طالبت كل من جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، والاتحاد الدولي لجمعيات الهلال الأحمر والصليب الأحمر، ووزارة الصحة الفلسطينية، اليوم الأحد، بتوفير الحماية للطواقم الطبية والإسعافية في قطاع غزة، ومحاسبة الاحتلال على جرائمه بحقهم.
وجاء ذلك خلال مؤتمر صحافي، ووقفة شارك فيها العشرات من طواقم الإسعاف والطواقم الطبية أمام مقر جمعية الهلال الأحمر في مدينة البيرة الملاصقة لمدينة رام الله وسط الضفة الغربية، في أعقاب زيارة قام بها رئيس الجمعية برفقة الاتحاد الدولي إلى قطاع غزة، وفي أعقاب العثور على مسعفين من الهلال الأحمر شهيدين، بعد 12 يوماً من انقطاع الاتصال بهما بعد توجههما إلى إنقاذ الطفلة هند رجب وعائلتها في غزة.
وقال رئيس جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني يونس الخطيب إن الجمعية قد تعلن التوقف عن استقبال التعازي من المؤسسات الدولية والمجتمع الدولي وحتى المؤسسات الإنسانية، بضحايا وشهداء الجمعية والقطاع الطبي، مطالباً بـ"فعل حقيقي من المجتمع الدولي، لضمان احترام القانون الدولي في التعامل مع الطواقم الطبية وطواقم الإسعاف، إثر ما تتعرض له من استهداف إسرائيلي في قطاع غزة أدى إلى استشهاد أكثر من 300، بينهم 14 من طواقم الهلال الأحمر".
الاحتلال يعتقل ويعذب طواقم طبية في غزة
وكشف الخطيب عن تقارير لدى الجمعية حول تعرض طواقم الهلال الأحمر، الذين اعتقلهم جيش الاحتلال أول أمس، من داخل مستشفى الأمل في خانيونس، للتعذيب، حيث جرى اعتقال 19 فرداً من داخل المستشفى بعد اقتحامه وتدمير أجهزة طبية داخله، بينهم 9 من طواقم الجمعية، بينهم أربعة أطباء من تخصصات مختلفة، مؤكداً أن الاحتلال أعاد استهداف المستشفى بقصف بوابته اليوم، وإخراج إحدى مركبات الجمعية فيه عن الخدمة.
وأشار الخطيب إلى أن الجمعية فقدت الأسبوع الماضي ثلاثة من طواقمها، هم أحمد المدهون ويوسف الزينو اللذين هرعا لإنقاذ الطفلة الشهيدة هند رجب وعائلتها، وبقي مصيرهما مجهولاً لاثني عشر يوماً، إضافة إلى محمد العمري الذي استشهد بعد استهداف قافلة لنقل الجرحى من المستشفى المعمداني ومستشفى الشفاء للعلاج في الخارج.
واعتبر الخطيب أن "ما تتعرض له الطواقم الطبية والإسعافية وطواقم الجمعية أمر غير مقبول"، مضيفاً: "نحن لا نؤمن بأن القانون وضع حتى يكسر"، مطالباً بـ"احترام كرامة الإنسان الفلسطيني الذي لم يعد له مكان في مخيمات اللجوء في رفح جنوب قطاع غزة"، محذراً من عملية برية في رفح، مؤكداً أن "ذلك يعني الحديث عن مجزرة وإبادة جماعية في رفح".
وحول زيارته الأخيرة إلى قطاع غزة برفقة الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، قال الخطيب: "إن اللحظات الأولى للزيارة كشفت عن حجم الكارثة الإنسانية بدءاً برفح ومخيمات الإيواء فيها"، مشيراً إلى إقامة الجمعية لاثني عشر مخيم إيواء وإغاثة في قطاع غزة، لكنها غير كافية.
أوضاع صحية متردية في غزة
وحول الأوضاع الصحية وخاصة للأطفال، قال الخطيب: إنّه ودون كشف أي طبيب ومجرد النظر في وجوه الأطفال وعيونهم ينبئ عن وجود سوء تغذية وأمراض معدية جلدية ومعوية.
بدوره، قال المدير الإقليمي للاتحاد الدولي للهلال الأحمر والصليب الأحمر حسام الشرقاوي، الموجود في الضفة الغربية، بعد أن زار قطاع غزة، إنه لم ير معاناة كالتي رآها في قطاع غزة على مدار سنوات عمله الـ35 عاماً في العمل الإنساني، مشيراً إلى أنه "وضع مؤلم للغاية ولا يمكن تصوره".
