استمع إلى الملخص
- يوضح الباحث وانغ تشو أن الخرافات حول تحديد جنس الجنين متجذرة في الثقافة الصينية، حيث يلجأ الأزواج إلى هذه الطرق لسرعتها وقلة تكلفتها، مثل توقيت الحمل وموقعه في الرحم.
- يؤكد الطبيب جو يانغ أن هذه الخرافات لا أساس علمي لها، مشيراً إلى أن الكروموسومات تحدد جنس الجنين. يشير إلى أن سياسة الطفل الواحد أدت إلى اختلال التوازن بين الجنسين.
يفضل المجتمع الذكوري في الصين أن يكون المولود الأول ذكراً، لأنه يساهم في دعم الأسرة في المستقبل بخلاف الأنثى التي ستتبع عائلة زوجها مهما علا شأنها. من هنا شهدت البلاد خلال العقود الماضية ارتفاعاً قياسياً في عدد حالات الإجهاض، ما دفع الدولة إلى حظر الفحوصات الطبية والمخبرية التي تحدد جنس الجنين، فلجأ الأزواج إلى الطب التقليدي الصيني والخرافات الشعبية السائدة للالتفاف على قوانين الحظر الصارمة. ومن بين هذه الخرافات تحديد جنس الجنين على أساس عمر المرأة وفق التقويم القمري، وشهر الحمل ووضعية بطن الحامل، والأطعمة المشتهاة خلال مدة الحمل، وأيضاً استناداً إلى حسابات فلكية واستراتيجيات الإمبراطورية القديمة.
خرافات سائدة
يعلّق الباحث في علم النفس الاجتماعي وانغ تشو على هذه الموروثات بالقول لـ"العربي الجديد": "يستغرق تحديد جنس الجنين بطرق علمية وقتاً طويلاً قد يصل إلى نحو 15 أسبوعاً أو أكثر منذ بداية الحمل، ما يدفع الأزواج للجوء إلى طرق أخرى سائدة في الموروث الشعبي، وتعتبر أقل كلفة وأكثر سرعة على صعيد النتائج":
يضيف: "من الطبيعي أن يرغب الأهل في معرفة جنس طفلهم المنتظر، أكان ذكراً أم أنثى. والأمر ليس ثقافة مجتمعية أو على علاقة بدولة محددة، إذ يرتبط بواقع أن الخرافات تسيطر منذ فترة طويلة على الصين التي تملك جذوراً حضارية عميقة، ووجدت فيها دائماً وسائل غير تقليدية للبحث عن كيفية تحديد جنس المولود.
ويذكر أن "الطب التقليدي طرح منذ قرون العديد من النظريات لتحديد جنس الجنين، لكنها لم تستمر بسبب مستوى الفهم السائد في ذلك الوقت، ومن بينها أن الحمل في أول يوم بعد الحيض يأتي بذكر، أما الحمل في الأيام التالية فيأتي بأنثى. وأيضاً بأن الحمل في الجهة اليسرى من الرحم ينتج أنثى، وفي الجهة اليمنى ذكراً. إلى ذلك، تعود بعض الاعتبارات إلى حقب الإمبراطورية، وترتبط بطول وعرض الرحم أثناء الحمل، وحسابات فلكية تعتمد على تاريخ ميلاد المرأة الحامل وشهر الإخصاب. وفي حال كانت التواريخ أكثر ميلاً للأرقام المزدوجة يكون المولود ذكراً، وإذا كانت أقرب إلى الأرقام المفردة تكون أنثى.
لا أساس علمياً
ويقول الطبيب في مستشفى بكين التخصصي جو يانغ، لـ"العربي الجديد": "لا أساس علمياً لهذه الخرافات، لأن الكروموسومات هي التي تحدد جنس الجنين، وليس تفضيل الأم أطعمة حامضة أو حارّة".
ويلفت إلى أن "فرضية الأطعمة التي تشتهيها المرأة أثناء فترة الحمل هي الأكثر شيوعياً في الصين، حيث يعتقد كثيرون بأنه إذا أحبت المرأة الحامل تناول الطعام الحامض أثناء الحمل ستلد ذكراً، أما إذا أحبت تناول طعام حار فستنجب أنثى. وهذا الافتراض يتكرر في العديد من الثقافات، لكن لا دليل قاطعاً يدعمه علمياً. ورغم أن دراسات بحثت العلاقة بين النظام الغذائي للأم وجنس الجنين، لكن النتائج لم تكن متناسقة".
يضيف: "في الوقت الحاضر، لا توجد أدلة علمية كافية تدعم فكرة أن الذكور أبناء البنية الحمضية. وإحصائياً ليست نسبة النساء اللواتي يتناولن أطعمة حارّة في المدن الصناعية، مثل جيانغ شي وخونان وخوبي وسيتشوان، أعلى بكثير من تلك الموجودة في شانشي أو مقاطعات أخرى".
ويشير إلى أنه "عند الحديث عن محددات جنس الجنين يجب أن نتمسك بالموقف العلمي، ونتجنب الاعتماد على ادعاءات شعبية. وتحديد الجنس عملية بيولوجية معقدة تشمل الجينات وبيولوجيا الخلية وجوانب أخرى. ورغم أن النظام الغذائي ونمط الحياة مهمان لصحة المرأة الحامل وجنينها، لكنهما لا يحددان جنس الجنين".
يُشار إلى أن سياسة الطفل الواحد التي اتّبعتها الصين قبل أكثر من ثلاثة عقود أدّت إلى اختلال في التوازن بين الجنسَين، لا سيما أنّ عائلات كثيرة كانت تأمل في أن يكون طفلها الوحيد ذكراً على خلفية التفضيلات التقليدية المجتمعية. وتسبّب ذلك في إجهاض ملايين من الأجنّة الإناث، علماً أنّ إجمالي عدد حالات الإجهاض في الصين بلغ 9.5 ملايين خلال العقد الأخير، ما دفع السلطات إلى إقرار قانون يحظر تحديد المؤسسات الطبية جنس الجنين إلا في حال استدعى سبب طبي فعل ذلك.