عبّرت سناء سلامة، زوجة الأسير الفلسطيني في سجون الاحتلال الإسرائيلي وليد دقة المصاب بالسرطان، عن خشية العائلة من أن تدفع سلطة سجون الاحتلال في اتّجاه يجعل وضعه الصحي في نقطة اللاعودة. ووصفت وضعه بالصعب، إذ ثمّة تهديد وشيك على حياته، مشدّدة على أنّه في الإمكان القيام بالكثير طبياً في حال تحريره من السجن وتلقّيه علاجه من دون قيود.
وقالت سلامة، في لقاء مع الصحافيين عقدته في مقرّ نادي الأسير الفلسطيني بمدينة البيرة الملاصقة لمدينة رام الله وسط الضفة الغربية، اليوم الاثنين، إنّ العائلة ما زالت تدعو إلى تضافر الجهود من أجل الضغط لإطلاق سراح دقة فيتلقّى العلاج من دون قيد. أضافت: "نحن خائفون.. وفي حالة توتّر.. ونترقّب. ما نريده هو تحقيق قدرة حقيقية للإفراج عنه لتلقّي العلاج".
وحول المستجدات الأخيرة المتعلقة بوضع وليد دقة الصحي، أفادت سلام بأنّه نُقل يوم الخميس الماضي من مستشفى "آساف هاروفيه" الإسرائيلي إلى عيادة سجن الرملة، على الرغم من أنّ الطبيب وصف وضعه بأنّه حرج. وأكّدت أنّ العائلة لا تستطيع الاطمئنان تماماً على وضعه وهو في تلك العيادة لأنّها تابعة للسجن، ولأنّ أفراد العائلة لا يستطيعون زيارته فيها كما هي الحال في المستشفى، ولا حتى التحدّث إلى الأطباء للحصول على تفاصيل دقيقة حول وضعه، علماً أنّه يعاني من مشكلات في الرئتَين والقلب.
وأملت سلامة أنّ يحظى دقة برعاية طبية جيدة في عيادة سجن الرملة، على الرغم من أنّها تعي أنّه لا يستوفي الشروط الأساسية لعلاج حالة معقّدة كما هي حالة زوجها. لكنّها طالبت على أقلّ تقدير بالأخذ بعين الاعتبار بتوصيات الأطباء في مستشفى "آساف هاروفيه" لجهة العلاج الدوائي، حتى يصل إلى حالة من الاستقرار وحتى يتجنّب ارتكاسة تستوجب نقله مرّة أخرى إلى المستشفى. ورأت سلامة أنّ الظروف التي يُنقَل فيها زوجها تعذيب له، وأنّها لا تساهم في تحسّن وضعه الصحي.
وشرحت سلامة أنّ حالة دقة شُخّصت بأنّها تليّف نقوي (تليّف نخاع العظم) في ديسمبر/ كانون الأول 2022، وهو نوع نادر من سرطان نخاع العظم يعطّل عملية إنتاج الجسم خلايا الدم بصورة طبيعية. والخطر يكمن خصوصاً في حال تعرّض المصاب بهذا النوع من السرطان لأيّ مرض آخر، حتى لو كان بسيطاً مثل الإنفلونزا، إذ من الممكن أن يفاقم مرضه، وهو ما حصل مع دقة بالفعل. فهو أُصيب بالتهاب كان بسيطاً في البداية في شهر مارس/ آذار 2023، وتدهور وضعه بسبب عدم تلقّيه العلاج وعدم نقله إلى المستشفى في الوقت المناسب.
كذلك عرضت سلامة جهود العائلة الأخيرة من الناحية القانونية، موضحة أنّ سلطات الاحتلال رفضت النظر في طلب الإفراج المبكر عن دقة. لكنّه حُوّل إلى اللجنة الخاصة بالأسرى المحكومين بالمؤبد للنظر في قضيته، يوم الأحد في 18 يونيو/ حزيران الجاري، الأمر الذي يعني، بحسب العائلة، التعامل معه كأنّه ما زال يقضي حكماً بالسجن المؤبد الذي انتهى عملياً في مارس الماضي، بعد 37 عاماً، علماً أنّ هذه هي المدّة التي حدّدتها محاكم الاحتلال لعقوبة المؤبّد. أمّا في الوقت الحالي، فيقضي دقة حكماً على خلفية قضية إدخال هواتف للأسرى. وبعد رفض اللجنة النظر في الطلب، رأت عائلة دقة والحملة الداعمة له أنّ قرار لجنة الخاصة بالنظر في طلب الإفراج المبكر عنه هو بمثابة قرار إعدام له.
يُذكر أنّه في 31 مايو/ أيار الماضي، عُقدت جلسة لدقة، لكنّ اللجنة الخاصة بالنظر في طلب الإفراج المبكر عنه قرّرت عدم النظر في طلب محاميه الإفراج عنه لأسباب صحية، بذريعة أنّ قضيته ليست من صلاحياتها، وبالتالي قرّرت إحالة الطلب إلى اللجنة الخاصة بالمؤبّدات.
