تعيش محافظة السويداء جنوبي سورية، حالياً أجواء إثارة وخوف وترقب أشبه بسيناريو مسلسل رمضاني إثر توقف شركة 22 للتسويق الشبكي أو الهرمي التي تستثمر أموال مواطنين بوعود منحهم ارباحاً بلا فوائد، عن دفع المستحقات بموجب العقود الموقعة، ثم دخول عصابة شهيرة "بطريقة مشبوهة" على خط محاولة حل القضية، وتنفيذها عمليات سرقة وخطف.
وكان أكثر من 30 ألف مشترك في غالبية مناطق محافظة السويداء بينهم أفراد في عائلات فقيرة وطلاب جامعيين واكبوا أعمال شركة 22 التي وفرت لهم فعلياً دعماً مجانياً كنوع من "الزكاة"، كما وصفها أحد مديري الشركة، للتخفيف من الضغوط الكبيرة. ثم تحدث ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي بعد أشهر عن تنفيذ أشخاص في الشركة يحظون بدعم أمني داخل محافظة السويداء وخارجها عمليات اختلاس كبيرة، وذلك قبل أن تتأخر شركة 22 عن دفع مستحقات المشتركين منذ 17 مارس/ آذار الماضي.
ويقول الناشط هادي عزام الذي يسكن في مدينة السويداء لـ "العربي الجديد" إن تأخر شركة 22 عن دفع مستحقات المشتركين وضع مسؤوليها في مواقف صعبة تمثلت في البداية في دهم أجهزة الأمن مكاتبها، ثم إصدار السلطات في دمشق أوامر بملاحقة مؤسس الشركة مهيب أبو حسون الذي يعرف في سورية بأنه يدير شركات عدة للتسويق الشبكي أو الهرمي. ثم أوحت أحداث بوجود لعبة كبيرة تديرها أجهزة أمنية تابعة للنظام السوري وقضاة وعصابات، إذ تحدثت معلومات عن خطف عصابة "المزاهرة" (رئيسها وعدد كبير من أفرادها من آل مزهر) الشهيرة جداً في الجنوب السوري والد مهيب أبو حسون من وسط بيته في قرية صلخد شمالي السويداء التي تبعد كثيراً عن المركز الأساسي لعمل العصابة، وذلك بحجة إرجاع أموال المشتركين".
وفيما ظهر أبو حسون في فيديو مصور أمام ساحة ملاصقة لقصر العدل في مدينة السويداء الشهيرة، وحمّل مسؤولية عملية الخطف للمشتركين الذين طالبهم بالصبر عليه لإرجاع ملايين الدولارات إليهم، علمت "العربي الجديد" من مصادر خاصة أن "عصابة المزاهرة سطت على منزل أبو حسون نفسه وسرقت عشرات الآلاف من الدولارات ومحتويات ثمينة وسيارة خاصة، وبدأت في تنفيذ عملية ابتزاز بحجة تكليف المواطنين إياها بإرجاع أموالهم".
لكن أحد المستثمرين في شركة 22 أبلغ "العربي الجديد" أن "أكثر من 80 في المائة من المشتركين نالوا أرباحاً طائلة، واستفادوا مالياً على مدار أشهر من الشركة، ويبدو أن تنفيذ عصابة المزاهرة عمليات خطف وسلب أمر ممنهج ومقصود من أجل المساهمة في إعادة ظهورها في الصورة بعد القضاء على عصابة شريكة لها في يوليو/ تموز الماضي عقب انتفاضة نفذها أهالي المحافظة ضد عصابات القتل التابعة للفروع الأمنية".
ويشير إلى أن "ظهور عصابة المزاهرة في دور وسيلة جلب الحكم العادل القادر على إعادة الحق إلى أصحابه يهدف إلى إعادة نفوذها مع مشغليها، خاصة بعد كشف كل عملياتها أمام الرأي العام، وإعلان السلطات الأمنية رفع الغطاء عنها وطوي صفحتها باعتبارها الأكثر خطورة في محافظة السويداء بعد عصابة راجي فلحوط".
ويرى الناشط الإعلامي حمزة المعروفي، في حديثه لـ"العربي الجديد" أنّ "السلطات الأمنية لا توفر أدنى فرصة لإعادة إحياء العصابات، وبث الفوضى في المجتمع ذي الأكثرية الدرزية، والتدخل الأمني بطريقة ما بحجة حماية الأقليات". يضيف: "عكسَ أفراد عصابة المزاهرة خلال الأشهر الماضية صورة فاعلي الخير الذي يوزعون الخبز والأدوية، ويقبضون على لصوص صغار في السويداء ويشهرّون بهم ويسلمونهم إلى القضاء السوري. لكن ذلك لم يخدع الأهالي رغم كل الدعاية الإعلامية التي أحيطت بعملياتهم من خلال حسابات على شبكة الإنترنت وبيانات أمنية". ويختم المعروفي بأن "السويداء تستنزف اقتصادياً وسكانياً بهدف إفراغ المحافظة من شبانها، وتسهيل السيطرة عليها".