انقسمت المؤسسات التعليمية في ليبيا، حول انطلاق العام الدراسي الجديد، بين وزارتي حكومتي الوفاق في طرابلس، والمؤقتة في شرق البلاد، بينما تضطر مكاتب التعليم في جنوب البلاد إلى التعامل مع الوزارتين. وفيما أجلت وزارة التعليم في حكومة الوفاق بدء العام الدراسي الى ديسمبر/ كانون الأول المقبل، من دون تحديد يوم معين حتى الآن، قبل إعلان سابق يحدد سبتمبر/ أيلول الماضي موعداً لبدء الدراسة، أعلنت الحكومة المؤقتة من جانبها عن يوم 14 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري موعداً لانطلاق العام الدراسي الجديد (كان الإقبال ضعيفاً من قبل التلاميذ على المدارس كما هي العادة في الأسبوع الاول من كل عام دراسي، ويرجح أن تنتظم المدارس فعلياً بدءاً من يوم غد الأحد).
وأعلنت الحكومة المؤقتة أنّ لجنة من وزارة التعليم قدمت خططاً بديلة للعام الدراسي الجديد في ظل استمرار تفشي كورونا في البلاد، من بينها تشكيل غرفة طبية مشتركة مع جهاز الإمداد الطبي لتوفير حماية التلاميذ من الإصابة بالفيروس.
وفي مدن غرب ليبيا، ومدن جنوب ليبيا، التي تخضع لسيطرة حكومة الوفاق، ما زالت وزارة التعليم تشرف على سير امتحانات الشهادة الثانوية، التي اضطرت لتأجيلها عدة مرات، بعد قرار إغلاق المدارس في مايو/ أيار الماضي، بسبب مطالبة التلاميذ بتمديد فترة عودتهم إلى الدراسة للتمكن من استكمال المنهج الدراسي.
من جهته، يتحدّث أسعد العزابي، وهو من بنغازي (شرق) عن استعجال في قرار الحكومة المؤقتة، ويقول لـ"العربي الجديد" إنّ "الامتحانات النهائية للمرحلة الإعدادية انتهت مؤخراً، والنتائج أعلنت أيضاً، فكيف للمعلمين العودة إلى المدارس في هذه المدة القليلة". يرجح أنّ الموعد المعلن عنه سيتم تمديده لفترات أخرى. وهو ما تراه نورا العبيدي، مديرة مدرسة "نور المعرفة" الخاصة في بنغازي، مرجحاً. تقول: "عدم توفر المدارس العامة بما يكفي، اضطر الوزارة للاستعانة بمقار المدارس الخاصة لاستضافة تلاميذ المرحلة الإعدادية لإجراء الامتحانات"، مشيرة إلى أنّ غالبية المدارس ما زالت غير مهيأة لفتح أبوابها للتلاميذ. وتذكر العبيدي لـ"العربي الجديد" أنّ القرار العاجل للحكومة جعل أولياء الأمور يسابقون الوقت للبحث عن الكتب المدرسية التي لم توزعها الحكومة على مكاتب التعليم والمدارس حتى الآن، علاوة على ارتباك الإعلان الذي اضطر أولياء الأمور للمسارعة بالاستعداد مالياً للعام الدراسي.
ولا تبدو تحديات العام الدراسي الجديد متوقفة على اختلاف القرارات بشأن تحديد موعده، فمنظمة الصحة العالمية حذرت من نقص حاد "في اللقاحات الأساسية للأطفال"، ما يزعج العزابي الذي يدخل طفله إلى المرحلة الأساسية مع التهديد بعدم توفر لقاحاته الأساسية. وأشارت المنظمة الأممية إلى أنّ العديد من مراكز التطعيم في البلاد أجبرت على الإغلاق بسبب نقص معدات الحماية الشخصية للعاملين الصحيين، ما يجعل أكثر من 250 ألف طفل وطفلة معرضين لخطر الإصابة بأمراض بسبب النقص الحاد في اللقاحات الأساسية، وهو ما يؤكده المسؤول بالبرنامج الوطني للصحة المدرسية التابع لوزارة الصحة بالحكومة المؤقتة شرقي البلاد، حميدة السنوسي، مشيراً إلى نفاد أمصال التلقيح الإجباري لتلاميذ المدارس. ويقول السنوسي لـ"العربي الجديد" إنّ "مكاتب الصحة المدرسية تعاني من نقص كبير في أصناف اللقاحات وبعضها نفد تماماً"، مؤكداً أنّ مراكز الصحة المدرسية ستكون عاجزة تماماً عن توفيرها قبل بدء العام الدراسي الجديد.
بدورها، تتساءل إيمان يونس، من العاصمة طرابلس (غرب)، عن جدية الجهات الحكومية وقدرتها على مواجهة مخاطر صحية تواجه التلاميذ مثل وباء كورونا، وتقول: "إذا كانت سلطات البلاد تعجز عن توفير اللقاحات حتى، فماذا عن الإجراءات داخل المدارس لحماية أبنائنا من الوباء العالمي؟". وتلفت يونس "العربي الجديد" إلى أنّها أثناء متابعة ابنتها خلال أدائها امتحانات الشهادة الإعدادية، لم تلحظ في المدرسة التي استضافتها، أيّ إجراءات لحماية التلاميذ بما فيها التزام المعلمين والمشرفين بالكمامات والقفازات. وتشدّد يونس على مطالبتها سلطات البلاد بضرورة إعادة النظر في قراراتها بشأن بدء العام الدراسي الجديد، معتبرة أنّها "قرارات متسرعة لا تعكس تحملاً للمسؤولية".