استمع إلى الملخص
- **جهود الحكومة والمشاريع الجديدة:** نفذت حكومة الوحدة الوطنية مشاريع لتحسين شبكات النهر الصناعي، مثل إنشاء خزان في الرياينة ومدّ خط لنقل المياه إلى تاجوراء، وتعمل على ربط منطقة جادو بمنظومة النهر.
- **حلول بديلة وتحديات مستقبلية:** أعلنت بلدية بنغازي عن خطة لتوفير مياه الشرب من خلال صيانة وحفر آبار جديدة، ويقترح الخبراء بناء محطات تحلية لمياه البحر، لكن التمويل غير متوفر بسبب الانقسام الحكومي.
يشتكي سكان مناطق الجبل الغربي في ليبيا من شح في مياه الشرب بسبب تهالك منظومة النهر الصناعي، وتوقف المشاريع الجديدة منذ سنوات طويلة، أما سكان مناطق أخرى مثل طبرق (أقصى الشرق) وزوارة (غرب) فيُبدون استياءهم من تهالك محطات تحلية المياه التي يعتمدون عليها.
وتحصل مدن الساحل الشمالي منذ عقود على مياه الشرب من منظومة النهر الصناعي الذي تنقل أنابيبه الضخمة المياه على امتداد مئات الكيلومترات من خزانات جوفية في أقصى الجنوب.
وتعرضت منظومة النهر الصناعي خلال السنوات الماضية، سواء الأنابيب أو الآبار والخزانات الجوفية، لأعطال كثيرة أوقفت عملها لفترات متقطعة، ما حرم سكان مدن الشمال من مياه الشرب. ويحذر مسؤولو جهاز النهر الصناعي باستمرار السلطات من إهمال صيانة منظومة الأنابيب والخزانات.
وخلال الأشهر الماضية نفذت حكومة الوحدة الوطنية العديد من المشاريع الخاصة بشبكات النهر الصناعي، وشملت إنشاء خزان لتجميع مياه النهر في منطقة الرياينة (غرب) بسعة 6 آلاف متر مكعب لمدّ أكثر من 30 ألفا من سكان المنطقة بمياه الشرب، كما أنجزت خطاً لنقل مياه النهر الصناعي من منطقة السائح الى تاجوراء داخل العاصمة، وذلك بعد 13 عاماً من تجميد أعماله.
في السياق، تواصل حكومة الوحدة الوطنية جهودها لربط منطقة جادو، إحدى أكبر مناطق الجبل الغربي التي تعاني من شح في مياه الشرب، بمنطقة النهر، قبل أن تنتقل لحل الأزمة ذاتها في مدينة نالوت المجاورة لجادو.
وتدرج تقارير دولية ليبيا بين 16 دولة في العالم يتوقع أن تواجه مشكلة الجفاف الحادّ خلال السنوات المقبلة، خاصة مع ارتفاع الفقر المائي بنسبة 88%.
والجفاف الذي تواجه ليبيا مخاطره لا يتعلق بمناطق الشمال أو تلك الجبلية فقط، بل أيضاً المناطق الجنوبية حيث تعتمد منظومة النهر الصناعي على خزاناته الجوفية التي تواجه النضوب، بحسب ما ينقل أستاذ هندسة الموارد المائية أحمد خطاب عن أهالي الجنوب. ويؤكد خطاب، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أهمية بدء السلطات في البحث عن مصادر بديلة للمياه، منها إعادة بناء وتأهيل محطات التحلية المنتشرة على طول الساحل الشمالي، بدلاً من الانشغال في إعادة ترقيع وصيانة خطوط منظومة النهر الصناعي التي ستكون خارج الخدمة بسبب قدمها وتهالكها.
ولا يزال جهاز النهر الصناعي يعلن عن زيارات تنفذها فرقه لمتابعة خطوط النقل ومعاينة الأعطال والعمل لصيانتها، وآخرها زيارات نفذتها فرق الجهاز خلال الأسبوعين الأخيرين لخط بنغازي المربوط بخزانات في أقصى الجنوب، ما يشير إلى استمرار مواجهة منظومة النهر مشكلات متزايدة.
وفي خطوة تستهدف إيجاد حلول بديلة، أعلنت بلدية بنغازي (شرق) أخيراً تطبيق خطة المصادر الرديفة لتوفير 186 ألف متر مكعب من مياه الشرب يومياً للمدينة من خلال صيانة آبار كبرى على تخوم المدينة، وأكدت عزمها على تنفيذ المشروع خلال 18 شهراً، والعمل على حفر آبار جديدة في مواقع أخرى.
وتعاني بنغازي، ثاني أكبر مدن البلاد، من نقص حاد في إمدادات مياه منظومة النهر الصناعي، رغم الجهود التي تبذلها الحكومة لصيانتها. ويؤكد خطاب أن حلحلة أزمة بنغازي والعديد من المدن الأخرى تشمل بناء محطات تحلية لمياه البحر بقدرات عالية تستوعب التزايد السكاني في المستقبل.
ويرى خطاب أن "هذه الاستراتيجيات ستكون غائبة لسنوات ما دام الانقسام الحكومي قائماً، فهذه المشاريع تحتاج إلى تمويل كبير لن يتوفر في ظل الصراعات القائمة. ويعني ذلك أن العطش سيكون قريباً، ولن تنفع معه حلول الترقيع".
ويتحدث خطاب عن بذل السلطات جهودا جيدة لإعادة تأهيل محطة التحلية بطبرق (أقصى الشرق)، لكن أزمة مياه الشرب القائمة منذ سنوات طويلة بالمدينة لم تنته رغم بدء تعبئة خزانات المدينة من المحطة بسبب عدم وجود شبكة توزيع حديثة، والتعهد باستيعاب الشبكة القديمة الزيادة السكانية".
وساهمت منظمات دولية في تخفيف معاناة المواطنين من الأزمة، وآخرها انتهاء منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" من تركيب 20 منظومة لتعقيم مياه الشرب ووحدتين لمعالجة المياه في مدن بشرق ليبيا، وذلك بالتعاون مع شركات حكومية ليبية لمواجهة ارتفاع منسوب التلوّث في المياه الجوفية في المناطق التي ضربتها فيضانات عاصفة دانيال في سبتمبر/ أيلول 2023. وتقول "يونيسف" إن "هذه المنظومات ستوفر المياه النقية لأكثر من 90 ألف شخص بينهم 19 ألف طفل في هذه المناطق".