فطر تركيا: شكر وسكّر

02 مايو 2022
توزيع الحلوى خلال العيد من التقاليد العثمانية (أونور دوغمان/ Getty)
+ الخط -

لا تندرج عادة طرق الأطفال أبواب المنازل للحصول على سكاكر أو "عيدية" ضمن العيب أو التصرف غير اللائق اجتماعياً في تركيا، ويراها المواطنون ضمن طقوس أعيادهم ومن التقاليد العثمانية الموروثة، ويعتبرونها من سمة الأعياد التي تجلب الفرح في ظل الاحتفاء بالأطفال الذين ينتقلون من مكان إلى آخر حاملين أكياساً لجمع السكاكر، ويتوزعون قرب أبواب المساجد والمقابر ليحصلوا على حلوى العيد.
ولا تختلف عادات العيد في تركيا كثيراً عن تلك التي في باقي الدول العربية والإسلامية، رغم أنّ هذا البلد يحتفظ حتى اليوم ببعض العادات العثمانية في السلوك أو المأكل. ويكثر في تركيا استخدام العطور وسكب العطر المصنوع من زهور الربيع، على أيدي الضيوف، ولا تحضر أنواع طبخ كثيرة صباح عيد الفطر، كما يحصل في معظم البلدان العربية، وهو ما توضحه فوندا يلديز في حديثها لـ"العربي الجديد"، وتضيف: "لدينا في تركيا فقط عادة طبخ ورق العنب بكميات تفيض عن احتياجات الأسرة، فيوزع الأطفال هذه الأكلة إلى جانب سكاكر وحلويات العيد، ويجري تقديمها للضيوف والمهنئين بحلول العيد".

وتفند يلديز عادات الأتراك بأنّها "تبدأ بتنظيف المنازل أكثر من المعتاد، وقد تشمل شراء مفروشات جديدة أحياناً، وتوزيع زهور وأضواء زينة لإنارة شرفات المنازل. ونحن نمنع دخول الضيوف المنازل بأحذيتهم، ونعطيهم أحذية منزلية. أيضاً يشتري الرجال حلوى العيد من سكاكر وبقلاوة وملابس جديدة وإكسسوارات للبسها خلال أيام العيد. وبعضهم يجددون التأكيد على الوفاء للزوجات، ويقدمون لهن هدايا من ذهب". وتشير يلديز أيضاً إلى أنّ "من عادات الأتراك، خصوصاً خلال الأعياد، تقبيل يد الشخص الكبير حتى إذا كان من غير الأقرباء، وهو ما لا نراه عند العرب، علماً أننا نعتبر أن تقبيل يد المسن خلال العيد من شروط التهنئة، وهو يرد عادة بإعطاء الأطفال نقود عيدية". 

تقتصر ضيافة العيد على الشاي والبقلاوة والقهوة (مهمت عاكف برلك/ الأناضول)
تقتصر ضيافة العيد على الشاي والبقلاوة والقهوة (محمد عاكف برلك/ الأناضول)

وخلال شهر رمضان أيضاً تختلف عادات الأتراك عن العرب في عدم التفرّغ للطعام، والحرص على تزيين المنازل بفوانيس وعطور، مع الاهتمام بالجانب الروحي المتمثل في قراءة القرآن والدعاء، وكذلك بتبييض ديون المحلات في هذا الشهر، إذ تتكفل جمعيات ورجال أعمال وأحياناً بلديات في إيفاء ديون الفقراء في هذه المحلات، من دون أن يذكروا أسماءهم".
وتؤيد الشابة شولي، وهي عازفة كمان، في حديثها لـ"العربي الجديد" أنّ "بعض العادات في طريقها إلى التلاشي، وبينها تلك المتعلقة بالطعام، إذ يكتفي الناس بتقديم الشاي وكعك العيد. كما ألغيت غرفة الضيوف في غالبية بيوت الأتراك الذين يقصد معظمهم مدناً أخرى لأخذ عطل ويحجزون أماكن في مناطق سياحية، لكن تبقى بعض العادات مترسخة حتى في إسطنبول وأنقرة، منها طرق الأطفال أبواب الجيران والأقارب لجمع حلوى العيد خلال عيد الفطر، وذبح الأضاحي خلال عيد الأضحى".

يذكر أن عيد الفطر الحالي هو الأول منذ سنتين الذي تسمح فيه السلطات التركية بزيارات المقابر، بعد الإغلاقات التي فرضها تفشي وباء كورونا. وانتشرت في تركيا خلال عامي كورونا زيارة القبور الافتراضية التي ابتكرها محمد جيتين، صاحب شركة لمستلزمات الموتى ورعاية القبور، الذي قدم خدمة زيارة رقمية مع مكالمة فيديو بعد تزيين ورعاية قبور أقارب عملائه الذين لم يتمكنوا من مغادرة منازلهم أثناء عملية الإغلاق الكامل. وأنشأ جيتين شركة صيانة وبناء مقابر، وقدم الخدمة إلى عدد كبير من العملاء، ما لاقى قبولاً ساهم في توسيع عمل الشركة في الولايات التركية خلال وقت قصير.
ويطلق على عيد الفطر في تركيا اسم عيد السكر. أما آخرون فيعتبرون الاسم من التقاليد العثمانية، ويرتبط بتوزيع الحلوى خلال العيد، خصوصاً للأطفال الذين يجوبون المنازل لتحصيل حقهم بالسكاكر و"العيدية".

المساهمون