بين ليلة وضحاها، قرّر نائب محافظ القاهرة للمنطقة الشرقية إبراهيم صابر هدم منطقة الحيين السادس والسابع غرب مدينة نصر بالمنطقة الشرقية في محافظة القاهرة، بهدف بناء أبراج جديدة على أن يتم تعويض الأهالي. قرار أغضب السكان وخصوصاً أنه لم يكن متوقعاً أو لم يتم التمهيد له. في هذا السياق، أشارت رئيسة حي غرب مدينة نصر مرفت مطر إلى أن المنطقة المقررة إزالتها بمدينة نصر تقع بداية من قسم ثاني مدينة نصر حتى شارع خليفة الظافر وصولاً إلى محور جيهان السادات، مشيرة إلى حصر 4500 وحدة سكنية ومحل تمهيداً لإزالتها لتعارضها مع مشروع التطوير. ولتبرير المخطط، تطرقت إلى رصد المحافظة عدداً كبيراً من العقارات الآيلة للسقوط بالمنطقة، ما استدعى إعادة تخطيط المنطقة بالكامل لتضاهي أعمال التطوير الجارية التي تشهدها العاصمة القاهرة.
والبدائل المطروحة هي إما دفع تعويضات لأصحاب الأملاك في حال طلبوا ذلك، أو تأمين شقق بديلة لهم إلى حين الانتهاء من المشروع وعودتهم مرة أخرى إلى بيوتهم بعد تحويلها إلى أبراج سكنية، أو نقلهم إلى وحدات أخرى ضمن مشاريع الحكومة الخاصة مع دفع فارق السعر نقداً، أو الانتقال إلى أحد المشاريع المخصصة لسكان العشوائيات.
ومدينة نصر هي أحد أحياء القاهرة الحديثة نسبياً، وقد أنشئت امتداداً لحي مصر الجديدة عقب ثورة يوليو/ تموز 1952، وتقسّم إلى حيّين اثنين هما "حي شرق" و"حي غرب" مدينة نصر، ثم إلى عدة شياخات أصغر لكبر مساحتها. كما تعدّ مدينة نصر أكبر أحياء القاهرة من حيث المساحة، وتمتد على مساحة تقارب 250 كيلومتراً مربعاً من إجمالي مساحة العاصمة البالغة 1445 كيلومتراً مربعاً.
وبدأ التعمير في منطقة مدينة نصر طبقاً للقرار الجمهوري للرئيس الراحل جمال عبد الناصر، والصادر في نهاية خمسينيات القرن الماضي لاستيعاب التوسّع العمراني بعيداً عن المناطق الزراعية. لذلك، اتجهت أنظار الدولة إلى التعمير شرقاً في منطقة صحراء مدينة نصر، وتم تخطيطها لتكون منطقة شرق صحراء العباسية منطقة متكاملة ذات أبعاد حضارية شاملة.
ويتكرّر سيناريو الهدم والتطوير في البلاد وسبق أن طبّقه النظام المصري الحالي في عدد من الأحياء العشوائية بهدف التطوير، لكن لم يتوقع أحد أن تسري مثل تلك السيناريوهات على مناطق سكنية مأهولة وآمنة ومخططة وقد ألحقت بها جميع الخدمات والمرافق، ولا تصنف بأي حال من الأحوال بالعشوائيات.
وفور الإعلان عن القرار، أطلق الأهالي وأصحاب الأملاك صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي واستخدموا وسم "لا لإزالة الحيين السادس والسابع"، تعبيراً عن رفضهم القرار وبالتالي إخلاء منازلهم. ويقول أحد السكان إن الحي السادس عبارة عن عمارات أو "بلوكات" مكونة من أربع طبقات بنتها المحافظة وباعتها للناس قبل نحو خمسين عاماً. بالتالي، فإن تلك العمارات ليست متهالكة أو آيلة للسقوط وإلا لصدرت قرارات سابقة في هذا الإطار.
تم حصر 4500 وحدة سكنية ومحل تمهيداً لإزالتها لتعارضها مع مشروع التطوير
من جهته، يشير أحد المالكين إلى موافقة المحافظة على تحويل المنازل في الطوابق الأولى إلى محال تجارية، ودفع مواطنون المبالغ المالية التي حددتها المحافظة بهدف قوننة أوضاعهم في مقابل تحويلها من سكنية إلى تجارية، وإصدار التراخيص طبقاً لذلك.
وأعلن عدد من السكان عزمهم على اتخاذ خطوات قانونية تتمثّل في رفع شكاوى لدى مجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية، ورفع دعوى قضائية للطعن في قرار محافظة القاهرة. وفي وقت تقول المحافظة إن البلوكات قديمة ومتهالكة، الأمر الذي يستلزم خطة لتطوير المنطقة، يؤكد الأهالي أنّ مخطط التطوير يأتي من منطلق وقوع الحيين السادس والسابع في مسار مونوريل العاصمة الإدارية الجديدة.
ففي عام 2020، انطلق مشروع مونوريل العاصمة الإدارية الجديدة ويبدأ من محطة الاستاد بمدينة نصر، حيث تتكامل خدمة نقل الركاب مع الخط الثالث للمترو، ثم يمتد حتى يصل إلى العاصمة الإدارية الجديدة ليتكامل مع القطار الكهربائي (LRT) بمحطة الفنون بالعاصمة الإدارية الجديدة.
ومن المقرر أن تتضمن محطات المونوريل: الاستاد، هشام بركات، نوري خطاب، الحي السابع، المنطقة الحرة، المشير طنطاوي، كايرو فيستيفال، الشويفات، المستشفى الجوي، حي النرجس، محمد نجيب، الجامعة الأميركية، إعمار، ميدان النافورة، البروة، الدائري الأوسطي، محمد بن زايد، الدائري الإقليمي، فندق الماسة، حي الوزارات، والعاصمة الإدارية.
وبحسب وزارة النقل، من المخطط افتتاح قطاع المونوريل الأول من العاصمة الإدارية الجديدة وحتى محطة مسجد المشير بطول حوالي 45 كيلومتراً في نهاية مايو/ أيار المقبل.