منظمات سورية ودولية تختم اجتماعاتها في بروكسل: تجاوب وتحديات ترسم مستقبل سورية

01 مايو 2024
المؤتمر ركز بشكل كبير على مسألة التعافي المبكر في سورية (العربي الجديد)
+ الخط -
اظهر الملخص
- اختتمت جلسات يوم حواري لمنظمات المجتمع المدني السوري ومنظمات دولية في بروكسل، استعدادًا لمؤتمر "دعم مستقبل سورية والمنطقة"، مع التركيز على الاحتياجات الأساسية وتحفيز المانحين لدعم السوريين، خاصة بعد زلزال فبراير 2023.
- شملت الجلسات موضوعات مثل الصحة، التعليم، والعدالة الانتقالية، مع مشاركة "هيئة التفاوض السورية" لأول مرة، وتأكيد على التعافي المبكر والعملية السياسية وفق القرار الأممي 2254، وسط اتهامات للنظام السوري بسوء استغلال المساعدات.
- نداء من منظمات حقوقية سورية للمساءلة وتعزيز الخدمات الأساسية وفرص العمل للاجئين، مع التأكيد على الدعم النفسي والاجتماعي، ومطالبة مناطق شمال وشرق سورية بتمثيل سياسي حقيقي وتحسين الاستجابة للاحتياجات الإنسانية.

اختُتِمَتْ يوم الثلاثاء، جلسات يوم حواري لمنظمات المجتمع المدني السوري ومنظمات دولية، في إطار فعاليات مؤتمر "دعم مستقبل سورية والمنطقة"، المعروف بـ"مؤتمر بروكسل"، وذلك استعدادًا للاجتماع الوزاري الرسمي المقرر في 27 مايو/أيار المقبل.

وشهدت الجلسات والمناقشات التي جرت في العاصمة البلجيكية بروكسل عدة محاور، حيث ناقشت منظمات المجتمع المدني السوري مع الجهات الفاعلة من منظمات وممثلي حكومات أبرز الاحتياجات والتوصيات. ويهدف هذا النقاش إلى تقديمها في الاجتماع الوزاري المقبل، الذي سيعقد في المكان ذاته برعاية الاتحاد الأوروبي.

يُعتبر اليوم الحواري جزءًا من فعاليات النسخة الثامنة لمؤتمر بروكسل، حيث يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تحفيز المانحين لتقديم مزيد من الأموال والدعم للسوريين في البلاد ودول الجوار. وذلك خاصة مع دخول الحرب عامها الثالث عشر، وزيادة عدد المهجرين والنازحين بالإضافة إلى نقص الاحتياجات، والذي ازداد تفاقماً بعد كارثة زلزال فبراير/شباط 2023.

من جهته، أكد محمد حسنو المدير التنفيذي لـ"وحدة تنسيق الدعم"، والذي حضر المؤتمر في بروكسل، أن الجلسات شملت ست طاولات مستديرة تناولت عدة ملفات أساسية. بالإضافة إلى "دفع مسار العملية السياسية وفق القرار الأممي 2254".

وأشار حسنو، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن "هيئة التفاوض السورية" شاركت بجلسة خاصة ولأول مرة في مؤتمر بروكسل، مستطرداً بالقول إن الجلسات تناولت مواضيع أخرى مثل "القطاع الصحي وآليات استثمار في القوى العاملة الصحية"، و"التعليم والعوائق وفرص تعليم الشباب والتحديات"، و"تعزيز استدامة الخدمات الأساسية وفرص سبل العيش، من أجل اللاجئين والمجتمعات المضيفة في تركيا والأردن ولبنان"، و"المساعدات الإنسانية والحماية وآليات التعافي المبكر"، و"العدالة الانتقالية والمحاسبة والكشف عن المفقودين كأساس للمصالحة الشاملة".

وبين حسنو أن المؤتمر ركز بشكل كبير على مسألة "التعافي المبكر، حيث كان هناك توجه موحد متحفظ للسوريين في شمال غرب حول هذا الجانب وأهدافه وآليات عمله".

من جانبها، تتهم منظمات وجهات سياسية سورية معارضة، النظام السوري باستجرار أموال المساعدات دون توجيهها للتعافي المبكر. في الوقت الذي يصرّ فيه الغرب، الولايات المتحدة وأوروبا، على عدم البدء بعملية إعادة الإعمار حتى تحقيق الحل السياسي الشامل في سورية، وفقاً للمخرجات الأممية وفي مقدمتها القرار 2254، يبدو أن رئيس النظام بشار الأسد يستغل برامج "التعافي أو الإنعاش المبكر" كوسيلة لاستجرار الأموال للاستفادة منها في بدء مرحلة إعادة الإعمار بغطاء المساعدات والأموال الأممية.

