ليبيا: سرقة أسلاك الكهرباء تهدد بصيف مظلم

17 مارس 2021
أسلاك جديدة بعدما سرق مخرّبون تلك القديمة (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

 

تتكرر عمليات سرقة أسلاك الكهرباء في ليبيا، بهدف الاستفادة من المال المجني من بيعها. وهذه العمليات لا تلحق الخسائر بالمؤسسات الرسمية المعنية فقط إنّما كذلك بالسكان الذين يُحرمون من التيار الكهربائي ويغرقون في الظلام.

حذّرت الشركة العامة للكهرباء في ليبيا من صيف مظلم إذا استمرت التعديات التي تتعرّض لها خطوط نقل الطاقة والإمداد بالتيار الكهربائي بين المدن والمناطق في مختلف أنحاء البلاد. وحتى الأسبوع الماضي، كانت الشركة قد كشفت عن سرقة ثمانية آلاف متر من الأسلاك في مناطق مختلفة، موضحة أنّ خارجين عن القانون نهبوا 1200 متر من منطقة واحدة في جنوب طرابلس، ما تسبّب في فقدان ستة مراكز لتوليد الكهرباء. وأوضحت الشركة في بيان أنّ هذه الاعتداءات أدّت إلى تكرار حالات فصل الكهرباء وانقطاعها عن عدد كبير من القاطنين في مناطق عدّة، محذّرة من أنّ تزايد سرقة معدات الكهرباء وتحوّل الأمر إلى ظاهرة منتشرة في مختلف المناطق قد يهددان البلاد بصيف مظلم.

أضافت الشركة في بيانها أنّ استقرار الشبكة خلال الفصل الحالي يمكن أن يستمر من خلال رفع ساعات طرح الأحمال (قطع التغذية) في المناطق، لكنّ تزايد الطلب على الطاقة خلال فصل الصيف يزداد أضعافاً، الأمر الذي يجعل الشركة عاجزة عن تلبية الاحتياجات المطلوبة من الكهرباء. وناشدت الشركة الجهات الأمنية والقضائية اتخاذ ما يلزم من إجراءات لردع المخرّبين والحد من تلك الظاهرة ومعالجتها بحسم، من خلال "فرض القانون للحفاظ على حقوق الناس والمال العام".

وفي الوقت الذي تتراوح فيه ساعات طرح الأحمال اليومية في مختلف المناطق ما بين أربع ساعات وسبع، تنشط العصابات في المناطق وأحياء المدن النائية لسرقة كابلات وأسلاك الكهرباء "بهدف الحصول على مادة النحاس وبيعها بأسعار عالية للتجار"، وفق ما يقوله المهندس وائل مكرم من قسم الصيانة في الشركة العامة للكهرباء لـ"العربي الجديد". ويوضح مكرم أنّ "الوضع أسوأ ممّا هو معلن عنه، فعدد كبير من المناطق البعيدة خارج برامج طرح الأحمال فتغيب الكهرباء عنها بالتالي لأيام عدّة بسبب سوء أوضاع خطوط النقل وعجز الشركة عن حمايتها".

وفي هذا الإطار، يقول نصر الدين التواتي وهو من سكان حي الرملة جنوبي طرابلس لـ"العربي الجديد"، إنّ "المولّد الصغير في المنزل صار يصاحب بضجيجه يوميات أسرتي، ولم نعد نطالب بالحق في الكهرباء في ظل الأوضاع السيئة التي نعيشها". يضيف التواتي أنّ "المناطق التي تضررت بسبب الحرب التي دارت العام الماضي في جنوب العاصمة، ما زالت بمعظمها تعاني تقطعاً كبيراً في شبكة الكهرباء".

قضايا وناس
التحديثات الحية

وفيما يتّهم التواتي الشركة بعدم توفير الحماية لخطوط نقل التيار الكهربائي، يوضح مكرم من جهته أنّ "الحماية ليست من اختصاصات الشركة ويجب على السلطة إنشاء جهاز خاص بشركة الكهرباء لفرض الأمن والمساعدة في جباية رسوم الكهرباء التي يتهرّب منها المواطن في مقابل مطالبته باستمرار وصول التيار الكهربائي إلى بيته".

وسرقة أسلاك الكهرباء طاولت خدمات أساسية أخرى غير التغذية بالتيار، فقبل نحو أسبوعَين كشفت الشركة العامة للكهرباء أنّ خارجين عن القانون سرقوا أسلاك خط الكهرباء الذي يغذي آبار مياه لأربعة أحياء في مدينة بنغازي في شرق البلاد، بينما اشتكت بلدية سبها في الجنوب من عجزها عن توفير الوقود لمولدات مراكز العزل التي تؤوي مئات من مرضى كوفيد-19 الذي يتسبب فيه فيروس كورونا، بسبب انقطاع الكهرباء عن المدينة لأيام عدّة.

ويلفت مكرم إلى أنّ موارد الكهرباء والميزانيات المخصصة لها "لن تكفي لتعويض الأمتار الكثيرة من الأسلاك المسروقة"، مشيراً إلى أنّ تحذير الشركة من حدوث ظلام في الصيف المقبل "أمر مرجح جداً". وفيما يقول مكرم إنّ الحل هو في نشر فرق أمنية لملاحقة العصابات، أعلنت وزارة الداخلية في حكومة الوفاق الوطني في البلاد عن ضبطها عدداً من الخارجين عن القانون المتورطين في سرقة أسلاك الكهرباء. وشرحت الوزارة في بيان أنّ إحدى عمليات القبض على متورطين في السرقة أنجزت بالتعاون مع الأهالي، مؤكدة أنّ تعاون الأهالي مؤشر إلى تفشي هذه الظاهرة وتضرر المواطنين منها.

قضايا وناس
التحديثات الحية

وبحسب تصريحات أدلى بها مسؤولون في الشركة العامة للكهرباء في بداية العام الجاري، فإنّ خسائر الشركة من جرّاء التعدي على محطاتها ومقدراتها تخطت خمسة ملايين دولار أميركي. وأشاروا إلى أنّ أسلاك الكهرباء المسروقة قدّرت حتى نهاية العام الماضي بنحو 600 ألف متر، تُضاف إليها مئات من محوّلات الكهرباء.

تجدر الإشارة إلى أنّه في أول تصريحات رئيس الحكومة الليبية الجديدة، عبد الحميد الدبيبة، تعهّد بالعمل على تقليل الانقطاعات في التيار الكهربائي إلى الحد الأدنى خلال موسم الصيف المقبل. أضاف في تغريدة له على "تويتر" أنّه بادر إلى لقاء مسؤولي الشركة العامة للكهرباء بهدف بحث إمكانية تحسين جودة الخدمات واستدامة الإمداد بالطاقة.

المساهمون