استمع إلى الملخص
- يواجه أصحاب المطاعم تحديات مثل ندرة العمالة والتضخم، ويعتمدون على جودة الطعام والابتكار في التسويق، مثل عبد الكريم الزعبي ودعاء.
- تتنوع الأطباق المصرية المقدمة، مثل الفول والطعمية والكشري، مع استراتيجيات تسويقية مبتكرة لجذب العملاء، مثل تقديم تنزيلات خلال ساعات محددة.
لا تقدم المطاعم المصرية في تركيا فقط أطباقاً تشهد على عراقة المطبخ الذي تمثله وميزاته، بل تتحوّل إلى سفيرة لهذا المطبخ وتجذب متذوقين جدداً من مواطنين وسياح.
الطعام ثقافة تميّز بين بلد وآخر، وهو جزء لا يغفل عنه السياح في أي مكان، لكن في حال الاستقرار في بلد معين تبحث الجاليات عادة عن مطبخها ووصفاتها الخاصة. ورغم أن هناك أطباقاً مشتركة بين المطبخين التركي والمصري، مثل المشويات والمحاشي وحتى الحلويات مثل "المهلبية"، قرر أصحاب مطاعم مصريون أن تكون مصرية خالصة باستخدام مكونات بعضها من السوق المحلية وأخرى مستوردة من مصر.
يقع مطعم "كايرو" في منطقة عثمان بيه بقلب مدينة إسطنبول السياحية، ويملكه المهندس مجدي وزوجته هبة اللذان افتتحا المشروع بعدما تكررت زياراتهما لإسطنبول بغرض السياحة، ولاحظا غياب خيارات المطاعم العربية المتنوعة، خصوصاً المصرية، ما جعلهما يشعران بأن المطبخ المصري "مظلوم"، في حين أنه جدير بالعالمية والشهرة مثل أي مطبخ متوسطي.
وفي شأن اختيار موقع إنشاء مطعم "كايرو"، وجد الزوجان أن المكان الأنسب يجب أن يجمع عدداً كبيراً من الأتراك والسياح ورجال الأعمال العرب، ووقع خيارهما على منطقة عثمان بيه وسط إسطنبول الذي يعد أحد أهم المراكز التجارية بإسطنبول. واستغرق التأسيس واختيار الاسم بين ستة أشهر وسنة، ثم كان من الضروري الوصول إلى نقطة توازن بين المصاريف والمداخيل، وهو ما تحقق بعد نحو تسعة أشهر من افتتاح المطعم.
ويستخدم مطعم "كايرو" مكونات طعام من السوق التركي، كما يستورد أخرى أساسية من مصر، مثل الملوخية والبامية والحمام البط والأرانب والمانغو والجوافة.
ورواد المطعم هم من المصريين والمقيمين والسياح العرب فضلاً عن نسبة من الأتراك. وعلى مدار ست سنوات واجه المطعم صعوبات كثيرة من بينها أزمة كورونا، حيث تأثرت حركة السياحة بالعوامل السياسية والوتيرة السريعة في تعديل القوانين وما نجم عنها من ندرة العمالة عموماً والعمالة المحلية خصوصاً تلك الخاصة بالمطبخ المصري ونكهاته. وألقى كل ذلك بظلاله على حركة البيع وصعوبة تحقيق الأرباح المستهدفة.
وتقول هبة: "حاولنا منذ اليوم الأول من افتتاح مطعم كايرو الحفاظ على الجودة المطلوبة للبقاء في دائرة المنافسة، ما ساعدنا في الاحتفاظ بالعديد من زبائننا وتوسيع دائرة العملاء على مدى ست سنوات، رغم أننا واجهنا معوقات عدة".
ولا تفضل هبة وزوجها تنظيم دعاية للمطعم من خلال مؤثرين، "فهؤلاء طلاب مال، وقد يهاجمون المطعم إذا لم يحصلوا على ما يريدونه. ورغم تخصيص ميزانية للدعاية الإلكترونية منذ اليوم الأول، لكنهما لا يزالان يعتمدان على جودة الأطباق التي يعتبرون أنها من الدعايات الأكثر تأثيراً على حجم الأعمال".
وتتضمن قائمة "مطعم كايرو" كل أصناف المطبخ المصري، ومن بينها فطور الفول والطعمية والبطاطس والباذنجان المقلي والكشري والمقبلات والفطائر والطاجن والأسماك، مشويات وحلويات شرقية وعصائر طبيعية. أما الأطباق الأكثر طلباً فهي الحمام والملوخية والكشري والكبدة الإسكندراني والحواوشى وأم علي وعصائر المانغو والجوافة.