لكنّ سلامة، التي كانت قد لفتت إلى أنّه كان يتوجّب على اللجنة الخاصة إطلاق سراح دقة لأسباب صحية، قالت إنّ فرص واحتمالات إصدار قرار إيجابي من لجنة المؤبدات تساوي صفراً، غير أنّ العائلة مضطرة إلى التوجّه إليها من أجل الوصول في وقت لاحق إلى الهيئتَين القضائيتَين العلويَين، أيّ المحكمة المركزية والمحكمة العليا. وأكدت أنّ العائلة سوف تواصل جهودها رغم الاحتمالات الضئيلة، فهي مصرّة على عدم إهمال أيّ فرصة من أجل إطلاق سراحه.
وحول الجهود الواجب بذلها، أشارت سلامة إلى الجهد الجماهيري والجهد على المستوى الرسمي وكذلك السياسي، إلى جانب جهد المؤسسات القانونية. لكنّ ذلك سوف يظلّ ناقصاً بحسب سلامة، التي تطالب بتضافر الجهود وبأن تكون التحرّكات متكاملة لخلق حالة ضغط وحالة رأي عام من الممكن أن تؤدّيا إلى فرصة حقيقية لتحرير زوجها، فجعل الجهود متواصلة بدلاً من أن تكون موسمية تمكّن من دعم أيّ أسير يحتاج إلى تحرّك داعم كما هو وضع دقة.
وقالت سلامة: "ندعو ونتوجّه مرّة أخرى إلى قياداتنا السياسية بكلّ أماكن وجودها، ونوجّه رسالة إلى المقاومة بضرورة تسريع صفقة التبادل، التي من الممكن ليس فقط أن تنقذ وليد دقة إنّما أسرى آخرين بوضعه، وتمكّن كثيراً من الأسرى من الحرية"، مضيفة: "نعي أنّ الأمور لا تتعلق فقط بالمقاومة، لكنّنا ندعو إلى اجتراح أفكار واستراتيجيات ودراسة المسألة من أجل المساهمة في تسريع إتمام هذه الصفقة التي تأخّرت سنوات طويلة".
كذلك، وجّهت رسالة إلى السلطة الفلسطينية: "بالإضافة إلى ذلك، نتوجّه إلى قيادتنا السياسية في رام الله والسلطة والأخ أبو مازن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) وأعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح وكلّ من يستطيع أن يساهم ويضغط ويقدم... وهم أدرى بالقنوات المتاحة التي يستطيعون من خلالها الضغط من أجل إطلاق سراح وليد". ودعت سلامة الجماهير الفلسطينية إلى متابعة نشاطاتها ودعمها لدقة، وكذلك المؤسسات الحقوقية والقانونية بمواصلة جهودها.
من هو وليد دقة؟
وليد دقة أسير فلسطيني من بلدة باقة الغربية الواقعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة في عام 1948. ولد في عام 1961 والتحق بالعمل الوطني في عام 1983 في إطار الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ومنظمة التحرير الفلسطينية، وانضمّ إلى التجمّع الوطني الديمقراطي في عام 1996 وصار عضواً في لجنته المركزية.
اعتُقل دقة في عام 1986، وحُكم بالسجن المؤبّد في العام التالي (1987) وقد حُدّدت مدّته بـ37 عاماً في عام 2012، أنهاها في مارس 2023. وفي عام 2018، أصدرت محكمة الاحتلال العسكرية في بئر السبع حكماً بسجنه عامَين إضافيَّين بادعاء ضلوعه في إدخال هواتف خلوية تمكّن الأسرى من التواصل مع عائلاتهم، وبالتالي صار التاريخ المتوقّع للإفراج عنه 24 مارس من عام 2025.
وبحسب بيانات نادي الأسير الفلسطيني، في اليوم الأخير من محكومية دقة الأصلية في 23 مارس 2023، أُدخل في حالة حرجة إلى مستشفى "برزيلاي" في مدينة عسقلان، وقد جاء هذا التدهور الحاد بعد تشخيصه بمرض التليّف النقوي، علماً أنّه كان قد شُخص لديه سرطان الدم قبل نحو عشرة أعوام وتُرك من دون علاج جدي.
وفي 12 إبريل/ نيسان 2023، خضع وليد لعملية استئصال جزء كبير من رئته اليمنى، وبعد قضاء 37 يوماً في مستشفى "برزيلاي"، نقلته سلطة سجون الاحتلال في الـ30 من الشهر نفسه إلى عيادة سجن الرملة، التي لا تتوفّر فيها أدنى بيئة لرعاية حالته الصحية على أثر الجراحة التي خضع لها حديثاً، ولا لعلاج مرض السرطان النادر الذي يعاني منه، ولا لإجراء عملية زراعة نخاع العظم بالغة الدقة على الرغم من وجود متبرّعين لذلك.