لم تعد النازحة السورية سناء حيدان تقوى على السير بسبب الخوف من القصف والقذائف التي كانت تسقط على مدينة سرمين، وأيضا بسبب تبعات الأمراض التي تعاني منها، وما زاد من معاناتها خوفها من الموت وترك أطفالها الأيتام يصارعون مصيرهم وحدهم.
سناء أرملة تربي أطفالاً أيتاماً نزحت بمعية أقاربها وجيرانها من مدينة سرمين شرقي إدلب إلى مركز إيواء معرة مصرين شمالي إدلب. وقالت لـ"العربي الجديد": "أكثر ما يقلقني هو الحفاظ على حياة الأطفال الأيتام الذين أرعاهم، وأتمنى ألا تخذلني صحتي التي ساء وضعها خلال الأيام الماضية لأنني أعاني من مرضي السكري والضغط". وتابعت: "تسقط علينا يومياً ما بين 20 و30 قذيفة في سرمين، لم أعد قادرة على السير، أتيت مع جيراني، لا نملك ثمن الخبز ولا الدواء .. خفت على الأولاد أكثر من خوفي على نفسي".
أما النازح من مدينة إدلب فادي أرحابي فيقول لـ"العربي الجديد": "هربنا بأرواحنا وأولادنا من القصف في إدلب، استشهد بجواري طفلان وأصيبت جارتي ببتر ساقيها، فخرجت مع عائلتي إلى هذا المركز، في أفضل الأحوال إن لم نقتل تحت القصف سيصاب أطفالي بالأمراض لشدة الخوف، وأنا لا أملك ثمن الأدوية، فالحالة المادية سيئة للغاية". وأضاف: "هنا في مركز الإيواء الوضع آمن نوعا ما، وبحال أرادوا إخراجنا فلسنا قادرين على فعل أي شيء".
بدوره، يوضح النازح من قرية منطف بجبل الزاوية جنوبي إدلب عبدو الحجي لـ"العربي الجديد": "كنت أسكن في جبل الزاوية، شهدت قصفا مكثفا في السابق، لكن في هذه المرة كانت القذائف كزخات المطر، كنا ثابتين في المنطقة، لكن النساء والأطفال شعروا بالذعر، ابن جيراني استشهد على مرأى من عين ابني، مشهد صعب ولا ينسى، كنت في العمل وكل همي الوصول إلى أبنائي لأغادر بهم المنطقة".
ويتابع: "مركز الإيواء ليس آمناً تماماً، فهو قريب من القصف، لكن ليس لدينا حل آخر سوى تأمين أطفالنا هنا، أصبحنا نخاف عليهم من الأمراض والكوابيس، وأصعب موقف عشته أن أولاد جيراني أصيبوا أمام أطفالي، كانوا يضعون أيديهم على رؤوسهم بسبب الخوف، القصف لا يوصف، 40 صاروخاً تقصف البلدة دفعة واحدة".
وشهدت مدينة إدلب وريفها شمال غربي سورية في المناطق التي تعرضت لقصف مدفعي وصاروخي خلال الأيام الماضية، حركة نزوح كثيفة للمدنيين، الذين قصدوا أقاربهم في المناطق الأكثر أماناً نسبياً أو مراكز إيواء مؤقتة بنيت من الخيام الكبيرة.
وتوجهت مئات العائلات الهاربة من شدة القصف خلال الأيام الماضية، وخاصة من مدينة إدلب ومدينة سرمين وقرى من جبل الزاوية جنوبي إدلب، إلى مركز إيواء معرة مصرين شمال مدينة إدلب، بيد أن القصف الصاروخي طاول منطقة قريبة منه مساء الأربعاء، فغادره معظم النازحين وبقي فيه من لا حول لهم ولا ملجأ.