طلاب ليبيون مبتعثون: الإهمال الحكومي يهدد مستقبلنا

27 اغسطس 2024
أزمة المنح الدراسية تتواصل في ليبيا (عبد الله دوما/ فرانس برس)
+ الخط -

يعاني طلاب ليبيون المبتعثين للدراسة بالخارج من عراقيل تعطل استمرار دراستهم، في ظل توقف صرف السلطات الليبية مبالغ المنح الدراسية المخصصة لهم منذ أشهر.

طالب عشرات من الطلاب الليبيين المبتعثين للدراسة في الخارج سلطات بلادهم بضرورة تسهيل تدفق منحهم الدراسية، منددين بتقاذف المسؤولين التهم بينهم حيال أسباب توقف صرف تلك المنح. 
وأرسل الطلاب المبتعثون مطالبهم إلى حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس، وحكومة مجلس النواب في بنغازي، والبنك المركزي الليبي، معبرين عن حجم معاناتهم المستمرة بسبب تأخير صرف المنح الدراسية، ما يؤثر على تفاصيل معيشتهم ودراستهم بالخارج.
وقال الطلاب في رسالتهم إلى الجهات المسؤولة عن صرف المنح: "نكتب إليكم لنعبر عن مدى مرارة الظلم والقهر الذي نواجهه بسبب تأخير المنح الدراسية للطلاب الليبيين الدارسين في الخارج للشهر السادس على التوالي"، مؤكدين أن ذلك "تسبب في صعوبات مالية كبيرة، ما أدى إلى الشعور باليأس والإحباط، واضطرار العديد من الطلبة إلى العودة إلى الوطن في ظل الارتفاع الكبير في تكاليف المعيشة". 
وفي إشارة لتأثير حالة الصراع السياسي على أوضاعهم، أكد الطلاب أنهم "بعيدون عن أي تجاذب سياسي"، وطالبوا بضرورة "اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لضمان حصولهم على المنح الدراسية في الوقت المحدد". وفي إشارة أخرى لتأثير الضرائب الجديدة التي فرضها مجلس النواب والبنك المركزي على النقد الأجنبي، طالبوا بضرورة استثنائهم من تلك الضرائب، والإفراج عن منحهم المتأخرة، ووضع نظام لمعالجة طلبات المنح الدراسية يجنب الطلاب المشاكل المتكررة لتخفيف معاناتهم، وضمان حصولهم على التعليم الذي يستحقونه.

وفيما ألقى البنك المركزي باللائمة على حكومة الوحدة الوطنية كونها لم تخصم الرسوم الضريبية الجديدة المفروضة على النقد الأجنبية من المنح الدراسية، ما تسبب في عدم صرفها للطلاب، اعتبرت حكومة طرابلس البنك المركزي المسؤول عن التأخير بسبب تمسكه بقرار الرسوم الضريبية الجديد، وعدم تنفيذه أحكام القضاء الذي أبطل تلك الرسوم، معتبرة أن تنفيذ اقتطاع الرسوم الضريبية من منح الطلاب يستلزم إضافات إلى ميزانية الحكومة، وهو ما لم يوافق عليه البنك المركزي.
وبينما تستمر التجاذبات التي تقف وراءها الصراعات السياسية، تستمر معاناة الطلاب، والذين واجهوا صعوبات حتى في تنظيم وقفة احتجاجية بالعاصمة طرابلس، والتي صدر عنها بيان احتجاج، إذ تأخر تنظيم الوقفة لأكثر من شهرين بسبب اختلاف مواعيد رجوع الطلاب إلى البلاد لاختلاف مواعيد الإجازات الدراسية بين دولة وأخرى.
يقول حسن الغناي، الموفد للدراسة في تركيا، لـ"العربي الحديد": "قرر العديد من الطلاب تعليق دراستهم، والرجوع إلى البلاد إلى حين تسوية الأوضاع المالية للمنح، والطلاب من أرباب الأسر كانت معاناتهم أكبر. ترافقني أسرتي المكونة من أربعة أفراد، منهم ثلاثة أطفال يدرسون بالمدارس الخاصة على حسابي بسبب صعوبة تسجيلهم ضمن المدرسة الليبية في تركيا".
يضيف الغناي: "اضطررت إلى استئجار منزل في إحدى ضواحي إسطنبول كي يتناسب مع الأموال المتاحة لدي، ما ترتب عليه التزامات أخرى تتصل بالمواصلات والعلاج ومصاريف المعيشة. نعيش ما يشبه الحصار، وحتى لو فكرنا في قطع الدراسة والعودة إلى ليبيا، فلن نتمكن من العودة إلى وظائفنا السابقة التي خرجنا منها بإجازة دراسية، إذ ستطلب منا وثائق إنهاء الدراسة، وفي حال إقرارنا بعدم رغبتنا في مواصلة الدراسة، تفرض القوانين إعادة كل ما حصلنا عليه من منح قبل قفل ملفاتنا الدراسية في الخارج، ومنحنا رسائل العودة للوظيفة".

ويشير إلى أن "ملف الابتعاث للخارج صار مهدداً بالرفض من قبل العديد من الدول، فتركيا ودول أخرى تطالب بالتزامات مالية على الدولة الليبية منذ سنوات، وبالتالي لن تعترف بإجراءات الابتعاث التي تشمل رسالة الدعم المالي التي تتعهد من خلالها الدولة الليبية بدفع مصاريف طلابها المبتعثين. إيفادنا إلى الخارج كان بقرار رسمي خاص بالطلاب الأوائل، لكن وفقاً لما نعيشه، فالأوضاع تدفع إلى تحول الطلاب الأوائل إلى فاشلين، والسلطات متهمة بممارسة الفساد في ملف الابتعاث".
وفي أغسطس/آب الماضي، أوقفت حكومة الوحدة الوطنية إيفاد 852 طالباً إلى الخارج على خلفية شبهة فساد في قرار الايفاد الذي تضمن أعداداً كبيرة من أبناء المسؤولين. وجاء القرار بعد تحقيق للنيابة العامة التي قضت بضرورة وقف العمل به إلى حين الانتهاء من التدقيق في ملفات منح الدراسة بالخارج، وجرى حبس عدد من مسؤولي شؤون الموفدين في وزارة التعليم.
وفي يوليو/تموز الماضي، سرب نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي قوائم المنح الدراسية للطلاب المبتعثين في تركيا، والتي تضمنت نحو 1800 طالب أغلبهم أبناء مسؤولين حاليين في السلطات الليبية.

المساهمون