المغرب: مؤشرات على تحسّن مشاركة المرأة في صنع القرار

27 أكتوبر 2024
مشاركات في امتحانات منصب كاتبة عدل في المغرب (فاضل سنّا/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت المغرب زيادة في نسبة النساء في المناصب القيادية الحكومية، حيث بلغت 53%، مع تميزهن في وزارات مثل الأوقاف والشؤون الإسلامية والشؤون الخارجية والاتصالات، بينما تبقى نسبتهن أقل في قطاعات الصحة والشباب والصناعة التقليدية.
- تعكس هذه الزيادة نجاح الإصلاحات القانونية لتعزيز المساواة بين الجنسين، مثل قانون التعيين في المناصب العليا لعام 2022، الذي يدعم تكافؤ الفرص ويحدد حصصاً للنساء في مجالس إدارة الشركات.
- رغم التقدم، تواجه الجهود تحديات مثل تأخر تشكيل هيئة "المناصفة ومكافحة التمييز"، وتستمر الجمعيات النسائية في الضغط لتفعيلها بدعم ملكي.

كشف تقرير رسمي صدر حديثاً في المغرب عن زيادة ملحوظة في عدد النساء اللواتي يشغلن مناصب قيادية في مختلف القطاعات الحكومية والهياكل التنظيمية، فيما تستمر جمعيات الدفاع عن حقوق النساء في مطالبة السلطات باتخاذ تدابير لضمان المساواة والمناصفة بين الجنسين في العمل والحياة المهنية، ومكافحة كافة أشكال التمييز ضد المرأة.

وأورد التقرير الذي أدرج ضمن مشروع قانون موازنة عام 2025 الذي ينتظر أن يبدأ مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) في مناقشته خلال الأيام المقبلة، أن "نسبة تأنيث مناصب المسؤولية ارتفعت إلى 53%"، وتتصدر النساء مناصب المسؤولية في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بنسبة 46% في المصالح المركزية، و53% في المصالح الخارجية.

وفي القطاع المكلّف بالشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي، تتولى 44% من النساء مناصب المسؤولية في المصالح المركزية، وتشغل 37% منهن مناصب مسؤولية في البعثات الدبلوماسية والقنصلية. أيضاً تتولى النساء 46.2% من مهمات المناصب القيادية في قطاع الاتصالات، في حين تبلغ نسبة التأنيث الإجمالية 43.5%. وارتفعت نسبة النساء في المناصب الإدارية في قطاع التكوين المهني والمندوبية السامية للتخطيط إلى 45%، وفي قطاعي التنمية المستدامة إلى 42.4%، وفي قطاع إصلاح الإدارة إلى 40.6%. 
في المقابل، تولت 25% من النساء فقط مناصب المسؤولية في وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، و24.7% في قطاع الشباب، و24% في قطاع الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي.

ورغم أن نسبة التأنيث ارتفعت في قطاعات العدل والتربية الوطنية وإدارة السجون، لا تزال نسبة النساء في مناصب المسؤولية فيها محدودة، ففي قطاع العدل تشغل النساء 18% فقط من مناصب المسؤولية، وفي قطاع التربية الوطنية (19%)، وفي قطاع إدارة السجون (7%)، وهي النسبة الأدنى.
وينص قانون التعيين في المناصب العليا الذي صدر عام 2022 على اعتماد تكافؤ الفرص والاستحقاق والشفافية والمساواة بين المرشحات والمرشحين.

ولقي القانون ترحيباً من البنك الدولي الذي اعتبره "خطوة كبيرة إلى الأمام في سدّ الفجوة بين الجنسين في المغرب". وحدد القانون حصصاً إلزامية للنساء في مجالس إدارة الشركات المتداولة في سوق المال بهدف أيصال نسبة النساء التي تشغل مناصب فيه إلى 30% على الأقل بحلول عام 2024، و40% بحلول عام 2027.

