ليبيا: عائلات تبحث عن مفقوديها بجهد شخصي

12 مارس 2022
انتشال جثة من مقبرة جماعية في ترهونة (ندى حرب/ Getty)
+ الخط -

تعيش عشرات أسر المفقودين في ليبيا على أمل عودة أبنائها أو العثور على جثثهم في المقابر الجماعية المنتشرة في البلاد، وأكبرها في مدينة ترهونة، جنوبي العاصمة طرابلس، التي تكتشف فيها جثث جديدة يوماً بعد يوم من دون أن تتمكن السلطات من التعرف إلى الضحايا.  
أخيراً، أبلغت رابطة ضحايا ترهونة أسرة محمد عبد القادر بتعرّفها إلى جثته ضمن الجثث التي ما زالت مختبرات الهيئة العامة للبحث والتعرف إلى المفقودين تعمل على تحليلها ومطابقة عينات الحمض النووي مع ذوي المفقودين للتعرف إليها.
وأوضحت الرابطة أن عبد القادر اختطف على يد مليشيات المدينة في سبتمبر/ أيلول عام 2019، عندما أبلغ عن مشاهدته جرائم تصفية تقوم بها المليشيات بحق مدنيين، وغابت أخباره من يومها إلى أن تم التعرف إلى جثته من بين الجثث المنتشلة من المقابر الجماعية في المدينة التي خلفتها الحرب المدمرة في جنوب العاصمة طرابلس، وكانت ترهونة مركزاً لمعسكرات مليشيات حفتر.
ومنذ يوليو/ تموز من العام الماضي، توقفت الهيئة العامة للبحث والتعرف إلى المفقودين الحكومية عن نشر إحصائيات جديدة عن أعداد الجثث المنتشلة من المقابر الجماعية المنتشرة في جنوب طرابلس وترهونة، بعدما أعلنت أن عدد الجثث التي عثر عليها بلغ 206 جثث. وأصدر عدد من النواب في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بياناً استنكروا فيه عدم عمل السلطات على إنهاء قضية المقابر الجماعية والتحقيق فيها، وذكروا أن عدد المقابر المكتشفة في ترهونة بلغ 78 مقبرة جماعية وفردية، فيما ارتفع عدد الجثث المنتشلة من هذه المقابر إلى 238 جثة، غالبيتها مجهولة الهوية.
وفي الخامس والعشرين من الشهر الماضي، أقام أهالي مدينة ترهونة مراسم تأبين لفرج الجويلي، بعد التعرف إلى جثته من بين الجثث المنتشلة من المقابر الجماعية من خلال تحاليل الحمض النووي.

وتأمل أسرة الصادق العباني التي فقدت ثلاثة من أبنائها في العثور على جثثهم. وما زال الأب يتابع الجهات الحكومية المختصة التي تعمل على تشريح وتحليل الجثث التي انتشلت من عدد كبير من المقابر الجماعية.
ويتحدث المسؤول بإدارة البحث عن الرفات بالهيئة العامة للبحث والتعرف إلى المفقودين عمر الشديد عن الصعوبات التي تواجه فريقه في ظل الإمكانيات المحدودة والدفن العشوائي رغم الدوافع الإنسانية لدى أعضاء فريقه، مشيراً إلى عوامل تتعلق بصعوبة الأرض والبحث فيها وكيفية التعامل معها أثناء انتشال الجثث التي تحللت بمعظمها. يضيف أن اتساع مساحة المقابر جعل فرق هيئة البحث والتعرف إلى المفقودين تعتمد بشكل أساسي على البلاغات التي تصل من أهالي المناطق التي شهدت الحرب.

انتشال جثة من مقبرة جماعية في ترهونة (ندى حارب/ Getty)
يودع الأهل أحباءهم الـ12 في جنازة جماعية في ترهونة (محمود تركية/ فرانس برس)

وتشير الهيئة إلى العثور على عدد من المقابر الجديدة التي انتشلت منها أشلاء. ويقول الشديد إنه "عثر على بعض الجثث في آبار مياه، وأخرى في أكياس بلاستيكية ملقاة بالعراء، بالإضافة إلى وجود عشرات الجثث في مقابر داخل مقار حكومية، آخرها مقبرة في مقر مبنى الأمن في ترهونة".
كما يتحدث الشديد عن انتشار كبير للمقابر الجماعية في مشروع الربط في ترهونة وفي منطقة الدوائر الزراعية في طريق المطار، جنوب طرابلس، ما يجعل الحصر النهائي لعدد الجثث غير ممكن في الوقت الحالي، كما يشير إلى صعوبات أخرى، من بينها تركيز العمل على مقابر ترهونة على حساب البحث عن مفقودين في مناطق أخرى من البلاد، مثل مدينة سرت (شمال البلاد)، حيث ما زالت عدة أسر تطالب بضرورة الكشف عن مصير أبنائها المغيبين منذ سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على المدينة عام 2016.

وبحسب الإحصائيات الحكومية، فإن عدد المفقودين المسجلين لديها بلغ 3650 مفقوداً من مختلف المدن، من بينهم 350 مفقوداً في ترهونة وحدها. وفي ظل الصعوبات التي تحدث عنها الشديد وعدد من المسؤولين الحكوميين، والتي تعيق العمل على إنهاء ملف المفقودين، يعرب عبد الله الربيعي، وهو من مدينة ترهونة، عن استيائه بسبب عدم التجاوب الجدي من السلطات.
ويقول الربيعي لـ"العربي الجديد"، إنه فقد أخاه منذ إبريل/ نيسان الماضي. وبعد التبليغ عن فقدانه، أكد للجان المعنية بانتشال الجثث وصوله إلى معلومات عن وجود جثة شقيقه في مقبرة توقف البحث فيها منذ شهرين، لكن مساعيه لم تلق أي تجاوب. وكحال الكثير من الأسر التي فقدت أبناءها، يبدو الربيعي متأكداً من مقتل أخيه. في المقابل، يأمل العباني بأن تكون معلومات توصل إليها بجهد شخصي صحيحة، إذ عرف أن أحد أبنائه الثلاثة ما زال أسيراً لدى مليشيات حفتر. في هذا الإطار، يتواصل مع جهود اللجان الأهلية التي تعمل على تبادل الأسرى، أملاً في أن تكون المعلومات صحيحة. 

المساهمون