شكري جادو... 5 أيام في انتظار جثمان ابنه

21 مارس 2023
لدى تأكيد وفاة ابنه مصطفى (عبد الرزاق ماضي)
+ الخط -

وقف شكري جادو حائراً أمام حطام منزله في بلدة جنديرس السورية. سار مرة باتجاه الركام، وشدته قدماه مرات إلى الوراء، فهو كان يخشى أن تطأ قدماه حجارة تعلو جثة ابنه التي كانت لا تزال تحت الركام فتضيف لها أذى فوق أذى.
لا تعادل الأعوام الخمسين التي عاشها شكري الأيام الخمسة التي قضاها أمام ركام منزله في انتظار إخراج جثمان ابنه مصطفى البالغ من العمر 12 عاماً، الذي قضى في زلزال 6 فبراير/ شباط الماضي، ولم تكتب له النجاة مثل شكري وزوجته اللذين غادرا البناء قبل أن يسقط على رأس سكانه. يتذكر شكري كيف كانت عيناه تنظران إلى عناصر الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) الذين عملوا لاستخراج جثمان ابنه. تعلّق قلبه بضربات معاولهم كأنها تردد "رويداً رويداً تحتها قلبي"، وروى قصته التي حفظها عن ظهر قلب من كثرة تكرارها، وتفاصيلها كلها تحت الركام.

يقول: "شعرت باهتزاز الأرض فطالبت أفراد عائلتي بإفراغ المنزل، ونزلت إلى الأسفل. وفي منتصف الطريق انقطعت الكهرباء حين كنت على الدرج، ولم أعد أعرف من خرج معي ومن بقي. ومع وصولي إلى باب البناء تساقطت قطع حوله، ارتجت الأرض وتهاوى البناء حين كنت على بعد أمتار، ثم سمعت دوي هبوط البناء فالتفت خلفي بأمل أن أرى عائلتي لكنني لم أرَ أحداً فسقطت أرضاً من شدة الهلع، وحين استعدت أنفاسي لم أعثر على ابني مصطفى فتأكدت أنه ما زال في الداخل، بينما نجت زوجتي من الانهيار". انتظر شكري خمسة أيام وصول فرق الإنقاذ لإخراج طفله، فحجم الكارثة كان أكبر من قدرة هذه الفرق ما منعها من الوصول في الوقت المناسب. وقد أرهقته هذه الأيام الخمسة أكثر مما أرهق الركام جثة ولده، وانتظر لحظة الإفراج عنها ونقلها إلى قبر أكثر اتساعاً عسى أن ترتاح ويستريح، أما هو فلن يعرف الراحة أبداً.

الصورة
أم مصطفى المفجوعة (عبد الرزاق ماضي)
أم مصطفى المفجوعة (عبد الرزاق ماضي)

ومع ظهور ملابس ولده وإيقاف عمل الآليات الثقيلة جمدت عيون شكري وزوجته نحو الهدف. انتظرت رؤية مصطفى وتمنت قلوبهم المصير المستحيل بأن يكون على قيد الحياة بعد أيام طويلة تحت الركام، ثم انطلقت صرخة الأم المفجوعة بالموت الذي أوقف كل المشاهد. بعد ذلك مضى شكري وزوجته بجثة طفلهما. غادرا حطام المنزل وذكرياته، وسارا إلى قبر ابنهما.
انتهت قصة شكري بإخراج طفله من تحت الركام ودفنه، بينما ما زالت آلاف القصص تُروى أمام أبنية مدمرة أو في مجالس عزاء قتلى قضوا بالزلزال في سورية.

المساهمون