وتابع الشرقاوي: "تطبيق القانون الدولي الإنساني ليس اختيارياً بل هو إجباري، وحماية الطواقم والمرفقات الطبية والإسعافات إجباري على الجميع، والدول تعلم ذلك تماماً"، وأكد أن "يوم مقاضاة ما يجري في غزة من جرائم بحق العمل الإنساني سيأتي، وأن وجوده في فلسطين هو وقفة إنسانية للتأكيد لوزارة الصحة الفلسطينية والهلال الأحمر الفلسطيني على دور الاتحاد في حمايتهم".
من جانبها، قالت وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة: "إن الغزّيين أمام كارثة إنسانية وصحية بكل معنى الكلمة، والواقع الصحي والإنساني والفظائع التي يرتكبها الاحتلال بحق الفلسطينيين في غزة تفوق أي تصور إنساني، وهي أصعب من أي وصف، وتفوق معنى الجريمة والإبادة".
وتابعت الكيلة: "إن الوضع الكارثي على كل الصعد في القطاع لم يشهد له العالم مثيلاً، من كارثة صحية وبيئية، ومجاعة محققة، ووجود مشردين تحت المطر، يواجهون البرد القارس دون أدنى مقومات الحياة، ومشافٍ مدمرة ومعطلة نتيجة قصف الاحتلال، والنقص الحاد في مقومات عمل مراكز العلاج، وانعدام كامل للعلاج والدواء والماء والغذاء في كثير من مناطق العلاج".
وأضافت الكيلة: "هذا كله ولا تزال سلطات الاحتلال تمارس حرب الإبادة ضد كل شيء في قطاع غزة، وما زال الاحتلال يزيد على ذلك، ويلوح بمزيد من القتل والدمار، والهجوم على رفح، التي تؤوي أكثر من مليون وأربعمائة ألف نسمة من سكان قطاع غزة، والذين هُجروا إليها قسراً من باقي مناطق القطاع".
نداءات عاجلة لوقف العدوان على غزة
وأكدت الكيلة أن وزارة الصحة الفلسطينية توجه يومياً "نداءات للتدخل العاجل ومناشدات فورية للمنظمات الإنسانية والصحية الدولية لوقف العدوان وحرب الإبادة بحق أهلنا في قطاع غزة".
وأشارت الوزيرة الفلسطينية إلى الحاجة الملحة إلى حماية العاملين الصحيين والمرافق والمشافي والمدنيين، والحاجة إلى مزيد من الضغط من أجل إدخال المساعدات الإنسانية والطبية والغذائية فوراً، وبكميات أكبر بكثير، حيث إن ما يدخل إلى القطاع لا يلبي أبسط الاحتياجات في ظل هذه الظروف المأساوية.
وقالت الكيلة: "إن اعتقال العاملين في القطاع الصحي والتنكيل بهم والاعتداء عليهم بالضرب المبرح وتكسير العظام والأطراف يُضاف إلى سلسلة جرائم الاحتلال"، مشيرة إلى "ما حدث مع الدكتور محمد أبو سلمية، مدير مستشفى الشفاء، كمثال وشاهد من شواهد الجرائم الوحشية".
وأشارت الكيلة إلى أنها قامت الأربعاء الماضي بتسليم رسالة عاجلة إلى الأمين العام للأمم المتحدة السيد أنتونيو غوتيريس، للمطالبة بزيادة الضغط للعمل على وقف حرب الإبادة المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني والطواقم الطبية والصحية والإسعافية والمرضى والجرحى، والتدخل الفوري لحماية الأطفال والنساء وكبار السن والمواطنين العزّل من اعتداءات جيش الاحتلال، والتدخل الفوري بما يقره القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني من حماية عامة وخاصة للمواقع المدنية، ومن ضمنها المستشفيات، وفقاً لاتفاقية جنيف الرابعة والبروتوكولين الإضافيين الأول والثاني لاتفاقيتي جنيف لعام 1977 ولاهاي لعام 1954.
وطالبت بضرورة التدخل لحماية حقوق الإنسان وتوفير المأكل والمشرب، والحق الكامل في تلقي الخدمة الصحية بكرامة كباقي شعوب العالم، والسماح الفوري والعاجل بزيادة إدخال قوافل المساعدات الطبية والإنسانية والغذائية لإغاثة أهالي قطاع غزة.
وأشارت جمعية الهلال الأحمر إلى استشهاد 14 من طواقمها منذ بداية العدوان، كلهم استشهدوا وهم على رأس عملهم، إضافة إلى إصابة 30 بجراح مختلفة، وخروج 15 مركبة إسعاف تابعة للجمعية عن الخدمة، وتضرر 20 مركبة أخرى بأضرار مختلفة، وتضرر 30 مقراً تابعاً للجمعية جراء الاستهداف.