قطع مسار تحسين وضعية المراة في المغرب أشواطاً مهمة (عبد الحق سنّا/ فرانس برس)
قطع مسار تحسين وضعية المرأة في المغرب أشواطاً مهمة (عبد الحق سنّا/فرانس برس)

وتقول الباحثة في العلوم السياسية شريفة لموير لـ"العربي الجديد": "قطع مسار تحسين وضع المرأة في المغرب أشواطاً مهمة في ترسيخ وضمان مكانتها داخل المجتمع وإنجاح رهان المناصفة. ويؤكد حضور المرأة في مناصب قيادية اليوم كفاءتها وقدرتها على إثبات نفسها في مختلف القطاعات والهياكل والتنظيمات".

وترى لموير أن "تزايد نسب حضور المرأة مؤشر واضح لنجاح ورش الإصلاح التي تؤسس للبناء الديمقراطي والتنموي في المغرب، ومساهمة إصلاح القوانين الانتخابية في دعم زيادة عدد النساء في المناصب القيادية".
تضيف: "يحظى مطلب بلوغ المناصفة بدعم ملكي، إذ دعا الملك محمد السادس في مناسبات عدة إلى بدء تفعيل المؤسسات الدستورية، وعلى رأسها هيئة المناصفة التي تختص بحقوق الأسرة والمرأة. وترافق ذلك مع تعديل التشريعات التي تعنى بالمرأة. وهذا الدعم يسرّع تحقيق مبدأ المناصفة الذي تدعمه أيضاً الحركات النسائية".

من جهته، يربط رئيس مركز شمال أفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية رشيد لزرق زيادة عدد النساء اللواتي يشغلن مناصب قيادية في مختلف القطاعات الحكومية بتطوّر الحسّ السياسي لصناع القرار، والتقدم الذي شهدته المنظومة التشريعية والقانونية على صعيد دعم المساواة بين الجنسين في مجال العمل، وأيضاً بارتفاع نسبة تعليم النساء بالمغرب، وزيادة نسبة الخريجات الجامعيات.

ويقول لـ"العربي الجديد": "جعل الضغط الذي مارسته الحركة النسائية داخل الأحزاب السياسية من أجل تعزيز حضور المرأة في مناصب المسؤولية، الحكومات المتعاقبة تتجه إلى استحضار هذا الطلب الذي يؤكد السير في طريق إحداث تغيير مجتمعي يمهد لإزالة العوائق الاجتماعية والثقافية التي لا تزال تعيق هذا المسار من أجل تحقيق توازن بين العمل والحياة الأسرية، وترسيخ تكافؤ الفرص في الترقيات والتعيينات".

ويوضح لزرق أن "الدستور الصادر عام 2011 شكل نقطة تحوّل مهمة في مسار تمكين المرأة وتعزيز حقوقها بعدما كرّس مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية. كما نص الفصل 19 من الدستور صراحة على إنشاء هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، كما ألزم الدولة بالسعي إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء".

ورغم أن نص الفصل الـ19 من دستور عام 2011 أكد أن الرجل والمرأة يتمتعان، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، إلا أنه بعد نحو 13 سنة من إقرار المناصفة، ورغم كل الزخم الذي حققه تمثيل المرأة في مؤسسات وهيئات التداول واتخاذ القرار، لا تزال مجموعة من الإكراهات والتحديات تعترض تطبيق هذا المبدأ.

وتشتكي الجمعيات التي تدافع عن حقوق النساء من تأخر تشكيل هيئة "المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز" تنفيذاً للفصلين 19 و164 من دستور المملكة، واللذين يكلفانها بتنفيذ مهمات مراقبة احترام الحقوق والحريات، ومكافحة كل أشكال التمييز بسبب الجنس، والحرص على تحقيق المناصفة بين الرجل والمرأة. وكان القانون المنظم لعمل هذه الهيئة قد صدر عام 2017.

المساهمون