ويعتبر صاحبا المطعم التضخم الحالي التحدي الحقيقي لاستمرار قطاع المطاعم عموماً في تركيا، إذ أبطأت أرقامه غير المسبوقة الطلب، ورفعت تكلفة المنتجات، ما يشكل عائقاً للنمو واستنزافاً لهامش الربح الضئيل حالياً.
أيضاً يملك رجل الأعمال المصري من أصل أردني عبد الكريم الزعبي مطعماً متخصصاً في أطباق السمك المتنوعة. ويوضح، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن فكرة إنشاء مطعم راودته بعدما اعتاد على العيش في مصر والسهر حتى وقت متأخر. واختار التخصص في تقديم أطباق السمك على الطريقة المصرية لأنه كان يعيش في دمياط، ولأن المائدة المصرية عامرة بالوصفات المختلفة والمتنوعة للسمك والأطباق البحرية.
وعن سبب اختيار المكان، يوضح الزعبي أن العميل المستهدف هو السائح العربي الذي يبحث عادة عن أماكن قريبة من مناطق التجول داخل إسطنبول. وهو لا يعترض على ترويج المؤثرين مطعمه مقابل المال، فحين يسافر هو نفسه إلى بلد يبحث في حسابات هؤلاء المروجين. أما على صعيد الدعاية فيعتمد الزعبي على شركة متخصصة في مواقع التواصل تحدد له متى يضخ أموالاً للاستثمار في المطعم، ومتى ينشر دعاية بوتيرة كثيفة على منصة "تيك توك" تحديداً. وهو يملك صفحتين على "فيسبوك" و"إنستغرام" لكن لا يجري تحديثهما باستمرار.
ويحرص الزعبي على أن تكون العمالة مصرية وعربية لأن المطعم يقدم طعاماً مصرياً، وهذا أحد أشكال الهوية التي اكتسبها المطعم، لكنه يواجه مشكلة تغيّر هذه العمالة طوال الوقت باعتبار أنهم قد يكونون طلاباً يعملون خلال الصيف فقط، أو من أصحاب الإقامات السياحية الذين يواجهون مشكلات في تجديد الإقامات، لذا لا بدّ من أن يتواجد بنفسه في شكل دائم ومستمر داخل المطعم رغم أنه ليس المشروع الأساس في إجمالي أعماله بتركيا.
ويؤثر التضخم على المبيعات خاصة أن تركيا تعتبر من كبار مصدري السمك، لذا يجب أن يوفرها المطعم بنفس الجودة وبسعر جيد مع الحفاظ على هامش ربح بسيط من أجل الحفاظ على زبائن المطعم، وفي نفس الوقت دراسة أفكار مختلفة لاستغلال وقت الظهيرة في جذب العملاء عن طريق عمل تنزيلات خلال ساعات محددة من النهار، أو إبرام اتفاقات مع مكاتب سياحية خاصة خلال فصل الصيف.
وتقول دعاء التي دخلت مجال المطاعم من طريق خدمة التوصيل للمنازل لـ"العربي الجديد": "لدي صفحة على فيسبوك، وأتلقى طلبات من مجموعات واتساب أعتمدها إلى حد كبير للتسويق. وبمساعدة بناتي أستطيع الوفاء بطلبات عملائي". وتوضح أن فكرة المشروع راودتها بسبب حبها للطهي، وهي أرادت أن تستغل شغفها بتقديم مأكولات مصرية بطرقها الأصلية، وتتفق مع مسؤولي مطعم "كايرو" على أن "المكونات تتوفر في تركيا، لكننا نستورد بعضها من مصر مثل الحمام والبط البلدي وغيرها".
ومعظم عملاء دعاء مصريون لكنها تتلقى أحياناً طلبات من جنسيات عربية أخرى. وتعتبر نفسها سفيرة للمطبخ المصري لذا تشعر بمسؤولية كبيرة، وتخشى ألا تنال الأطباق إعجابهم، لكنها لم تواجه هذا الموقف حتى الآن. وتقول: "المطبخ المصري عريق ومتنوع وشهي لكنه لا يحظى برعاية كافية في حين يتلقى المطبخ التركي إشادة مستمرة. المطبخ المصري أجمل وألذ، والتضخم الحالي أثّر على سير العمل حيث نحاول الحفاظ على جودة الأصناف مع هامش ربح بسيط كي نحافظ على ولاء عملائنا، ونحلم بفتح مطعم كبير".