تستقبل روسيا سنة 2023 الجديدة باحتفالات أقل مقارنة بالسنوات السابقة، وسط عملياتها العسكرية في أوكرانيا التي أزهقت أرواح عشرات الآلاف من العسكريين والمدنيين. وفيما لا تلوح تسوية للنزاع في الأفق، تخيم غيوم التوتر على أمزجة الروس بعد أحداث دراماتيكية عاشتها بلادهم، مثل تعرضها لعقوبات غربية غير مسبوقة، واتخاذ قرار التعبئة الجزئية لتجنيد أفراد الاحتياط للمشاركة في القتال.
وفي وقت لا تختلف أجواء رأس السنة وسط العاصمة موسكو عن السنوات السابقة على صعيد تزيين الشوارع ونصب أشجار الميلاد، قررت السلطات المحلية إلغاء الحفلات والألعاب النارية المهيبة، بعدما أيد أكثر من نصف المشاركين في تصويت أجري على منصة "المواطن النشط" هذا الأمر.
وقال كبير الباحثين في معهد علم الاجتماع التابع لأكاديمية العلوم الروسية، أندريه أندرييف، لـ"العربي الجديد": "منذ أن بدأت العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، زادت درجة التوتر والقلق في المجتمع، لكنها لم تصل إلى حد تعطيل احتفالات رأس السنة بالكامل، فيما قرر بعض الناس العزوف عن الاحتفال، كونهم يشعرون بضرورة مساعدة الجيش معنوياً أثناء الحرب".
ووصف أندرييف المزاج العام للروس مع حلول السنة الجديدة، بأنه "يعكس قلقهم من دون أن يصل إلى درجة العيش في ذعر، علماً أن أياً منهم لم يؤيد اندلاع الحرب في أوكرانيا التي فُرضت فعلياً عليهم".
في السياق، أظهر تقرير "المؤشر الوطني للقلق" الذي أعدته شركة "كروس" المعنية بتطوير العلاقات الاجتماعية واعتمد على تحليل المنشورات في وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، أن المستوى العام للقلق تجاوز مرتين مستوى العام الماضي.
وأورد أنه "في وقت كانت جائحة كورونا تثير مخاوف الروس عام 2021، لم يتذكر أي منهم هذه الحال هذا العام، فمصدر قلقهم الرئيس هو العمليات العسكرية في أوكرانيا".
وأظهر تحليل "كروس" أن المؤشر الإجمالي للقلق ارتفع من 9.8 إلى 21.4 ألف "ميديا يونغ" (وحدة كروس لقياس مستوى القلق).
وكان هذا المؤشر بلغ 5.7 آلاف "ميديا يونغ" فقط في عام 2020، ما يعني أن مستوى قلق الروس ارتفع بنسبة 119 في المائة مقارنة بالعام الماضي، وبنسبة 273 في المائة مقارنة بعام 2020.
وحلل التقرير أن "الحرب في أوكرانيا كانت المصدر الأساس لقلق الروس هذا العام، وكذلك القضايا المتعلقة بها مثل تصاعد المواجهة مع الغرب، واحتمال استخدام السلاح النووي، وانتقال أعمال القتال إلى أراضٍ في العمق الروسي، واتخاذ قرار التعبئة الجزئية.
إلى ذلك، أظهر استطلاع أجراه مركز عموم روسيا الحكومي لدراسة الرأي العام أن 62 في المائة من الروس يربطون الذكرى الأهم لعام 2022 بالعمليات العسكرية في أوكرانيا، و9 في المائة منهم بانتهاء جائحة كورونا وتطبيق التعبئة، و6 في المائة بانضمام أراضٍ جديدة إلى روسيا، هي مقاطعات دونيتسك ولوغانسك وزاباروجيا وخيرسون في أوكرانيا.
واعتبر 83 في المائة ممن شملهم استطلاع الرأي أن العام المنتهي كان عصيباً على روسيا، مقابل 14 في المائة وصفوه بأنه "كان جيداً". أما على صعيد النتائج الشخصية فرأى 52 في المائة من المستفتين أن العام المنتهي كان جيداً، مقابل 45 في المائة وصفوه بأنه "سيئ وصعب".
وأشار التقرير إلى أن عام 2020 كان الأسوأ للروس على الصعيد الشخصي، إذ تجاوزت نسبة المستائين تلك للراضين بـ 33 نقطة، في حين بلغ هذا الفارق 7 نقاط فقط عام 2022.
وكذلك قدم مركز عموم روسيا الحكومي لدراسة الرأي العام بيانات حول الأمزجة الاقتصادية للروس، ووصف 40 في المائة ممن شملهم الاستطلاع التضخم بحلول نهاية العام بأنه "معتدل"، و32 في المائة منهم بأنه "مرتفع جداً"، و19 في المائة بأنه "بسيط".