دخل الاحتقان بين طلاب كليات الطب وطب الأسنان والصيدلة في المغرب من جهة، ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية من جهة أخرى مرحلة حاسمة في إطار تصعيد الطلاب احتجاجاتهم المتواصلة منذ أكثر من شهرَين، وذلك عبر تنظيم وقفة احتجاجية أمام مقرّ البرلمان في العاصمة الرباط اليوم الخميس.
وكان هؤلاء الطلاب قد بدأوا تحرّكاتهم في 16 ديسمبر/ كانون الأول الماضي بإضراب مفتوح عن التدريب في المستشفيات وعن حضور الدروس النظرية والتطبيقية إلى جانب مقاطعة الامتحانات، احتجاجاً على تغيّرات تطاول دراسة الطب والصيدلة في المغرب ترتبط أساساً بقرار تقليص سنوات الدراسة من سبع إلى ستّ. كذلك يطالب هؤلاء بهيكلة السلك الثالث، ووضع تصوّر واضح حول طب الأسرة بهدف إضافته إلى برنامج السنة السادسة.
لكنّ مطالب طلاب المغرب هؤلاء لا تلقى أيّ قبول لدى وزارة الصحة ووزارة التعليم العالي، بعد أن أكّدتا تشبّثهما بتقليص عدد سنوات الدراسة، بحجّة أنّ هذا التقليص يصبّ في إطار الجهود المبذولة لتجويد العرض الطبي، ويحفظ كذلك القيمة المعنوية والعلمية لهذه الشهادة، سواء على الصعيد الوطني أو الدولي، ولا يمسّ بتاتاً بجودة التكوين (التدريب).
وفي خلال وقفتهم اليوم، توجّه الطلاب المحتجّون إلى الوزارتَين المعنيّتَين وطالبوهما بالتحلّي بالمسؤولية والجدية في التعاطي مع ملفّهم المطلبي، وبعدم التسرّع في اتخاذ قرارات من شأنها أن تمسّ بجودة تكوين أطباء وصيادلة الغد في المغرب.
وقد ردّد الطلاب، في وقفتهم الاحتجاجية، شعارات تطالب بالاستجابة لمطالبهم المتمثّلة في تحسين ظروف التأطير الطبي، والتراجع عن تقليص مدّة التكوين، والحدّ من زيادة عدد الطلاب في كليات الطب في ظلّ عدم كفاية الكوادر. كذلك انتقدوا تصريحات وزير التعليم العالي عبد اللطيف ميراوي التي هدّد فيها المضربين بالحصول على "نقطة صفر".
شهران ونصف من الاحتجاجات الطالبية في المغرب
ويبدو واضحاً اليوم، بعد مرور شهرَين ونصف شهر تقريباً على بداية احتجاجات الطلاب، البالغ عددهم 25 ألفاً في 11 كلية تتوزّع في أرجاء المغرب كلها، أنّ الوضع يتّجه إلى مزيد من التصعيد والتوتّر والشدّ والجذب بين الطرفَين، خصوصاً بعدما توعّد الوزير ميراوي الطلاب المحتجّين باتّخاذ إجرءات صارمة في حقهم، في الأسبوع الماضي.
في هذا الإطار، يقول المنسّق الوطني لـ"اللجنة الوطنية لطلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان" في المغرب محمد المهدي بن حميدة لـ"العربي الجديد " إنّ "الطلاب المحتجين مدفوعون بالحسّ الوطني والنضالي"، وإنّ "غايتهم هي الدفاع عن جودة التكوين من أجل صحة المواطن المغربي الذي يستحق طبيباً كفؤاً". ويؤكد بن حميدة أنّه "لولا حِسّ الوطنية والغيرة على جودة التكوين، لما ظلّ 25 ألف طالب وطالبة يخوضون هذا النضال منذ ديسمبر الماضي حتى الساعة".
ويوضح بن حميدة أنّ "لدى الطلاب غيرة على التكوين، لذا لجأوا إلى الإضراب عن الدراسة في ظلّ غياب أيّ حلّ آخر". ويشير بن حميدة إلى الوضع القانوني لطلاب الطب والصيدلة وطب الأسنان، مبيّناً أنّ "القانون الذي يندرجون في إطاره لم يُجدَّد منذ سنوات، على الرغم من الأزمات الكبيرة التي يعيشون على وقعها، من قبيل التضخّم". ويشرح أنّ "الطالب ما زال يحصل على مبلغ 21 درهماً مغربياً (نحو دولارَين أميركيَّين) في اليوم، في ظلّ كلّ هذا، ويأتي في المقابل بمجموعة من المهام في المستشفيات في خلال فترة تدريبه".
ويتابع بن حميدة أنّ "ثمّة قضية أخرى تتمثّل في الزيادة الهائلة في أعداد الطلاب، الأمر الذي يسبّب مشكلات سواء في التدريب الاستشفائي أو التطبيقي". ويلفت إلى أنّ "القضية الكبرى تبقى إلغاء السنة السابعة، والاكتفاء بستّ سنوات في ظرف تسود فيه الضبابية في ما يتعلق بمسار طلاب السنتَين الخامسة والسادسة".