عائلة أبو عواد الفلسطينية... إصرار على البقاء رغم استهداف المستوطنين والاحتلال

12 مارس 2024
منزل أبو عواد في ترمسعيا (فيسبوك)
+ الخط -

تزايدت وتيرة مضايقات المستوطنين وقوات الاحتلال الإسرائيلي، لعائلة أبو عواد الفلسطينية الصامدة بمنزلها في بلدة ترمسعيا، شمال شرقي رام الله، وسط الضفة الغربية المحتلة منذ اندلاع الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، لكن العائلة تصرّ على البقاء ومواجهة كل مخططات التهجير.

كان على عائلة أبو عواد أن تختار بين إدخال خزانات مياه بديلة عن تلك التي أعطبها مستوطنون في آخر هجوم قبل أيام، لتتمكن من توفير الماء لمنزلها؛ وبين إبقاء مواد خام قرب المنزل لإعادة ترميم سقف إحدى شققه.

قبل الحرب على غزة بأسبوعين تقريباً، هدمت العائلة سقف شقة كما يروي عواد أبو عواد (23 عاماً) لـ"العربي الجديد"، لإعادة بنائه، بعد فشل كل محاولات إصلاح تسرب المياه منه وانهيارات متواصلة فيه، أحضرت الإسمنت والطوب والرمل، لكن سرعان ما تدخلت لجنة التنظيم والبناء في الإدارة المدنية التابعة لجيش الاحتلال، لتأمر بوقف الترميم، وتطلب من مالكي المنزل مراجعة الإدارة المدنية في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، لكن الحرب على غزة أوقفت تلك المقابلة، وأبقت الشقة فارغة من ساكنيها وهم عواد ووالداه وشقيقه، في ظل تحولها إلى بيت بلا سقف، وهي واحدة من عدة شقق في مبنى واحد يعود للعائلة.

استهداف متواصل

بعد أشهر من بدء عملية الترميم التي لم تكتمل؛ منح هجوم المستوطنين على المنزل، فرصة للاحتلال لمزيد من الاستهداف للعائلة، ربما انتقاماً لأنها تملك المنزل الوحيد في سهل ترمسعيا الواسع، الذي تطل عليه ثلاث مستوطنات وبؤر استيطانية، وهو أحد مطامع المستوطنين، فالهجوم أدى إلى أضرار عديدة، منها تخريب وتحطيم ألواح الطاقة الشمسية، والسخان الشمسي، وخزانات المياه، وحتى أسلاك الكهرباء.

حادثة دفعت العائلة لطلب إدخال خزانات المياه من الاحتلال بدل تلك التي أعطبها المستوطنون، فبعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أغلق الاحتلال الطريق المؤدية إلى المنزل والسهل الزراعي المجاور، ليصبح الوصول إلى المنزل متاحا فقط سيرا على الأقدام.

أتى الرد مما يعرف بحارس المستوطنة، بأن إدخال الخزانات مسموح بشرط نقل كافة المواد الخام الخاصة بالترميم إلى خارج المنطقة، وبهذا تبقى الشقة فارغة غير صالحة للاستخدام بسقفها المهدوم.

معاناة كبيرة

يروي أبو عواد الجد البالغ من العمر 72 عاماً لـ"العربي الجديد" كيف بنى والده المنزل في العام 1971، في أرضه في سهل بلدته ترمسعيا، حينها حصل على ترخيص بناء مما كان يعرف بالحكم العسكري، ولم تكن هناك أية مستوطنة، وكان وما زال المنزل الذي أصبح لاحقا له ولأبنائه؛ الوحيد في السهل الزراعي.

لكن المعاناة بدأت قبل قرابة ثلاثين عاماً، وارتبطت بالتوسع الاستيطاني، فمستوطنة شيلو التي أقيمت على أراضي محافظتي نابلس ورام الله عام 1978، توالى بعدها التوسع لتحيط الآن في المنزل مستوطنتي شيلو وشافوت راحيل، وبؤرة عادي عاد الاستيطانية التي امتدت خلال الأعوام الماضية.

نجم عن آخر اعتداء من المستوطنين تحطيم ممتلكات في المنزل وثلاث مركبات، لكنه واحد من أصل أكثر من 10 اعتداءات عنيفة خلال عامين على المنزل ذاته كما يقول عواد الحفيد، ووتيرة الاعتداءات تزداد في كل مرة، ففي آخر اعتداء شارك قرابة 50 مستوطنا، رغم كل ذلك يقول أبو عبد الله (عواد الجد)، إنه متجذر في الأرض وفي البيت الذي بناه والده ولن يخرج إلى أي مكان آخر.

هجمات وأطماع استيطانية 

يسعى المستوطنون إلى السيطرة على سهل ترمسعيا الزراعي الواسع، ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كما يقول عواد الحفيد، اختلف كل شيء، وأغلقت كل الطرق إلى السهل ومنع الناس من قطف زيتونهم وزراعة أرضهم.

حتى أن العائلة قامت في موسم الزيتون الماضي، بقطف الأشجار الملاصقة للمنزل، وسمح الجنود في البداية بذلك شريطة ألا يتواصل القطاف لما بعد الساعة الثانية عشرة في كل يوم، لتفاجأ عائلة أبو عواد بحارس المستوطنة يشن هجوماً عنيفاً ويقوم بمصادرة مفارش تجميع الزيتون (قطع من القماش أو النايلون توضع على الأرض لجمع المحصول)، ويقوم بإفراغ محتويات الأكياس من ثمار الزيتون على الأرض، ليكون هذا أول عام لم تستطع فيه العائلة قطف زيتونها، أما زراعة الأراضي بالقمح والشعير فأصبحت محرمة.

لم يقتصر الأمر على ذلك، فالحارس ذاته هدد مع بداية الحرب العائلة حسب عواد الحفيد، بضرورة إخلاء المكان خلال خمسة أيام، ليتم لاحقا تنفيذ تهديده بهجوم للمستوطنين.

أسلوب تهجير من أجل السيطرة على الأرض هو منع ترميم المنازل، رغم حصول مثل هذا المنزل على ترخيص من الاحتلال ذاته قبل ثلاثة وخمسين عاما، لكنه ليس الأسلوب الوحيد، فترمسعيا واحدة من البلدات المحاصرة بالاستيطان، حولها سبع مستوطنات وبؤر استيطانية، لذا فإن كل أراضيها مطمع لهؤلاء المستوطنين؛ وتتعرض لهجمات استيطانية ممنهجة، كان أكبرها في يونيو/حزيران من العام الماضي، ما عُرف محلياً بـ"الهجوم الكبير"، أحرق معه المتطرفون عشرات المنازل والمركبات، وأدى إلى استشهاد الشاب عمر قطين.

المساهمون