زلزال المغرب... التكنولوجيا لإنقاذ الأرواح من تحت الأنقاض

13 سبتمبر 2023
تتواصل جهود الإنقاذ في جبال الأطلس (آشلي شان/ Getty)
+ الخط -

تواصلت لليوم الخامس على التوالي في المغرب عمليات الإنقاذ والبحث عن الناجين بين أنقاض المباني المدمرة في الأقاليم المتضررة من زلزال الجمعة الذي وصف بأنه "الأعنف" منذ 120 سنة. 
وتحدث مراسلون، اليوم الأربعاء، عن زيادة ملحوظة في عدد القوات المغربية والشرطة وعمال الإغاثة على الطرق القريبة من مركز الزلزال، وذلك غداة زيارة الملك محمد السادس للمرة الأولى مصابين في أحد مستشفيات مراكش. 
ولفت استخدام الجيش المغربي معدات تكنولوجيا حديثة لمحاولة إنقاذ أرواح من تحت الأنقاض، رغم أن آمال العثور على أحياء باتت ضئيلة جداً.

وتشمل المعدات طائرات بلا طيار (درون) من نوع "ووندر بي" التي تعتبر بين أهم وسائل البحث والإنقاذ والرصد التي تواكب عمليات البحث والإنقاذ، وأيضاً مهمات توصيل مساعدات إلى المناطق المنكوبة. 
وتتميز هذه "الدرون" بقدرتها على النزول في أي مكان والإقلاع منه من دون الحاجة إلى مدرج، واستخدامها محركاً لا يصدر ضجيجاً مرتفعاً، في حين تصل فترة تحليقها المتواصل إلى ساعتين ونصف الساعة تغطي خلالها مساحة 50 كيلومتراً.
وصباح السبت الماضي، أعلن الجيش المغربي، في بيان، أنه نشر وحدات للتدخل وطائرات ومراكز لوجستية لتقديم الدعم الضروري لمتضرري الزلزال، وأيضاً وحدات للتدخل وطائرات ومروحيات وطائرات بلا طيار ووسائل هندسية. كما تحدث عن إنشاء مراكز لوجستية بهدف تقديم الدعم الضروري لكل القطاعات المعنية والمساكن المتضررة، وأيضاً مستشفيات ميدانية لعلاج الجرحى، وتنفيذه مهمات لتوزيع مستلزمات إغاثية في مراكز إيواء مؤقتة ونقل مصابين باستخدام مروحيات.
وانطلاقاً من قاعدة مدارس القوات الملكية الجوية في مدينة مراكش، تنفذ مروحيات من نوع "شينوك سي إتش 47" و"بوما إس إي 330 و"وبوما إس إي و205" بين 35 و40 مهمة يومياً، بحسب الظروف الجوية وطبيعة التضاريس، للوصول إلى مناطق متضررة يصعب الوصول إليها عبر مسالك برية.

تعامل الجيش المغربي بفعّالية مع كل مهمات ما بعد كارثة الزلزال (بولنت كيليتش/ فرانس برس)
تعامل الجيش المغربي بفعّالية مع كل مهمات ما بعد كارثة الزلزال (بولنت كيليتش/ فرانس برس)

