سورية: لا خطط بديلة لتوقف إدخال المساعدات إلى الشمال

26 يوليو 2023
رفضٌ للفيتو الروسي (رامي السيد/ Getty)
+ الخط -

مرّ أكثر من أسبوعين على انتهاء التفويض الأممي لإدخال المساعدات إلى الشمال السوري، وقد تعثّر التمديد بسبب الفيتو الروسي، الأمر الذي يتطلب العمل بـ "خطط بديلة" لضمان تدفق هذه المساعدات حتى لا تتعمق معاناة ملايين السوريين الذين يعتمدون على هذه المساعدات لاستمرار حياتهم. وترسم منظمات إنسانية محلية صورة قاتمة لمجمل الأوضاع في الشمال السوري في حال فشل مجلس الأمن الدولي مرة أخرى في ضمان استمرار تدفق المساعدات الأممية عبر الحدود إلى نحو 6 ملايين مدني يقطنون في شمال وشمال غربي سورية، وخصوصاً أنه لا خطط بديلة وشيكة لضمان استمرار تلقّي هؤلاء الملايين لمساعدات تخفف من معاناتهم. 
يقول مدير المناصرة والشراكات في جمعية "عطاء" للإغاثة الإنسانية سارية عقاد، لـ "العربي الجديد"، إن "عدم التجديد للتفويض الأممي يعني نقص المساعدات وتوقف عمل المنظمات الدولية، بالإضافة إلى توقف عقود نحو عشرة آلاف عامل في المنظمات داخل الأراضي السورية". يُتابع: "توقف المساعدات ربما يخلق مجاعات، ويعلق العمل الطبي وخدمات التعليم، ويتسبب بنقص الأدوية وخصوصاً لمرضى السرطان. سيكون الوضع كارثياً إذا لم يجدد مجلس الأمن الدولي هذه الآلية سريعاً". 
وحول الخطط البديلة لدى المنظمات الدولية في حال استمرار التعنت الروسي، يوضح عقاد أن "لدى غالبية المنظمات المحلية شراكات مع المنظمات الأممية، وخصوصاً برنامج الغذاء العالمي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين". يضيف: "هذه المؤسسات الأممية لا يمكنها العمل من دون قرار من مجلس الأمن الدولي، ولا بدائل لديها خارج إطار مجلس الأمن". ويوضح أنه لا بديل أمام المنظمات المحلية العاملة في الشمال السوري إلا صندوق AFNS (صندوق المساعدات لشمال سورية)، لافتاً إلى أنه "لا يخضع لآلية إدخال المساعدات عبر الحدود". ويقول إن "غالبية تمويل هذا الصندوق هو من وزارة الخارجية البريطانية بالإضافة إلى مانحين آخرين، ويدعم منظمات دولية ومحلية".

ويبيّن عقاد أنه "يمكن لهذا الصندوق تغطية بعض حاجات السكان في شمال سورية"، مضيفاً أن "عدم تمديد الآلية يعني تعطل عمل برنامج الغذاء العالمي وهو المؤسسة الأهم بالنسبة للسكان. وحتى اللحظة، ما من خطط بديلة لتفعيل دوره خارج قرار مجلس الأمن الدولي". ويشير إلى أن "الحملات الخاصة لجمع التبرعات لا تحتاج لآلية قانونية دولية ما دام الجانب التركي يفتح حدوده أمام الأعمال الإنسانية"، مضيفاً: "حتى اللحظة، تركيا تقدم تسهيلات لهذه الأعمال". 
وكانت روسيا قد استخدمت حقّ النقض الفيتو في مجلس الأمن الدولي في الحادي عشر من الشهر الجاري، للاعتراض على تجديد آلية للأمم المتحدة لإرسال مساعدات إلى شمال غربي سورية من معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، المعمول بها منذ عام 2014، وهو ما فتح الباب أمام أزمات معيشية لنحو ستة ملايين سوري جلهم نازحون في شمال وشمال غربي سورية.
وفي السياق، يوضح مدير منظمة سداد محمد نجار لـ "العربي الجديد"، أنه "لا توجد أي خطط بديلة في الوقت الراهن إلى حين وضوح موقف مجلس الأمن الدولي النهائي حول تجديد الآليات"، مضيفاً: "لم تدخل مساعدات غذائية إلى الشمال السوري منذ أسبوعين بسبب انتهاء التفويض الأممي". فيما يقول أحمد قطان من منظمة "بنيان" لـ "العربي الجديد"، إن "عمل المنظمات المحلية في الشمال السوري تأثر من جراء عدم تمديد قرار إدخال المساعدات عبر الحدود، وخصوصاً لجهة المساعدات العينية". يضيف أن "هناك شراكات مع منظمات دولية لا يتأثر عملها في حال عدم التمديد لآليات إدخال المساعدات"، قائلاً: "سنبحث معها في إجراءات بديلة عندما يصل مجلس الأمن الدولي الى طريق مسدود بما يخص تمديد القرار". 

وحاول النظام السوري الالتفاف حول الآليات المعتمدة من الأمم المتحدة منذ عام 2014، من خلال السماح بإدخال المساعدات عبر معبر باب الهوى الحدودي وفق شروط رفضتها الأمم المتحدة، واعتبرتها "غير مقبولة". واعترض مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة (أوتشا) على شرط إشراف الهلال الأحمر السوري على توزيع المساعدات الإنسانية في شمال غربي سورية، لأن ذلك "لا يتوافق مع استقلال الأمم المتحدة". 
كما اعترض على شرط النظام بعدم تواصل الأمم المتحدة مع فصائل المعارضة السورية في الشمال السوري لتوزيع المساعدات، إذ يتوجب على الأمم المتحدة الاستمرار في التواصل مع الجهات الحكومية وغير الحكومية المعنية لأنه "أمر ضروري من الناحية التشغيلية لإجراء عمليات إنسانية آمنة وبلا عوائق". وتصر روسيا على إخضاع هذا الملف الإنساني للحسابات السياسية لتحقيق مكاسب لها وللنظام السوري، وخصوصاً تعزيز ما يسمّى بـ "مشروعات التعافي المبكر"، ما يصب لصالح النظام الذي يدفع باتجاه حصر إدخال المساعدات به إلى الشمال السوري الخارج عن سيطرته عبر "خطوط التماس"، في محاولة يرفضها المجتمع الدولي، إذ هدفها خنق ملايين السوريين خارج سيطرة هذا النظام، لدفع فصائل المعارضة السورية للاستسلام له وفق شروطه. 
 

المساهمون