سفينة إنقاذ تنزل 230 مهاجراً في فرنسا وسط توتر مع إيطاليا

11 نوفمبر 2022
بلغ هؤلاء المهاجرون البرّ أخيراً بعد ثلاثة أسابيع في عرض البحر (كريستوف سيمون/ فرانس برس)
+ الخط -

 

أنزلت سفينة الإنقاذ البحري "أوشن فايكينغ" في ميناء تولون العسكري جنوبي فرنسا، اليوم الجمعة، 230 مهاجراً أُنقذوا في البحر الأبيض المتوسط، وذلك في سابقة في فرنسا تثير توتراً كبيراً مع إيطاليا.

وهذه هي المرّة الأولى التي تُنزل فيها سفينة إنقاذ تعمل قبالة الساحل الليبي ناجين في فرنسا. لكنّه استقبال "استثنائي" بحسب ما قال وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، أمس الخميس، مشيراً إلى أنّه "واجب إنساني"، فيما دان إيطاليا لخيارها "غير المقبول" والمخالف لـ"القانون الدولي"، بعدما رفضت بقيادة حكومة جديدة يمينية متطرفة استقبال السفينة.

من جهتها، ندّدت رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني، اليوم الجمعة بردّ الفعل الفرنسي "العدواني وغير المفهوم وغير المبرّر"، مذكّرة بأنّ بلادها استقبلت نحو 90 ألف مهاجر هذا العام في حين أنّ الدول الأوروبية التي تعهّدت بمساعدة ثمانية آلاف شخص ورعايتهم، استقبلت في نهاية المطاف 117 شخصاً فقط.

وكانت هذه السفينة قد تحوّلت إلى سبب خلاف ما بين فرنسا وإيطاليا بعد أن منحت ميلوني الإذن لثلاث سفن إنقاذ بحرية خاصة أخرى بالرسوّ في إيطاليا فيما رفضت "أوشن فايكينغ"، مدّعية أنّ فرنسا سوف تستقبلها على الرغم من أنّ الحكومة الفرنسية لم تعلن ذلك.

الصورة
مهاجرون وصلوا في فرنسا وكانوا على متن أوشن فايكنغ 2 (كريستوف سيمون/ فرانس برس)
صغير من بين 57 طفلاً أنقذهم فريق سفينة "أوشن فايكنغ" واستقبلتهم فرنسا (كريستوف سيمون/ فرانس برس)

11 بلداً

في هذا السياق، قالت لورانس بوندار من منظمة الإنقاذ "إس أو إس ميديتيرانيه" غير الحكومية التي تتبع لها سفينة "أوشن فايكنغ" لوكالة فرانس برس: "ثمّة مشاعر كثيرة على متن السفينة، الجميع مرهق، إنّها نهاية المحنة". وكانت "أوشن فايكينغ" قد بقيت تجوب البحر لمدّة ثلاثة أسابيع لعدم تمكّنها من إنزال رجال ونساء و57 طفلاً، بعضهم من دول في حالة حرب أُنقذوا قبالة سواحل ليبيا، في ميناء إيطالي.

يُذكر أنّ خفر السواحل الفرنسي صعد على متن "أوشن فايكينغ"، أمس الخميس، لمساعدة أربعة ركاب كانوا في حاجة إلى رعاية طبية عاجلة ورافقوهم إلى البرّ. وبالتالي يكون العدد الإجمالي للمهاجرين الذين كانوا على متن السفينة 234 مهاجراً، قبل الوصول إلى المياه الإقليمية الفرنسية.

وفي بداية فترة ما بعد الظهر، بدأ نقل هؤلاء المهاجرين في حافلة إلى مركز مخصص للعطل في شبه جزيرة جيان في هيير، وهي بلدة تبعد نحو عشرين كيلومتراً شرق تولون أُعلنت "منطقة انتظار دولية" يبقى المهاجرون فيها عشرين يوماً.

