أعلن أستاذ العلوم البيولوجية في جامعة قبرص، ومدير مختبر التكنولوجيا الحيوية والفيروسات الجزيئية ليونديوس كوستريكيس، يوم الجمعة الماضي عبر الشبكة القبرصية "سيغما تي في"، وجود متحور جديد من فيروس كورونا، يحمل خصائص مشتركة من متحوري "أوميكرون" و"دلتا" وأطلق عليه اسم "دلتاكرون". وأعلنت وكالة "بلومبيرغ" السبت الماضي الخبر، وكشف الباحث القبرصي عن تسجيل 25 حالة إصابة من المتحور الجديد، منها 11 حالة في المستشفيات. كما أشار إلى وجود رابط بين ظهور المتحور الجديد والمستشفيات، وإلى أن الأيام المقبلة ستكشف إن كان المتحور الجديد أكثر عدوى أو خطورة من المتحورات الأخرى لفيروس كورونا الجديد.
ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بالخبر، وسجلت كلمة "دلتاكرون" أكثر الكلمات تداولاً على منصة "تويتر" يوم الأحد الماضي. وأثارت بعض التعليقات السخرية من المتحور الجديد أو القلق من خطورته وآثاره الصحية. ولم تصدر منظمة الصحة العالمية بياناً حول الموضوع حتى الآن. إلا أن علماء وباحثين من مختلف دول العالم طرحوا الكثير من التساؤلات حول "دلتاكرون" على اعتبار أنه لا يمكن الحديث عن متحور جديد، بل قد يعود "دلتاكرون" إلى خطأ مخبري في مختبر الباحث القبرصي، وخصوصاً بعد تحليل التسلسل الجيني للعينات الـ 25 التي أرسلت في السابع من الشهر الجاري إلى قاعدة البيانات العالمية "GISAID" التي تتابع تغيرات الفيروس.
وإثر الإعلان، علّق أستاذ علم الفيروسات في قسم الأمراض المعدية في جامعة "امبريال كوليدج" في لندن توم بيكوك، والذي كان ضمن الفرق الإنكليزية لمواجهة فيروس كورونا الجديد، عبر حسابه على "تويتر"، على معطيات "دلتاكرون" باعتباره ناجماً عن احتمال "تلوث" حصل في المختبر، أي حصل مزج بين عينات لمرضى مصابين بمتحور "أوميكرون" ومصابين آخرين بمتحور "دلتا"، وقدّم شرحاً علميا لما قد حصل. في المقابل، ردّ كوستريكيس على شكوك بعضهم ودافع عن نتائج مختبره، مؤكداً وجود سلالة "دلتاكرون" التي تجمع خصائص "دلتا" و"أوميكرون".
ونقلاً عن صحيفة "إندبندنت" البريطانية، اعتبرت الدكتورة كروتيكا كوبالي، وهي خبيرة الأمراض المعدية في منظمة الصحة العالمية، أن متحور "دلتاكرون" ليس حقيقياً، ومن المرجح أن يكون ناجماً عن تلوث مخبري من تسلسل "أوميكرون" في عينات "دلتا"، مشددة على أهمية عدم نشر معطيات غير دقيقة أو أكيدة عن متحورات جديدة.
من جهته، أشار عالم الفيروسات اليوناني الدكتور جكيكاس ماجيوركيني من الجامعة الوطنية في اليونان وعضو الفريق العلمي اليوناني، نقلاً عن موقع "L'express"، أن التحاليل المخبرية الأولية المستقلة تظهر أن "دلتاكرون"، والذي ضجت به الوسائل الإعلامية مؤخراً، يعود إلى خطأ تقني مخبري وليس إلى انتشار متحور جديد من كورونا.
وقال الباحث البلجيكي في الميكروبيولوجيا إيمانيول أندري على الإذاعة البلجيكية "RTBF" إنه من المؤكد أن "دلتاكرون" يعود إلى خطأ مخبري ونحن في صدد معرفة ما هو". وهذا ما افترضه أيضاً الباحث في معهد "باستور" أرنو فونتاني، نقلاً عن القناة الفرنسية "BFMtv"، موضحاً أن "دلتاكرون" عبارة عن مزيج حصل داخل المختبر. ويشار إلى إرسال العينات إلى معهد "باستور" الفرنسي لدراستها وتحليلها.
في المقابل، أكّد عالم الفيروسات ورئيس الشبكة العالمية للفيروسات البروفيسور كريستيان بريشو، في مقابلة مع قناة "فرانس 24"، أن المزج بين متغيرات مختلفة أمر ممكن حدوثه في عالم الفيروسات بشكل عام وفي فيروس كورونا الجديد. طالما هناك انتشار سريع لمتحورين، فإن احتمال إعادة التركيب أو المزج بين المتحورين كبير جداً. أضاف أنه لا يوجد سبب للتشكيك بنتائج المختبر القبرصي، بل هناك حاجة لمزيد من المعطيات لتأكيد ظهور المتحور الجديد.
أما البروفيسورة في علم الفيروسات في جامعة "باريس ديكارت" كريستين روزيو، ونقلاً عن قناة "فرانس 24"، فقد اعتبرت أنه من السابق لأوانه قول أي شيء، إذ تحتاج المسألة إلى مزيد من التحاليل العلمية، غير أن احتمالية المزج واردة جداً.
في المقابل، شددت روزيو على أن "الانتشار السريع للمتحورات في العالم يبقي المجتمعات تحت رحمة هكذا نوع من الأحداث"، موضحة أن الاستراتيجيات الصحية المبنية على نسب تلقيح عالية في البلدان الغنية لن تقدّم حلولاً للمشكلة، وأن الاستراتيجيات الوطنية لا تكفي وحدها في مواجهة الفيروس. ويجب اعتماد استراتيجية عالمية مبنية على خطط عالمية للتلقيح.
إلى ذلك، يرجح الباحث في العلوم البيولوجية في الجامعة اللبنانية والمسؤول عن فحوصات كورونا في مطار بيروت الدكتور فادي عبد الساتر، في حديثه لـ "العربي الجديد"، وجود فرضيتين حول "دلتاكرون": "فإما أن تكون هناك إصابة متزامنة بمتحوري دلتا وأوميكرون وحصل خطأ في التحليل الجيني في المختبر، أو حدث فعلاً مزيج بين المتحورين وأدى إلى طفرات جديدة". ويشير عبد الساتر إلى ضرورة العمل على مزيد من التحاليل والدراسات لتأكيد المعطيات العلمية، مضيفاً: "طالما أن الفيروس ينتشر في العالم، من المتوقع ظهور متحورات جديدة حتى من بعد أوميكرون السريع الانتشار".
وفي لبنان، ما زالت آليات رصد متحورات الفيروس مبنية على مبادرات وجهود شخصية. على سبيل المثال، تكشف المعطيات العلمية التي يقوم بها عبد الساتر وفريقه العلمي في الجامعة اللبنانية، وبالاعتماد على آلية تحليل اختبارات PCR، أن نحو 90 في المائة من إصابات كورونا في لبنان هي بمتحور "أوميكرون". وإن كانت خطورته أقل من "دلتا"، إلا أنه سريع الانتشار، وبالتالي ترتفع نسب المعرضين للإصابة والاستشفاء، ما يستوجب حالة ترقب في لبنان خلال الفترة المقبلة.