في ورشته البسيطة بمنطقة ميدان النصر، في مدينة مصراتة الليبية، لا يزال عبد السلام صافار يتمسّك بمهنة إصلاح الدراجات رغم بلوغه سن الخامسة والثمانين، لأنها مصدر رزقه الوحيد، وهو يعتبرها كلّ حياته.
الثمانيني صافار هو أقدم مصلّح دراجات في ليبيا، يحرص على الجلوس وسط ورشته ليتابع بنفسه سير العمل، ويوجّه أبناءه الذين تعلّموا مهنته.
ويقول صافار، لـ"العربي الجديد"، إنه امتهن إصلاح الدراجات في عام 1956 عندما كان صغيراً، واستمرّ في هذه المهنة حتى عام 1964، ترك بعدها المهنة ليعمل في شركة صينية لمدة ثلاثة أعوام.
ويتابع صافار: "قمت بعد ذلك بشراء سيارة أجرة للعمل، لكن بعد فترة وجيزة تعرّضت لحادث بالسيارة، فعدت إلى مهنة إصلاح الدراجات من جديد".
ويكمل صافار: "تعلّمت المهنة من خلال سؤال الآخرين، وحبي لتركيب الأشياء، مع بعض التوجيهات من المختصّين آنذاك، حتى سمح لي أحد العاملين في المجال بالعمل معه في ورشته، وتمكّنت من إصلاح الدراجات للعديد من أصدقائي عندما كنت صغيراً".
ويشير الثمانيني الليبي إلى أنّ هذه المهنة باتت مصدر رزقه الوحيد، لذا حرص على تعليم أولاده إصلاح الدراجات لتتحوّل ورشته إلى مكان عمل لا يتوقف وهو يجلس بينهم ويرشدهم حتى أتقنوا المهنة.
وتعدّ الدراجات، منذ عقود، وسيلة أساسية للتنقل، فكانت بديلة عن السيارة، وفقاً لصافار، موضحاً أنّ "أفضل الدراجات هي اليابانية والإيطالية الصنع، لأنّ اليابانية لها إطار عريض، لكن الآن جميع الدراجات وقطع الغيار في السوق صينية ذات جودة أقل".
من جهته، يشير حسين ديه، أحد أبناء المنطقة، إلى أنّ "العم صافار بات بالفعل ذا شهرة كبيرة في الجهة، وأغلب أصحاب الدراجات الهوائية يصلحون دراجاتهم في ورشته لثقتهم بقدرته على إتقان عمله منذ سنوات".
ويقول علي، ابن صافار الأصغر، إنّ "أرقى بلاد العالم تستخدم الدراجات وباتت في الكثير من البلدان عصب الحياة وشريان البلاد"، ولفت إلى أنّ أزمة المواصلات وصعوبة التنقل في الوقت الحاضر دفعت بكثير من الشباب والشابات إلى تعلم قيادة الدراجات للوصول إلى جامعاتهم ومدارسهم، موفّرين بذلك المال والوقت.
ويؤكد أنّ هذه المهنة ليست صعبة، "فمع الممارسة والإخلاص في العمل يستطيع كل فرد تذليل الصعاب التي قد تواجهه في أي عمل يحبه".