وأوضح دارمانان أنّ الناجين "لن يتمكّنوا من مغادرة هذا المركز، وبالتالي لن يكونوا تقنياً على الأراضي الفرنسية". وسوف يخضع هؤلاء لمتابعة صحية وتفتيش أمني من قبل أجهزة الاستخبارات، قبل أن يستجوبهم المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين الذي يمنح وضع لاجئ، ويمكنه إجراء ما يصل إلى 90 مقابلة يومياً ابتداءً من غد السبت.

وأشارت وزارة الداخلية إلى أنّ ثلثَي هؤلاء الأشخاص سوف يغادرون فرنسا ليُنقلوا إلى 11 بلداً، هي ألمانيا التي سوف تستقبل نحو 80 شخصاً فيما الآخرون سوف يتوزّعون ما بين لوكسمبورغ وبلغاريا ورومانيا وكرواتيا وليتوانيا ومالطا والبرتغال وأيرلندا وفنلندا والنرويج.

وكانت فرنسا قد وافقت، أمس الخميس، على توفير ميناء آمن لسفينة "أوشن فايكينغ"، فيما قال دارمانان إنّ الركاب سوف يقسمون في نهاية المطاف ما بين فرنسا ودول الاتحاد الأوروبي الأخرى بما يتماشى مع "آلية التضامن" التي أُقرّت في يونيو/ حزيران الماضي لتقليل الضغط على دول خط المواجهة مثل اليونان وإيطاليا وإسبانيا.

الصورة
مهاجرون وصلوا في فرنسا وكانوا على متن أوشن فايكنغ 3 (كريستوف سيمون/ فرانس برس)
المهاجرون الذين استقبلتهم فرنسا ليسوا "تقنياً" على أراضيها (كريستوف سيمون/ فرانس برس)

جدال سياسي

وفي خضمّ تقديم مشروع قانون بشأن الهجرة إلى فرنسا يهدف إلى إصلاح إجراءات اللجوء من أجل تحقيق مزيد من عمليات الترحيل، أوضح وفد مرافق لدارمانان أنّ "الركاب الذين لا يستوفون شروط طلب اللجوء سوف يُرحّلون مباشرة من منطقة الانتظار إلى بلدهم".

تجدر الإشارة إلى أنّ وصول "أوشن فايكينغ" إلى سواحل الجنوب الفرنسي أعاد إشعال نقاش سياسي حاد حول الهجرة في البلاد. فأطلق سياسيون من اليمين المتطرّف وابلاً من الانتقادات ضدّ الرئيس إيمانويل ماكرون وما وصفوه بـ"سياسات الهجرة مفتوحة الأذرع" التي تتّبعها حكومته.

فدعت زعيمة اليمين المتطرّف في فرنسا مارين لوبن إلى إعادة المهاجرين إلى بلد المغادرة، منتقدة استقبال "أوشن فايكينغ". وشدّدت على "وجوب أن تعيد هذه السفن التي تنقل المهاجرين الذين أُنقذوا في البحر، إلى ميناء المغادرة"، مضيفة أنّه كان يتوجّب على هذه السفينة أن ترسو في طرابلس (ليبيا) أو ربّما في تونس".

بدوره، قال إريك زيمور الذي هُزم في الانتخابات الرئاسية والتشريعية، في مؤتمر صحافي في تولون، إنّه كان لا بدّ من "إعادة هؤلاء المهاجرين إلى بلدانهم".

في المقابل، رحّب اليسار والبيئيون بـ"قرار جدير بقيم" فرنسا. وأفادت "إس أو إس ميديتيرانيه" بأنّ إنزال المهاجرين في فرنسا "أمر لا يجب أن يتكرّر". أضاف مدير العمليات في المنظمة كزافييه لوث أنّ المنظمة سوف تعود إلى البحر "لأنّ ثمّة أكثر من 20 ألف وفاة منذ عام 2014 في البحر الأبيض المتوسط، ولا نقبل بأن يتحوّل هذا البحر إلى مقبرة".

(فرانس برس، أسوشييتد برس)

المساهمون