لا يزال تونسيون في أوكرانيا ينتظرون معلومات شحيحة بشأن إجلائهم، فيما تشهد الأوضاع على الأرض تطورات سريعة للغاية جراء الغزو الروسي، ما قد يحول دون إمكانية ترحيل العديد منهم بعد قصف مطارات في عدد من المدن الأوكرانية وتقييد الحركة بين المدن، فيما يواجه الطلاب إمكانية الفصل من الكليات في حال المغادرة.
ولم تكشف السلطات التونسية بعد عن أي خطة لإجلاء التونسيين العالقين في أوكرانيا، ما يضطر التونسيين هناك إلى التعايش مع الأمر الواقع الذي فرضته الحرب، بينما يعاني أهاليهم في تونس من الضغط النفسي والقلق حول مصير أبنائهم، ولا سيما الطلبة منهم.
ومن داخل الملجأ الخاص بالسكن الطالبي في مدينة خاركيف الذي تعرّض للقصف الروسي، قال الطالب التونسي جهاد بن سالمة، لـ"العربي الجديد"، إنّ المقيمين في المبيت الجامعي يقضون يومهم متنقلين بين غرفهم والملجأ الأرضي الذي خصصته الإدارة لحماية الطلبة من جنسيات مختلفة.
وأفاد جهاد، الذي يدرس الصيدلة في كلية خاركيف، بأنّ الوضع في المدينة صعب وأصبحت مغادرتها شبه مستحيلة، خاصة بعد تعرّض المطار للقصف، مستبعداً تمكّنه من العودة إلى تونس حتى وإن تمّ تنظيم رحلات إجلاء من قبل سلطات بلاده.
وأكّد طالب الصيدلة التونسي أنّ أغلب زملائه من جنسيات مختلفة عاجزون عن مغادرة المدينة ويتقاسمون الظروف نفسها "التي لا أحد يمكنه التكهن بتطوراتها"، وفق قوله.
وحول أسباب عدم مغادرته مدينة خاركيف في بداية الأزمة، قال جهاد بن سالمة إنّ إدارة الكلية ألزمتهم بالبقاء ومواصلة الدروس بشكل عادي أو الفصل النهائي في حال المغادرة.
وأوضح أنّ أغلب الطلبة، ولا سيما الذين يدرسون في السنوات النهائية منهم، يواجهون الفصل في حال مغادرتهم الكلية وعدم الامتثال لقرارات الإدارة، التي ترفض حتى تمكينهم من مواصلة الدروس عن بعد.
وأشار في سياق متّصل إلى أنّ مغادرة خاركيف يمكن أن تكلّف الطلبة مسارهم الدراسي كاملاً، فضلاً عن خسارة عشرات آلاف الدولارات التي أنفقوها من أجل الالتحاق بالكليات الأوكرانية والدراسة فيها مدة 4 سنوات.
وحول وضعهم في الملجأ، قال جهاد إنّ الطلبة يسعون إلى تخفيف التوتر الذي يسيطر على الأجواء عامة، مؤكداً أنّ إدارة المبيت تتكفّل بتوفير الإعاشة، فضلاً عن تواصل عمل المساحات التجارية القريبة من مقرّ السكن الجامعي الذي يقطن فيه.
ويتقاسم التونسيون المقيمون في أوكرانيا، ولا سيما الطلبة، المعلومات والتطورات في المدن التي يسكنون فيها، عبر مجموعات على "فيسبوك" أو تطبيقات أخرى، بينما تواصل سفارة تونس بموسكو تجميع البيانات بشأن التونسيين الراغبين في إجلائهم من أوكرانيا.
وفي العاصمة الأوكرانية كييف، لا يختلف الوضع كثيراً بالنسبة للطالب التونسي علاء، الذي يدرس بإحدى الكليات في اختصاص المالية، حيث يسيطر القلق على الوضع العام، لا سيما مع سماع دوي الانفجارات القريبة من الأحياء حيث يقطن.
ويقول علاء المتزوج من أوكرانية إنه اضطر إلى مغادرة محلّ سكنه والالتحاق بمنزل صهره البعيد نسبياً عن مناطق القصف الروسي، مشيراً إلى أنه بانتظار المستجدات بشأن رحلات الإجلاء للعودة إلى تونس بصحبة زوجته.
وأفاد "العربي الجديد" بأنه واجه، يوم الخميس، صعوبات لسحب أموال من الموزّع الآلي بالدولار، قبل أن تسمح المصارف مجدداً بالسحب، أمس الجمعة.
ورغم الخوف من تطوّر الوضع وتواصل العمليات العسكرية، يحرص علاء على طمأنة عائلته في تونس وعدم نقل حالة التوتر التي يعيشها إلى ذويه.
ووفق بيانات لجمعية التونسيين المقيمين في أوكرانيا، يقدّر عدد الجالية التونسية هناك بأكثر من 1500 تونسي، من بينهم نحو 1000 طالب.