وتتأكد المنظمات السورية، وخاصة تلك النشطة في المناطق المعارضة، بالإضافة إلى المنظمات الحقوقية التي تراقب نشاطات النظام، من أن أنشطة "التعافي المبكر" التي أصرت روسيا على تضمينها في قرارات التجديد الثلاثة الأخيرة لآلية إدخال المساعدات الأممية، ما زالت تستهدف المناطق التي يسيطر عليها النظام، مما يسهم في تأهيل بعض المؤسسات الخدمية أو مشاريعها.

في السياق نفسه، أطلقت منظمات حقوقية سورية نداءً "من أجل المساءلة الشاملة والتدخلات القانونية في سورية"، داعية منظمات المجتمع المدني والهيئات الفاعلة للتوقيع عليه.

وأكد البيان على "أهمية مواجهة الانتهاكات الحقوقية الخطيرة والمستمرة في سورية"، مشيراً إلى "تورط النظام السوري ومجموعات مسلحة مختلفة وقوى خارجية في جرائم تدمر الشعب وتهدد استقرار المنطقة".

وأشار البيان إلى أن "النظام السوري يمارس تكتيكات قمعية ويتورط في أنشطة غير مشروعة، بما في ذلك تهريب المخدرات لتمويل عملياته القمعية وتشكل تهديداً للأمن العالمي".

وحث البيان المجتمع الدولي على "توحيد جهوده من أجل العدالة والسلام في سورية، ومحاسبة جميع الأطراف المتورطة في جرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك النظام السوري والمجموعات المسلحة المرتبطة والفاعلين الخارجيين".

وطالب البيان "بوضع تنظيمات دولية صارمة واتخاذ تدابير استباقية لتفكيك الشبكات المتورطة في تهريب المخدرات وتمويل الصراع في سورية".

سامر ضيعي، المدير التنفيذي لرابطة المحامين السوريين الأحرار، الذي حضر جلسات اليوم الحواري، أكد أن "الأولويات التي يركزون عليها في هذه النسخة تتمحور بشكل كبير حول تعزيز الخدمات الأساسية وفرص العمل للاجئين والمجتمعات المضيفة". وأشار ضيعي إلى "أهمية تعزيز البنية التحتية في مجالات الصحة والتعليم بشكل خاص، نظرًا لتفاقم الحاجة إليها بسبب الأزمة الممتدة، حيث يعتبر دعم الصحة العامة وتوفير التعليم الجيد عوامل أساسية لتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة في المنطقة".

وأضاف ضيعي، لـ"العربي الجديد"، أنهم يسعون أيضاً لدعم البرامج التي تعزز الاقتصاد المحلي للمجتمعات المضيفة، مما يساعد في دمج اللاجئين وتحقيق التكامل الاجتماعي والاقتصادي. وأكد على أهمية توفير الدعم النفسي والاجتماعي للأفراد المتأثرين بالأزمة، حيث يلعب الجانب النفسي دوراً كبيراً في عملية التعافي والاندماج.

وفي أعقاب النسخ السابقة، ركزت منظمات سورية على تملص بعض الدول من تنفيذ التزاماتها المالية في مؤتمر بروكسل، وبشأن هذا الموضوع، أشار ضيعي إلى أن هذه المشكلة تعتبر من بين أكبر التحديات التي تواجه المنظمات. وأعلن عن نية طرح هذه القضية بقوة خلال المؤتمر، حيث يعتبر الالتزام المالي الكامل من الدول المشاركة ضروريًا لضمان استمرارية البرامج والمبادرات الإنسانية. وأكد على أهمية الشفافية والمساءلة في توفير الدعم المالي لضمان استجابة فعالة للأزمة السورية، مشددًا على ضرورة حث الدول المانحة على تحمل مسؤولياتها والوفاء بوعودها لدعم الشعب السوري بشكل عاجل ومستدام.

عند إعلان الاتحاد الأوروبي عن موعد اليوم الحواري واليوم الرسمي للمؤتمر، برز بيان المنظمات الفاعلة في مناطق شمال وشرق سورية، التي تخضع لـ"الإدارة الذاتية" الكردية. حثت هذه المنظمات المشاركين في النسخة الحالية على عدم تهميش قضايا مناطقهم، وتبني مُقاربة إنسانية أكثر شمولًا، ووضع القضايا والاحتياجات الإنسانية في مناطق شمال شرق سورية في صلب النقاشات، وعدم تسييس المساعدات الإنسانية.