وإلى جانب المروحيات، استعان الجيش بطائرات مسيرة تتيح رصد أضرار الزلزال تمهيداً لاتخاذ قرارات مناسبة في شأن طبيعة المساعدات التي يجب إرسالها إلى الأماكن المنكوبة بالتنسيق مع وحدات التدخل التابعة له المنتشرة ميدانياً، والسلطات المحلية.
ومن أجل تسيير عمل الإنقاذ والإغاثة أنشأت القوات المسلحة الملكية والقوات الملكية الجوية والدرك الملكي مركزاً لقيادة العمليات، مكلف بتنسيق وإدارة الشق العسكري الخاص بعمليات الإنقاذ والإغاثة ونقل المساعدات. 
ويعتبر هذا المركز جزءاً من خطة عمل الاستراتيجية الوطنية للتعامل مع الكوارث الطبيعية التي تنسق عملياتها مديرية تدبير الكوارث الطبيعية في وزارة الداخلية.
ويقول الخبير في الشؤون الأمنية والعسكرية، محمد شقير، لـ"العربي الجديد" إن "القوات المسلحة شاركت منذ تأسيسها في مواجهة كل الكوارث الطبيعية التي عرفها المغرب مثل زلزال أغادير، وذلك باستخدام القدرات التنظيمية واللوجستية المتوفرة".
ويلفت إلى أن "القوة المدمرة للزلزال الذي ضرب منطقة الحوز ومحيطها الإقليمي والصعوبات اللوجستية في تنفيذ عمليات إنقاذ وإغاثة في أماكن ذات طبيعة مسالك وعرة ومنعزلة، دفعت السلطات المغربية إلى انتقاء قوات من النخب العسكرية الخاصة المؤهلة لتنفيذ هذا النوع من التدخلات، والاستعانة بطائرات بلا طيار استخدمتها في إجراء مسح طوبوغرافي، وتنفيذ مهمات البحث عن الضحايا تحت الأنقاض. وتميّزت هذه الطائرات بتقنياتها الميدانية والاستخباراتية التي تسمح بتحليقها أكثر من ساعتين متواصلتين، وإجراء مسح يغطي مساحة 50 كيلومتراً". 
ويعتبر شقير أن "هذه العمليات تشكل تجربة جديدة للقوات المسلحة في مواجهة الكوارث التي أصبحت جزءاً من مهماتها وتدريباتها خلال  المناورات، مثل مناورات الأسد الأفريقي مع القوات الأميركية".
من جهته، يرى الخبير في السياسات الأمنية إحسان الحافيظي أن القوات المغربية أظهرت فاعلية كبيرة في ما يتعلق بالتعامل مع حالات الأزمات والكوارث".
ويوضح، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "المغرب انتهج في العقد الأخير سياسة تجديد ترسانته العسكرية، وتطوير منظومة الدفاع. وضمن هذه الاستراتيجية كان لا بدّ من تحديث آليات التدخل المناسبة لدى وقوع كوارث، سواء عبر اقتناء تكنولوجيا حديثة أو إجراء تمارين للتدخل العسكري، أو زيادة عدد العاملين في الموارد البشرية من خلال إطلاق عمليات تجنيد".
يتابع: "أثر هذا المخطط إيجاباً في عمليات الإنقاذ المرتبطة بالزلزال الحالي، حيث استعانت القوات المسلحة بتقنيات لتقفي الأثر والمسح، وأجهزة استشعار ومعدات التصوير الحراري والمروحيات العسكرية وغيرها. وساهم ذلك في جعل القوات المسلحة ركيزة التعامل مع تبعات فاجعة زلزال الحوز".

استنفار عسكري بكل الوسائل المتوفرة (فرانس برس)
استنفار عسكري بكل الوسائل المتوفرة (فرانس برس)

الفرق الأجنبية
وإلى جانب الجيش، تواصل فرق الإنقاذ المدنية المغربية، بدعم ومساندة من فرق إنقاذ أجنبية، عمليات البحث عن ناجين بعد مرور خمسة أيام على الفاجعة التي هزت عدداً من مناطق المملكة.
وبدأت الفرق الأجنبية، التي وصلت من الإمارات وبريطانيا وقطر وإسبانيا عملها في عدد من المناطق في إقليم الحوز الأكثر تضرراً من زلزال الجمعة الماضي.
وتملك الفرق الأجنبية خبرات متعددة في مجالات البحث والإنقاذ واستخراج الجثث من تحت الأنقاض، وأحضرت معها المعدات والأدوات اللازمة المستخدمة في العمليات.
ومن أجل تسهيل عملها أنشأت فرق البحث والإنقاذ الإسبانية والبريطانية قواعد عسكرية مركزية في منطقة أمزميز بإقليم الحوز لإدارة عمليات إنقاذ المصابين من كارثة الزلزال، وذلك بالتنسيق مع عناصر القوات المسلحة الملكية والدرك الملكي والوقاية المدنية التي تواصل جهود استخراج جثث الموتى وإسعاف المصابين.

وكان المغرب أعلن ليل الأحد الماضي أنه استجاب لأربعة عروض مساعدة قدمتها بريطانيا وإسبانيا وقطر والإمارات، وشملت تعبئة مجموعة من فرق البحث والإنقاذ لمواجهة تداعيات الزلزال.
وقالت إسبانيا إنها أرسلت 86 عامل إنقاذ إلى المغرب مع كلاب متخصصة في البحث عن ضحايا، في حين يواصل فريق من مجموعة البحث والإنقاذ القطرية مساعدة فرق الإنقاذ المغربية في جهود الإغاثة.

المساهمون