استمع إلى الملخص
- وزارة الصحة التونسية منعت السباحة في 28 شاطئاً هذا الصيف، منها شواطئ قرب المصانع التي تسكب مواد ملوثة في البحر، والديوان الوطني للتطهير يواجه صعوبات في معالجة مياه الصرف الصحي.
- حوادث الغرق تتزايد سنوياً، مع تسجيل أكثر من 20 غريقاً بين 1 مايو و17 يونيو، والأهالي يطالبون بحلول للتلوث البحري ونفوق الكائنات البحرية.
تمتد الشواطئ التونسية على طول 1600 كيلومتر، لكن العديد من المناطق الشاطئية تشكو تلوثاً جعل قرابة 30% من الشواطئ العمومية غير صالحة للسباحة. وكشفت دائرة المحاسبات التونسية (حكومية)، عن زيادة الأنشطة البشرية على الشريط الساحلي الذي يعيش عليه نحو ثلثي السكان، حيث بات يتمركز فيه أكثر من 70% من الأنشطة الاقتصادية، إضافة إلى 90% من الأنشطة السياحية والصناعية، مشيراً إلى أن تلك الإشغالات، وبعضها من دون وجه قانوني، تسببت في بروز ظواهر سلبية من بينها اختلال المنظومة البيئية والانجراف البحري.
وتحدّد جهات رسمية سنوياً قائمة بالشواطئ الصالحة للسباحة، بعضها متغير حسب تغير حالة الشاطئ، وبعضها ثابت بسبب ارتفاع نسب التلوث، والتي باتت تهدد الثروة البحرية. ولا يمتثل بعض المصطافين لقرارات المنع على الرغم من تعليق لافتات تحذر من السباحة بسبب تلوث المياه أو بسبب خطورة بعض الشواطئ التي تحتوي على صخور.
وتسجل العديد من الشواطئ وفيات سنوياً نتيجة الغرق، سواء بسبب الأحوال الجوية، أو مجازفة بعض المصطافين، أو بسبب السباحة في شواطئ يمنع فيها السباحة بسبب وجود صخور خطرة. وأفادت إدارة حفظ الصحة وحماية المحيط بوزارة الصحة، بأنه تقرّر خلال الصيف الحالي منع السباحة في 28 شاطئاً لكونها تشكل خطراً على صحة المصطافين.
ومن بين الشواطئ الممنوعة شاطئ "حلق الواد" في العاصمة تونس نظراً لارتفاع نسب التلوث، إضافة إلى 16 شاطئاً في محافظة بن عروس، حيث تسكب العديد من المصانع مواد ملوثة في البحر، ومنعت الوزارة السباحة في شاطئ بمحافظة نابل، وفي ستة شواطئ بمحافظة بنزرت، وشاطئ بمحافظة سوسة وعدة شواطئ في محافظة قابس.
وأغلب الشواطئ الممنوعة تقع في مناطق قريبة من المصانع التي تسكب مواد ملوثة في البحر من دون معالجة، رغم تأسيس الديوان الوطني للتطهير المكلّف بإدارة خدمة الصرف الصحي ومقاومة كل مصادر التلوث البحري، والذي لا يملك التعامل مع تلك الأوضاع الكارثية للشواطئ بسبب عدم امتلاك الموارد البشرية واللوجستية والمادية للقيام بمعالجة مياه الصرف الصحي.
وجاء تحديد قائمة الشواطئ في إطار الوقاية من المخاطر الصحية المرتبطة بالسباحة في البحر، وتشمل الشبكة الوطنية لمراقبة مياه الشواطئ 539 نقطة مراقبة، موزعة على كامل الشريط الساحلي. وأكدت وزارة الصحة أنها "أعلمت السلطات الجهوية لاتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع السباحة في الشواطئ المذكورة، والحد من تلوث مياه البحر، داعية مرتادي الشواطئ إلى الامتناع عن ارتياد الشواطئ الملوثة، وتجنب السلوكيات التي يمكن أن ينجم عنها تلوث مياه البحر".
يؤكد عبد الرحمن العوني ( 55 سنة) أنّه يرتاد منذ سنوات شاطئ حلق الواد، وقد لاحظ تغير لون مياه البحر بعد انتشار المطاعم والمقاهي التي تسكب مياه الصرف مباشرة في البحر. مضيفاً: "رغم شكاوى الأهالي، ومطالبتهم بإيجاد حلول لتلوث البحر، وإجبار المطاعم والمقاهي على ربط قنواتها بقنوات الصرف الصحي، والأزمة تفاقمت خلال السنوات العشر الأخيرة، لكن لا يزال الشاطئ يستقبل مئات المصطافين يومياً كونّه قريب من العاصمة ومن وسائل النقل".
تعيش رقية في منطقة دار شعبان الفهري بمحافظة نابل، ورغم منع السباحة في شواطئ المنطقة منذ ثلاث سنوات، لكنّها ترتاد مع عائلتها ذلك الشاطئ رغم التحذيرات، ورغم ملاحظتها تغيّر لون مياه البحر مقارنة بالسنوات السابقة، وذلك بسبب انتشار مصانع لإنتاج المواد الغذائية بالقرب من البحر، وتقول: "تعود أغلبنا على السباحة في هذا الشاطئ، والتنقل إلى شواطئ أخرى مكلف".
وشهدت العديد من الجهات في فترات مختلفة وقفات احتجاجية نظمها الأهالي بدعم من منظمات وجمعيات بيئية للمطالبة بإيجاد حلول لارتفاع نسب التلوث البحري، خصوصاً في الشواطئ القريبة من التجمعات السكنية، والتي حُرم السكان من السباحة بها بسبب التلوث، وشهدت عدّة شواطئ نفوق كائنات بحرية بسبب التلوث، من بينها السلاحف التي يُعثر على كثير منها نافقة على الشاطئ.
كما تشهد العديد من الشواطئ حوادث غرق مصطافين، وكشفت أجهزة الدفاع المدني أنّ عدد الغرقى بالشواطئ التونسية بلغ خلال الفترة من 1 مايو/أيار إلى غاية 17 يونيو/حزيران الماضي، أكثر من 20 غريقاً، كان أغلبهم بشواطئ محافظة نابل التي سجلت سبع وفيات، تلتها محافظة مدنين بأربع وفيات، بينما سجلت الفترة نفسها من عام 2023، ثلاث حالات غرق فقط، كما بلغ عدد الأشخاص الذين تمّ إنقاذهم 47 شخصاً، مقارنة مع سبع حالات فقط في العام الماضي.