وعبر الصحافي شيروان يوسف، الذي حضر بصفته ممثلاً عن مناطق شمال وشرق سورية، عن استيائه من "التجاهل الذي تعرضت له منطقة شمال وشرق سورية بسبب هويتها الكردية". وأشار إلى أن "بعض الأطراف السياسية السورية وبعض الدول الإقليمية ما زالوا يرفضون منح الكرد حقوقهم كمكون سوري مستقل ضمن الجغرافيا الوطنية"، وهذا ما يعتبره الصحافي السبب الرئيسي لمعاناة المنطقة.

وأردف بالقول لـ"العربي الجديد"، بأنه "بعد نحو 13 عاماً من الأزمة السورية، ما زالت هناك أطراف سياسية سورية"، و"دول إقليمية ترفض حصول الكرد على حقوقهم كمكون سوري مستقل ضمن الجغرافيا الوطنية، وهذا هو التجاهل الحقيقي والسبب الرئيسي الذي تعاني منه المنطقة، فهناك تجربة سياسية وإدارية يمكن أن تكون نموذجا للحل السوري الشامل بغض النطر عن الأخطاء التي تحصل ضمن مناطق هذه الإدارة، وما تبقى هو نتائج للسبب الحقيقي والرئيسي".

وأضاف: "هناك إقصاء مقصود لتمثيل الكرد في إطار الحل السوري والمحافل الدولية، وجعلهم عرضة للهجمات التركية بعد ما عانوا الويلات خلال السنين الماضية من تنظيم داعش"، مشيراً إلى أن "التطورات الأخيرة (الهجمات التركية) أثرت بشكل سلبي على البنية التحتية الحيوية وفاقمت الأزمة الإنسانية، وهناك ضرر كبير لحق موارد سبل العيش وهذا يدعو داعمي الحل السوري الدوليين والمنظمات الدولية لمعالجة هذه الازمة بشكل عاجل وطارئ وخاصة مدينة الحسكة التي تعاني العطش نتيجة قطع مياه الشرب في محطة علوك، من قبل فصائل المعارضة المدعومة من تركيا في رأس العين".

وأكد يوسف على أن "هناك أصواتاً قوية تأتي من شمال شرق سورية والمشاركين في مؤتمر بروكسل لدعم مستقبل سورية والمنطقة تطالب برؤية هذه المنطقة الجغرافية المهملة من قبل الممولين الدوليين، وتحث على إيجاد تمثيل سياسي حقيقي لشمال شرق سورية في المفاوضات السورية للوصول إلى حل للأزمة".

وأشار يوسف إلى أن "الاحتياجات الرئيسية لمناطق شمال وشرق سورية تشمل الحاجة إلى الحماية، والمساعدات الصحية، والغذاء، والمأوى، والمياه، وتزداد هذه الاحتياجات بشكل كبير بسبب الصراع المستمر والأزمات الإنسانية، بما في ذلك النزوح الداخلي والتحديات الاقتصادية، بالإضافة إلى أن نقص التمويل يؤثر على قدرة المنظمات الإنسانية المحلية على تقديم الدعم اللازم، خاصة أن الخطأ الكبير الذي يرتكبه الممولون، هو عملهم عبر المنظمات الدولية الوسيطة، وعدم دعم المنظمات المحلية بشكل مباشر، فهناك مبالغ ضخمة من التمويلات تصرف على الموظفين الدوليين غير السوريين".

وبالنسبة لهوية مناطق شمال وشرق سورية، فهي ذات غالبية عربية، مع وجود عناصر من الأكراد والسريان والتركمان والأرمن، وتحتوي على نسيج عشائري عربي بارز، ومع ذلك، فإن هوية المنطقة الكردية مهمة جدًا بسبب السيطرة الكبيرة للأكراد على القيادة العسكرية والإدارية.

وكانت النسخة السابقة والسابعة من المؤتمر، أفصحت عن تقديم 10.3 مليارات دولار لتمويل العمليات الإنسانية في سورية، لكن المنظمات السورية والرعاة الدوليين لا يزالون يعانون من مشكلة عدم إيفاء الدول بتعهداتها المالية، إضافة إلى أن الكتلة الكبيرة من الأموال التي يتم اقتطاعها من أموال التبرعات تذهب لصالح النفقات التشغيلية للمنظمات الدولية المشرفة على الإنفاق والمشاريع، ومن ضمنها رواتب الموظفين العالية وتكلفة عقد الاجتماعات والحجوزات وأجور المكاتب وغيرها من النفقات، التي تؤثر بشكل كبير على حجم الكتلة الرئيسي وما يصل منها للمحتاجين.

المساهمون