عيد فطر غير سعيد في غزة.. آلام وأحزان ولا أمان من القصف
- عيد الفطر في غزة استُقبل بمشاعر من الحزن والإحباط، حيث تغيرت طقوس الاحتفال بالعيد بسبب الحرب، وأصبح الناس منشغلين بالبقاء على قيد الحياة، مما أثر على الروح المعنوية والتقاليد الثقافية.
- ابتسام أبو الهنود، التي فقدت منزلها وأفراد عائلتها، تحدثت عن فقدان نكهة الاحتفال بالعيد والمناسبات الدينية، مشيرة إلى أن العيد أصبح يوماً عادياً يمر في ظل ظروف معيشية وإنسانية صعبة.
استقبل مئات الآلاف من فلسطينيي قطاع غزة عيد الفطر بحزن وإحباط في ظل عيشهم وسط ظروف إنسانية ونفسية وصحية وبيئية سيئة جداً بسبب تواصل العدوان الإسرائيلي وتأثيراته المأساوية للشهر السابع على التوالي.
وهجّرت الحرب نحو 1.5 مليون فلسطيني قسراً من محافظتي غزة والشمال وبعض المناطق الوسطى والجنوبية إلى مدينة رفح، جنوبي غزة، بعدما تلقوا سلسلة تهديدات مباشرة بضرورة إخلاء بيوتهم ومناطق سكنهم، وواجهوا القصف الكثيف التي أزال عائلات بكاملها من السجل المدني، ودمّر نسبة 70 في المائة من البيوت والمنشآت والأبراج والمربعات السكنية.
يقول الفلسطيني علي أبو سنينة، لـ"العربي الجديد": "اختلفت طقوس استقبال عيد الفطر كلياً مع تواصل النزوح وعدم توفر مقومات الحياة من طعام ومياه صالحة للشرب وللاستخدام اليومي، إلى جانب فقدان الإحساس بالأمان والشعور الدائم بالخوف والقلق وعدم الراحة".
وأضاف أبو سنينة، الذي اعتاد سابقاً تجهيز الطقوس الخاصة بعيد الفطر من زينة وحلويات ومكسرات وعصائر من أجل استقبال الضيوف المهنئين بالعيد: "دمّر العدوان الإسرائيلي المتواصل الحجر وقتل الإنسان وخلق حالة عامة من الحزن وعدم القدرة على الفرح بأي مناسبة. لم نتذوق طعم فرحة عيد الفطر، فنحن منشغلون بتعبئة مياه الاستخدام اليومي يدوياً من أحد الآبار، وبشحن هواتفنا الخليوية وأجهزتنا الكهربائية مقابل أموال، أو عبر كوابل بسيطة تتوفر في بعض مراكز الإيواء".
وإلى جانب روتين تجهيز الكعك ولوازم الضيافة لاستقبال الضيوف قبل الانطلاق برفقة أشقائه لمُعايدة الأقارب، استقبل سليمان الأشقر صباح اليوم الأول للعيد بالوقوف في طابور طويل لتعبئة مياه مالحة مخصصة للاستخدام اليومي، وقضى فترة طويلة لفعل ذلك، ما جعل ملامح الإرهاق والإحباط واضحة على وجهه، وقال لـ"العربي الجديد": "لم أتخيل يوماً أن أحيي العيد كيوم عادي، فطقوس عائلتنا كانت تبدأ بتجهيز الكعك وتزيين مداخل العمارة السكنية التي تعرضت لقصف خلال الحرب، ووضع بالونات داخل المنزل، وقضاء ليلة العيد في الأسواق لشراء باقي متطلبات الضيافة والمستلزمات الخاصة بالمطبخ".
وأشار الأشقر إلى أن "يوم العيد الطبيعي يبدأ بأداء صلاة العيد ثم التجمع مع باقي أفراد العائلة لزيارة الأقارب ومعايدتهم، لكن العدوان الإسرائيلي أبعد بعضنا عن بعض، بعدما نزحنا إلى مناطق مختلفة، فيما فقدنا عدداً كبيراً من أبناء عائلتنا".
أما ابتسام أبو الهنود التي تعيش مع أفراد أسرتها داخل مدرسة إيواء، غربي مدينة رفح، بعدما خسروا بيتهم في منطقة الزوايدة، وسط القطاع، فقالت لـ"العربي الجديد": "أحدث العدوان الإسرائيلي المتواصل زلزالاً في حياتنا أضاع نكهة استقبال المناسبات مثل شهر رمضان وعيد الفطر وعيد الميلاد التي ألغيت كلها بسبب حالات الفقد والدمار والتشتُت".
تتابع: "كنت أجهّز بيتي بزينة خاصة وأعد طاولة الضيافة لاستقبال المهنئين، ثم أتجه عصراً لمُعايدة والدي ووالدتي، وأصطحب أطفالي إلى المتنزهات العامة ومحلات بيع الحلويات والألعاب. وحيالياً فقدنا كل شيء بعدما استشهد عدد من أفراد عائلتي، ودمّر كل شيء جميل في المخيم والمدينة. العيد حزين لأنه يحل في مدينة منكوبة يعيش أهلها أسوأ ظروف معيشية وإنسانية وصحية وأمنية، فيما يتواصل خطر الغارات الإسرائيلية التي لا تزال تستهدف التجمعات والأماكن العامة والبيوت. لسنا بخير، ولا مكان آمناً في غزة".
ويعيش فلسطينيو غزة حالة كبيرة من التيه بسبب النزوح والتفاصيل اليومية لحياتهم التي يقضونها في توفير المتطلبات الأساسية، حيث يصطفون في طوابير طويلة للحصول على طعام وخبز ومياه ودواء، وأيضاً لشحن هواتفهم أو بطاريات الإضاءة أو التقاط إشارات الإنترنت، وخدمات يومية أخرى.