- الأزمة الإنسانية تتفاقم مع تجاهل دولي بينما تحتاج الأمم المتحدة إلى 2.7 مليار دولار للدعم، لكن الاستجابة الدولية ضئيلة مع تمويل يغطي فقط حوالي 5% من المطلوب.
- الصراع يشمل فظائع مثل القتل والتشريد والاغتصاب، مع تحقيقات من المحكمة الجنائية الدولية في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، مما يدعو إلى تدخل دولي فعال لوقف العنف وتقديم الدعم الإنساني.
يحذر عمال الإغاثة من تفاقم الجوع في السودان الذي يتجه نحو كارثة مجاعة واسعة النطاق، مع احتمال حدوث موت جماعي خلال الأشهر المقبلة.
وسقط السودان في أتون الفوضى عقب تصاعد التوترات بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية سيئة السمعة، وتحولها إلى اشتباكات في الشوارع في العاصمة الخرطوم في منتصف إبريل/ نيسان 2023. وسرعان ما امتد القتال إلى جميع مدن وبلدات السودان.
وفي ليلة صافية من العام الماضي، اقتحم عشرات المقاتلين المدججين بالسلاح منزل أميمة فاروق في أحد الأحياء الراقية في العاصمة السودانية الخرطوم. وتحت تهديد السلاح، جلدوا المرأة وصفعوها، وأرهبوا أطفالها. ثم طرد المسلحون ساكني المنزل الفخم المكون من طابقين.
تعيش أميمة، وهي معلمة أرملة (45 عاما)، مع أطفالها الأربعة الآن في قرية صغيرة خارج مدينة ود مدني بوسط البلاد، والتي تبعد 136 كيلومترا جنوب شرق الخرطوم. ويعتمدون على المساعدات المقدمة من القرويين والتبرعات لعدم قدرة منظمات الإغاثة الدولية على الوصول إلى القرية.
تقول المعلمة: "منذ ذلك الحين، دمرت حياتنا. لقد تغير كل شيء هذا العام".
الجوع في السودان يتوارى خلف الحرب في غزة
توارت الأزمة في السودان منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة في أكتوبر/تشرين الأول، التي تسببت في أزمة إنسانية هائلة للفلسطينيين والتهديد بحدوث مجاعة في القطاع.
بيد أن عمال الإغاثة يحذرون من أن السودان يتجه نحو كارثة مجاعة واسعة النطاق، مع احتمال حدوث موت جماعي في الأشهر المقبلة مع انتشار الجوع في السودان. ومع انهيار شبكات إنتاج وتوزيع الغذاء، ولم تعد وكالات الإغاثة قادرة على الوصول إلى المناطق الأكثر تضرراً. وفي الوقت نفسه، أثار الصراع تقارير واسعة النطاق عن وقوع فظائع، بينها عمليات القتل والتشريد والاغتصاب، لا سيما في منطقة العاصمة والمنطقة الغربية من دارفور.
وحذر رئيس مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في السودان غاستن برادي من احتمال وفاة عشرات أو حتى مئات الآلاف في الأشهر المقبلة لأسباب تتعلق بسوء التغذية.
وقال برادي: "سيزداد الوضع سوءا بوتيرة كبيرة ما لم نتمكن من التغلب على تحديات الموارد وتحديات الوصول إلى الجوعى"، مشددا على ضرورة اتخاذ العالم إجراءات سريعة للضغط على الجانبين لوقف القتال وجمع الأموال للجهود الإنسانية التي تقدمها الأمم المتحدة.
ولم يعر المجتمع الدولي سوى القليل من الاهتمام للسودان. وتحتاج الحملة الإنسانية للأمم المتحدة إلى نحو 2.7 مليار دولار هذا العام لتقديم الغذاء والرعاية الصحية وغيرها من الإمدادات إلى 24 مليون شخص في السودان، أي ما يقرب من نصف سكان السودان البالغ عددهم 51 مليون نسمة. وحتى الآن، قدم الممولون 145 مليون دولار فقط، أي حوالي 5 بالمائة، وفقًا لمكتب الشؤون الإنسانية المعروف باسم أوتشا.
وقال رئيس منظمة أطباء بلا حدود الخيرية الطبية كريستوس كريستو، في بيان صدر مؤخراً، إن "مستوى التجاهل الدولي صادم".
ويشهد وضع القتال الميداني تدهورا عقب قيام الجيش، بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو "حميدتي"، بتقسيم الخرطوم وتبادل إطلاق النار العشوائي بعضهم على البعض. واجتاحت قوات الدعم السريع معظم أنحاء دارفور، في حين نقل البرهان الحكومة ومقره إلى مدينة بورتسودان على البحر الأحمر.
ووثقت الوحدة السودانية لمكافحة العنف ضد المرأة، وهي منظمة حكومية، ما لا يقل عن 159 حالة اغتصاب واغتصاب جماعي العام الماضي، جميعها تقريبا في الخرطوم ودارفور.
وقالت رئيسة المنظمة سليمة إسحاق شريف إن هذا الرقم يمثل قمة جبل الجليد لأن العديد من الضحايا لا يتقدم بشكاوى خوفا من الانتقام أو وصمة العار المرتبطة بالاغتصاب.
في عام 2021، شكل البرهان وحميدتي تحالفا وقادا انقلابا عسكريا أطاح الحكومة المدنية المعترف بها دوليا، التي كان يفترض أن تقود التحول الديمقراطي في السودان بعد إطاحة الرئيس عمر البشير عام 2019 وسط انتفاضة شعبية. وبعد ذلك، اختلف البرهان وحميدتي على السلطة.
وكان الوضع مروعا في دارفور، حيث تُتهم قوات الدعم السريع وحلفاؤها بارتكاب أعمال عنف جنسي وهجمات عرقية على مناطق القبائل الأفريقية. وأعلنت المحكمة الجنائية الدولية التحقيق في مزاعم جديدة بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في المنطقة التي كانت مسرحا لحرب إبادة جماعية في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
(أسوشييتد برس)