّرت هيئات المحامين بمختلف المدن مقاطعة كافة الجلسات بالمحاكم "حتى إشعار آخر"، احتجاجاً على فرض "الجواز اللقاحي".
وكشفت هيئات المحامين أنّ قرار مقاطعة العمل بالمحاكم سيستمر إلى حين اتخاذ موقف وطني موحّد من طرف جمعية هيئات المحامين بالمغرب، والتي ستعقد اجتماعاً طارئاً لاتخاذ قرار يُلزم جميع هيئات المحامين بالمملكة.
وفي وقت سابق، اعتبر رئيس "فيدرالية جمعيات المحامين الشباب بالمغرب"، عبد البر منديل، منع المحامين والموظفين والمرتفقين من ولوج المحاكم بسبب عدم إظهارهم الجواز اللقاحي "قراراً غير دستوري ويخالف القوانين الجاري العمل بها". ولفت في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أنّه للقرار "آثار وخيمة على العدالة والحقوق الدستورية المكفولة للمواطنين، لا سيما الحق في الولوج للمرافق العامة، والاستفادة من الخدمات العمومية، والحق في التقاضي، والحق في المحاكمة العادلة المكرّسة".
وكانت نقابة المحامين بالمغرب قد أعلنت أنّ المحاميات والمحامين غير معنيين بالمرة بمضامين الدورية المشتركة الصادرة عن وزارة العدل، والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ورئيس النيابة العامة، قبل أسبوعين، والقاضية بأنّ "الولوج إلى المحاكم أصبح يتوقف على الإدلاء بالجواز اللقاحي"، وذلك "لعدم صدورها عن المؤسسات المهنية القانونية المنتخبة من طرفهم، ورفضاً منهم لأي وصاية من أي جهة كانت".
وقالت النقابة، في بيان لها، إنه "لا يجوز أن توجّه لهم أوامر أو توجيهات، أو تفرض عليهم قيود تحدّ أو تنقص أو تعرقل أداءهم لمهامهم باستقلال، أو تحول دون قيامهم بواجب الدفاع المقدس لفائدة موكليهم، وتأمين الولوج المستنير للعدالة، وكفالة حقوق الدفاع أمام المحاكم للمتقاضين كما هو منصوص عليه في الفصل 120 من الدستور".
ولفتت إلى أنه "لا يحق لوزير العدل كسلطة تنفيذية التوجّه للقضاة بأي توجيه أو إرشاد أو أمر، لما يشكّله ذلك من خدش لاستقلال السلطة القضائية"، معتبرة القرار "مجرد التفاف لفرض إجبارية التلقيح الذي باتت المنظمات الأممية تعلن وتقرّ مخالفته لمبادئ حقوق الإنسان وقيم الحرية".
بالمقابل، دافع وزير العدل عبد اللطيف وهبي عن هذا الإجراء، وقال قبل أسبوع في البرلمان المغربي إنّ "هذا قانون يجب أن يطبق في المحاكم"، مضيفاً:" إذا لم تطبقه وزارة العدل فمن سيطبقه، بما أنّ الجواز الصحي في القانون، والقانون مرّ في البرلمان وأعطى سلطات للحكومة".