عصابات سرقة منظمة في العراق

06 أكتوبر 2022
تواجه الشرطة العراقية عصابات محترفة (صباح عرار/ فرانس برس)
+ الخط -

يكشف مسؤول أمني في وزارة الداخلية العراقية تزايد البلاغات عن عمليات السرقة، في ظل توسّع رقعة الفقر والبطالة في البلاد التي تقترب من طي العام الأول من الأزمة السياسية الحادة التي تشهدها، وتعتبر الأطول منذ الغزو الأميركي عام 2003.
يقول مسؤول أمني بارز في بغداد، فضل عدم كشف هويته، لـ"العربي الجديد": "زادت عمليات السرقة خصوصاً في العاصمة بغداد في شكل ملحوظ مقارنة بالعامين الماضيين، وتشمل منازل ومتاجر مختلفة. كما تنفذ عمليات احتيال ونصب تتعامل معها مراكز الشرطة يومياً في مختلف المدن".
ويعزو سبب الظاهرة إلى "اتساع رقعة الفقر والبطالة، وانتشار السلاح المتفلت، ووجود عصابات تتحرك في كثير من الأحيان تحت غطاء رسمي. وثبت تورط عناصر يحملون هويات لفصائل مسلحة أو جهات حكومية بعمليات سرقة واحتيال وابتزاز، وصولاً إلى الاتجار بالمخدرات وترويجها".
ويوضح المسؤول أن "السرقات تحصل ليلاً ونهاراً، وأنه يجري رصد غالبيتها عبر كاميرات مراقبة تظهر تفنن عصابات السرقة المنظمة في الأساليب المستخدمة، والتي أصبحت حديث الساعة للعراقيين، ومصدر قلق لأصحاب المحلات والمراكز التجارية".
وفي مدينة التاجي شمال العاصمة بغداد، استهدفت عملية سرقة متجر مجوهرات يملكه لؤي العكيلي الذي يقول لـ"العربي الجديد": "فتحت باب متجري في أحد الايام، بحسب العادة، عند العاشرة صباحاً، ورأيته خالياً تماماً من البضاعة التي تضم مصوغات ذهبية وفضية تتجاوز قيمتها 30 ألف دولار".
ويوضح أن "السرقة حصلت عبر إحداث نافذة في الجدار تتسع لشخص واحد. وقد سرق أفراد العصابة أجهزة المراقبة لإخفاء معالم صورهم، كما أزالوا بصماتهم من فوق الأثاث الذي جرى العبث به أثناء تنفيذ عملية السرقة، كي لا يتعرف أحد عليهم".
يضيف: "واضح أن عملية السرقة لم ينفذها أشخاص عاديون، بل محترفون طبقوا خطة محكمّة جداً. ونحن ندعو قوات الأمن والجهات المعنية الى ايجاد حل لهذه الظاهرة الخطيرة التي تهدد حياة الناس، وتضرّ بمصالحهم".
من جهته، يخبر أحمد الكبيسي الذي يملك متجراَ لبيع الأجهزة الكهربائية في منطقة الكرادة وسط العاصمة بغداد "العربي الجديد" أن "عصابة ملثمة تضم ثلاثة أشخاص مزودين أسلحة اقتحموا المتجر خلال فترة الظهر، وسرقوا مبلغاً مالياً تجاوز 35 ألف دولار. ورغم أنني أملك سلاحاً مرخصاً، لكنني لم أستطع مواجهة أفراد العصابة المسلحين، خوفاً على حياتي وبالتالي مستقبل عائلتي، في ظل عدم إمكان توقع رد فعلهم في حال واجهوا أي نوع من المقاومة أو أي رفض لمطالبهم غير الشرعية".

قضايا وناس
التحديثات الحية

يضيف: "استقل أفراد العصابة سيارة رباعية الدفع سوداء من نوع تاهو ذات نوافذ مظللة، وتخلو من لوحات أرقام. وهذه الطريقة المثالية التي تستخدمها العصابات حالياً لتفادي نقاط التفتيش، في ظل سطوة المليشيات وتأثيرها على أجهزة الأمن".
أما علي جبار الذي يسكن في محافظة ديالى ويملك صيدلية فيقول لـ"العربي الجديد": "تعرضت إلى عملية سرقة نفذتها مجموعة ضمت خمسة أشخاص ارتدوا الزي الرسمي للشرطة. وبعدما حققوا معي وفتشوا الصيدلية مستخدمين إذناً رسمياً يطالب بالبحث عن أدوية ممنوعة، قيدوا جميع الموظفين، وسرقوا أكثر من 9 آلاف دولار".
يضيف: "نفت قوات الأمن المسؤولة عن المنطقة لاحقاً تنفيذ قوات تابعة لها عملية التفتيش المزعومة، وتنصلت عن واجب ملاحقة المتورطين والحدّ من هذه الجرائم والسرقات التي تحدث في الليل والنهار على السواء".

تطاول عمليات سرقة سيارات ومنشآات في الشوارع (أحمد الربيعي/ فرانس برس)
تطاول عمليات سرقة سيارات ومنشآت في الشوارع (أحمد الربيعي/ فرانس برس)

ولم تقتصر عمليات السرقة على المنازل والمتاجر، إذ طاولت سيارات ومنشآت توجد في الشوارع انتزعت أجزاء منها أو سرقت بالكامل. 
ويقول المحامي رياض العباسي لـ"العربي الجديد" إن "عمليات التهريب الناشطة إلى سورية ذات تأثير كبير على السرقات المنفذة، وتشمل أهمها سيارات وقطع غيار خاصة بها، وكذلك معدات كهربائية وأدوية. وقد اعتقلت قوات حرس الحدود أخيراً أفراداً في عصابة كانت تتسلم بضائع من لصوص وتشتريها منهم بثمن يتفق عليه، تمهيداً لتهريبها إلى سورية من أجل تصريفها".

ويقول العقيد المتقاعد في الشرطة العراقية حسن الفراجي لـ"العربي الجديد": "زادت عمليات السرقة في الفترة الأخيرة، نتيجة تدهور الوضع الاقتصادي، وقلة فرص العمل، وانتشار السلاح المتفلت، وأصبحت على غرار الجريمة المنظمة لا تقتصر على الرجال فقط، إذ تضم عصابات نساءً يستهدفن محلات في مراكز تجارية". يتابع: "تواجه قوات الأمن مشاكل كبيرة في التعامل مع الظاهرة، أهمها عدم حصر السلاح بالدولة، وضعف القضاء والمنظومة الاستخباراتية. وتحصل جميع عمليات السرقة باستخدام سيارات مظللة الزجاج ومن دون لوحات، أو عبر أفراد يقودون دراجات نارية تصعب ملاحقتها في الأزقة الضيّقة والمناطق السكنية، خصوصاً أنها لا تحمل أيضاً لوحات بأرقام مرور".

المساهمون