دراسة حقوقية: 26 مليون دولار كلفة انتهاكات حقوق الإنسان في الأردن سنوياً

11 ديسمبر 2022
الاكتظاظ في مراكز الإصلاح والتأهيل يؤثّر سلباً على حقوق النزلاء (خليل مزرعاوي/ فرانس برس)
+ الخط -

كشفت دراسة أعدّها مركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان الأردني أنّ الكلفة المالية والاقتصادية لانتهاكات حقوق الإنسان في الأردن، المتعلقة بالتعذيب والتوقيف الإداري، تُقدَّر بنحو 26 مليون دولار أميركي سنوياً.

وأعلن المركز، اليوم الأحد، نتائج دراسته تحت عنوان "الكلفة المالية والاقتصادية لانتهاكات حقوق الإنسان في الأردن - التعذيب التوقيف الإداري نموذجاً (2010 - 2020)"، بهدف تسليط الضوء على الكلف الاقتصادية لانتهاكات الحقوق من خلال شكلَين رئيسيَّين لها. وقد لفت المركز إلى أنّ هذه الدراسة هي الأولى في المنطقة العربية حول الكلفة الاقتصادية لانتهاكات حقوق الإنسان، وقد أعدّها من ضمن نشاطات "مشروع شركاء من أجل منع التعذيب" المموّل من الحكومة الهولندية.

وبحسب الدراسة، فإنّ زيادة حالات التعذيب تؤدّي إلى زيادة تكاليف الإنفاق في وزارة الصحة بمقدار 343 ديناراً أردنياً (نحو 480 دولاراً) شهرياً لكلّ حالة تعذيب، مع الإشارة إلى أنّ الاكتظاظ في مراكز الإصلاح والتأهيل تجاوز نسبة 33 في المائة، الأمر الذي يؤثّر سلباً على أوضاع النزلاء وحقوقهم في كلّ المجالات.

وأوضحت الدارسة أنّ ثمّة تبايناً في واقع حقوق الإنسان بالأردن في الفترة الممتدة من عام 2007 إلى عام 2020، وذلك في منحى تنازلي، بحسب ما وثّقته تقارير سنوية للمركز الوطني لحقوق الإنسان، رصدت الواقع من خلال الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وحقوق الفئات الأكثر حاجة إلى الحماية.

وقد أوصت دراسة مركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان بضرورة  تعديل التشريعات والقوانين بما يضمن الإنهاء الفوري لحالات التعذيب التي تمثّل انتهاكاً وخرقاً لحقوق الإنسان، وبإلغاء أو تعديل قانون منع الجرائم رقم (7) لسنة 1954 وتعديلاته لتخفيف التكاليف المالية على موازنة الدولة، وبزيادة اعتماد العقوبات البديلة للتوقيف والحبس والتوسّع بها. ويأتي ذلك نظراً إلى ما يتضمّنه هذا القانون من مخالفات جوهرية للمبادئ والمعايير الدستورية، وإلى أنّه يناقض مقتضيات الحقّ في محاكمة عادلة، وكذلك نظراً إلى ما تتكبّده خزينة الدولة من تكاليف مالية مباشرة نتيجة استخدام التوقيف الإداري بموجب القانون المذكور والتي تبلغ 968 ديناراً (نحو 1,365 دولاراً) شهرياً بالمتوسّط لكلّ موقوف.

وبيّنت الدارسة أنّ عدد الشكاوى التي تلقّاها المركز الوطني لحقوق الإنسان كان في تزايد مستمرّ في الأعوام الخمسة الماضية، مع زيادة ملحوظة في الشكاوى المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية، وتلك المتعلقة بالحقّ في الحياة والحرية والسلامة الجسدية.

وأضافت الدراسة نفسها أنّ تكاليف حالات التوقيف الإداري حُدّدت من خلال التكاليف المالية في مراكز الإصلاح والتأهيل ومراكز التوقيف المقدَّرة بحسب مديرية الأمن العام بـ800 دينار (نحو 1100 دولار) شهرياً للسجين الواحد، وهو ما يعني أن كلفة التوقيف الإداري لموقوف واحد في يوم واحد تُقدَّر بنحو 26.7 ديناراً (نحو 37 دولاراً). أمّا بالنسبة إلى حالات التعذيب في مراكز الإصلاح والتأهيل ومراكز التوقيف، فقد قُدّرت تكاليفها المالية من خلال قياس أثر زيادة هذه الحالات (أو انخفاضها) على نفقات وزارة الصحة الأردنية، وذلك من خلال رصد عدد الشكاوى المقدّمة لدى المركز الوطني لحقوق الإنسان والمرتبطة بالتعذيب، إذ تشير زيادة حالات التعذيب إلى تكبّد موازنة الوزارة مزيداً من النفقات لعلاج الآثار المترتبة عن التعذيب.

وقد اعتمدت دراسة مركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان على الأرقام والبيانات المنشورة في تقارير المركز الوطني لحقوق الإنسان، والتقارير التي يصدرها المركز حول حالة التعذيب ومؤشّره (2007 - 2020) ذات العلاقة بعدد حالات التوقيف الإداري وعدد حالات التعذيب في مراكز الإصلاح والتأهيل ومراكز التوقيف، بالإضافة إلى بيانات الحكومة الأردنية ذات العلاقة بالناتج المحلي الإجمالي، والإنفاق العام للموازنة، وإنفاق وزارة الصحة، والإيرادات الضريبية وغير الضريبية في الموازنة العامة كمتغيّرات مستقلة في النموذج الاقتصادي القياسي. 

وأكّدت الدراسة أنّ ثمّة علاقة موجبة ما بين الإنفاق العام في الموازنة الأردنية وبين التوقيف الإداري في مراكز الإصلاح والتأهيل ومراكز الاحتجاز المؤقت، وهو ما يعني أنّ زيادة حالات التوقيف الإداري سوف تؤدّي بالضرورة إلى زيادة الإنفاق العام. فحين يزداد عدد حالات التوقيف الإداري حالة واحدة، سوف تكون كلفتها التقديرية المباشرة على الموازنة بمقدار 968 ديناراً (نحو 1,365 دولاراً)  شهرياً بالمتوسط.

وتابعت الدارسة أنّ ثمّة علاقة موجبة كذلك ما بين إنفاق وزارة الصحة كما هو في موازنة الحكومة وبين التعذيب في مراكز الإصلاح والتأهيل ومراكز التوقيف، وهو ما يعني أنّ زيادة عدد حالات التعذيب سوف تؤدّي إلى زيادة تكاليف الإنفاق في وزارة الصحة. فحين يزداد عدد حالات التعذيب حالة واحدة، سوف تكون كلفتها التقديرية على وزارة الصحة بمقدار 343 ديناراً (نحو 480 دولاراً)  شهرياً بالمتوسط.

وبحسب الدراسة نفسها، فإنّ الكلفة المالية المباشرة الشهرية للموقوفين الإداريين، من ضمن هذا المتوسط، على موازنة الدولة تُقدَّر بنحو مليون و520 ألف دينار (نحو 2.15 مليون دولار) شهرياً، وبكلفة مالية سنوية مباشرة على الموازنة العامة تُقدَّر بنحو 18 مليوناً و240 ألف دينار (نحو 25.7 مليون دولار)، فيما تُقدَّر الكلفة اليومية لمتوسط أعداد الموقوفين الإداريين بنحو 51 ألف دينار (نحو 72 ألف دولار).

المساهمون