بعد انتهاء عطلة عيد الميلاد ورأس السنة في روسيا انطلقت في مجلس الدوما (النواب) الروسي الجولة الربيعية التي تشمل مناقشة مشروع قانون الجنسية الروسية الذي أحاله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى البرلمان في الأيام الأخيرة من العام الماضي، ليحلّ محل قانون الجنسية الصادر في عام 2002، أي قبل عقدَين من الزمن.
ويوسّع مشروع القانون الجديد فئات الأجانب الذين يستطيعون الاستفادة من الإجراءات المبسّطة للحصول على الجنسية الروسية. وتشمل الفئات الجديدة مواطني الاتحاد السوفييتي السابق من المولودين أو المقيمين على أراضي جمهورية روسيا السوفييتية وأبناءهم، والمشاركين في برنامج عودة المغتربين، وذوي المواطنين الروس، وحملة الشهادات العليا الروسية بدرجة الامتياز، وأزواج وزوجات المواطنين الروس في حال وجود طفل مشترك، وغيرهم. ويترك مشروع القانون للرئيس صلاحيات استثنائية لمنح الجنسية الروسية للمحاربين القدامى في الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945)، وللذين حقّقوا إنجازات خاصة لروسيا، وأصحاب الكفاءة. من جهة أخرى، ينظّم مشروع القانون الجديد إجراء سحب الجنسية الروسية من مرتكبي جرائم بالغة الخطورة "ضدّ الدولة" وجرائم متعلقة بالمخدّرات، لتحلّ محل إجراء إلغاء قرار منح الجنسية المعمول به حالياً.
وفي هذا الإطار، يرى عضو مجلس العلاقات بين القوميات التابع للرئاسة الروسية بوغدان بيزبالكو أنّ "القانون الجديد سوف يساعد روسيا على تحسين الوضع الديموغرافي، عن طريق جذب ملايين الأشخاص الناطقين بالروسية من الجمهوريات السوفييتية السابقة. ويقول بيزبالكو لـ"العربي الجديد": "سوف يندمج هؤلاء في المجتمع بسهولة وسوف يؤدّون الخدمة في الجيش، وسوف يلتحقون بسوق العمل، علماً أنّ روسيا تملك مساحات شاسعة من الأراضي تحتاج إلى استثمارها".
ويشير بيزبالكو إلى أنّ "تطبيق برامج منح الجنسية غير محصور بروسيا، بل هو معتمد على نطاق واسع في ألمانيا والمجر ورومانيا، وحتى في جمهوريات سوفييتية سابقة، مثل كازاخستان، التي خصّصت مناطق في شمالي البلاد لإسكان الأجانب من أصول كازاخية. في المقابل، يتمّ التضييق على السكان المحليين من أصول روسية في كازاخستان، والبالغة نسبتهم 15 في المائة، والذين قد يُبدون اهتماماً بالانتقال إلى روسيا والحصول على جنسيتها بعد تسهيل الإجراءات".
ويتخوف أبناء الجالية الروسية في كازاخستان من زيادة تهميشهم بعد الاضطرابات التي شهدتها هذه الجمهورية الواقعة في آسيا الوسطى مطلع العام الجاري، وما ترتب عليها من تغيير الحكومة وتعيين المدون المناهض لروسيا، عسكر عمروف، وزيراً للإعلام، وسط عمل السلطات على مغازلة القوميين.
وحول مدى مشروعية إجراء سحب الجنسية الروسية بعد منحها، يقول بيزبالكو إنّ "مفهوم الجريمة ضد الدولة ضبابي ويحتاج إلى توضيحات، منها اكتشاف انتماء المجنّس إلى حركة راديكالية"، ويشرح أنّه "عندما نفّذ قرغيزي حاصل على الجنسية الروسية هجوماً انتحارياً في مترو سانت بطرسبورغ في عام 2017، على سبيل المثال، كان مشروع القانون الجديد يتيح سحب الجنسية منه في حال بقائه على قيد الحياة. لكنّ القانون المعمول به حالياً، يوجب إثبات وقوع مخالفات في أثناء حصوله على الجنسية".
ولم يُحل مشروع القانون الجديد إلى البرلمان قبل انتهاء السنة الماضية صدفة، بل يندرج ذلك ضمن رؤية سياسات الهجرة لأعوام 2019 - 2025 والتي اقتضت وضع الإجراءات المحدّثة وقواعد الحصول على الجنسية الروسية وسحبها قبل نهاية عام 2021.
وجاء في المذكرة التوضيحية لمشروع القانون أنّ أكثر من 7.3 ملايين شخص حصلوا على الجنسية الروسية منذ تبنّي قانون الجنسية السابق في عام 2002، فيما تستهدف أحكام القانون الجديد "منح الجنسية الروسية للأفراد المقيمين في روسيا والقادرين على الانضمام إلى منظومة العلاقات الاجتماعية الإيجابية وعلى التحوّل إلى أفراد متكاملين مع المجتمع الروسي".
وسعياً منها إلى سدّ الفجوة ما بين الوفيات والولادات، وتجنّباً للتراجع الكارثي في عدد السكان، كثّفت روسيا على مدى السنوات الأخيرة جهودها لتسهيل إجراءات حصول الأجانب على الجنسية الروسية للشرائح الأكثر اندماجاً في المجتمع الروسي، ومن بين هذه التسهيلات إعفاؤهم من شروط فترة الإقامة اللازمة في داخل روسيا وإثبات توفّر مصدر دخل مشروع، إلى جانب إلغاء شرط التخلي عن جنسيتهم الأصلية وغير ذلك.
وحتى الآن، كان سكان منطقة دونباس (تضمّ مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك)، الواقعة شرقي أوكرانيا والموالية لروسيا، هم الأكثر استفادة من تسهيل إجراءات منح الجنسية الروسية، إذ حصل أكثر من 700 ألف منهم على هذه الجنسية منذ تسهيل الإجراءات في عام 2019.