خبراء يطالبون بتعديلات تشريعية للحد من جرائم القتل الأسرية في الأردن

25 يوليو 2023
خلال حلقة نقاشية تحت عنوان "جرائم القتل الأسرية عام 2023 إلى أين؟ (العربي الجديد)
+ الخط -

طالب خبراء ومختصون أردنيون، الثلاثاء، بإجراء تعديلات على التشريعات والقوانين، للحيلولة دون إفلات مرتكبي الجرائم الأسرية من العقاب، سواء كان بإسقاط الحق الشخصي، أو غيرها من طرق الإفلات من العقاب، خاصة في جرائم القتل.

جاء ذلك خلال حلقة نقاشية، اليوم الثلاثاء، تحت عنوان "جرائم القتل الأسرية عام 2023 إلى أين؟"، وذلك لمناقشة ارتفاع هذه الجرائم في الأردن لعام 2023 بتنظيم من جمعية معهد النساء الأردني، "تضامن" في إطار مشروع توفير خدمات الحماية الاجتماعية المتكاملة للنساء والفتيات اللواتي تعرضن للعنف المبني على النوع الاجتماعي من الأردنيين الأقل حظاً واللاجئين السوريين، بالشراكة مع اللجنة الدولية للإغاثة.

وقالت الباحثة في معهد "تضامن" النساء الأردني، زهور الغرايبة، إنه جرى تسجيل وقوع 19 ضحية للجرائم الأسرية في الأردن منذ بداية العام الحالي، مشيرة إلى أن الجرائم التي وقعت داخل الأسرة في النصف الأول من عام 2023 أعلى بكثير من التي وقعت خلال النصف الأول من عام 2022 والتي كانت 6 جرائم فقط.

ولفتت إلى أن هناك جرائم بشعة وبأساليب غير معتادة، مشيرة إلى أن هناك فئة من الضحايا تخضع للابتزاز والخوف من المعتدين أو تكبلها قيود أسرية واجتماعية تمنعها من الإبلاغ عن العنف أو طلب المساعدة، مما يعني استمرار العنف وتفاقمه لدرجة قد تصل إلى حدّ القتل في بعض الحالات.

بدوره، قال الخبير الأمني والقانوني اللواء المتقاعد الدكتور عمار القضاة، إنه تبين له خلال خدمته السابقة في جهاز الأمن العام أن الأفعال الجنائية التي تتعلق بالجرائم الأسرية تكون على درجة عالية من الخطورة، ومتكررة في الوقت ذاته "كأن يضرب الأب ابنه أو ابنته أو زوجته أكثر من مرة، لكن الخوف يمنع الشخص المعتدى عليه من التوجه إلى القضاء.

ولفت القضاة إلى أن جرائم العنف الأسري تتميز بكثرة عدد الضحايا في الأسرة الواحدة، ومكان الجرم في المنزل، مع اختلاف وتعدد الأسباب.

وأوضح أن جرائم العنف الأسري لها أساليب قاسية، كاستخدام مواد حارقة وتعذيب وإحداث عاهة دائمة لدى المعتدى عليه، إضافة إلى تكرار الفعل إلى أن يتم كشفها وفضح أمر الجاني.

ورأى أن النظرة المجتمعية والخوف والخجل من تبعات تقديم الشكوى، تؤدي إلى الاستمرار في العنف الذي قد يؤدي إلى ارتكاب الجريمة. وشدد على أن الفقر والبطالة من أسباب الجرائم والعنف الأسري، والتي ربما تدفع بعضهم إلى الانتحار لكن الأكثر خطرا، المخدرات والإدمان على الكحول.

وتابع المتحدث: "نحن أمام مفترق طرق، فالعنف الأسري ظاهرة خطيرة، هناك اعتداءات من رب الأسرة في مجتمعنا، وهنا النتائج تكون كارثية، منها الأثر النفسي الذي يقع على كافة أفراد الأسرة، وقد ينعكس على حياتهم مستقبلا بارتكاب جرائم مماثلة.

وطالب بتغيير بعض القوانين التي تساعد على الإفلات من العقاب، والتي تتضمن إسقاط الحق الشخصي خاصة في قضايا العنف الأسري الواقعة على المرأة وقضايا الإيذاء والتحرش وغيرها التي تنتهي بإسقاط المرأة حقها الشخصي على الجاني، ما يؤدي إلى تخفيف عقوبته، وهي تفعل ذلك بسبب الضغوط الاجتماعية والأسرية والعشائرية التي تتعرض لها.

من جهته، أكد الخبير القانوني والمدير التنفيذي لمنظمة "محامون بلا حدود" صدام أبو عزام، ضرورة عدم إفلات مرتكبي جرائم القتل والعنف الأسري من العقاب، سواء كان بإسقاط الحق الشخصي، أو غيرها من الطرق.

وشدد أبو عزام على أهمية إلغاء الأعذار المخففة لمرتكبي الجرائم الأسرية من التشريعات أيًا كانت الذريعة أو إسقاط الحق الشخصي الذي يحدث بالاختيار أو بالإكراه.

وتطرق إلى أهمية ترسيخ ثقافة الإبلاغ عن حوادث العنف الأسري، وعدم السكوت عنها، حتى لا تتحول لاحقا إلى جرائم قتل مع تفاقهما بمرور الوقت وإحساس الجاني بأنه بمأمن من العقاب.

واعتبر أن الجريمة في إطار الأسرة تكشف أن العلاقة غير سليمة وتفتقر للاستقرار، وفيها الكثير من العنف والإيذاء البليغ، لافتا إلى أن جرائم القتل تكتشف، لكن الجرائم الأخرى لا تظهر إلى العلن والمجتمع يتجاوز في الكثير من الأحيان عن العنف الأسري.

وأوضح أن قانون العقوبات يتعامل مع الجريمة ونتائجها، وليس العنف الأسري، ورأى أنه إذا بقيت نسب الجرائم الأسرية في ارتفاع فهذا يعني أن هناك مشكلة مستمرة وأن العمل في هذا الإطار في الأردن فاشل وغير ناجح.

وقال: "إن التسامح مع مرتكبي الجرائم في المجتمع خطأ، فإسقاط الحقوق ليس تسامحاً وهذه الفكرة تسللت إلى التشريعات الوطنية للأسف".

وأشار إلى أن قانون الحماية من العنف الأسري عبء ثقيل على المجتمع الأردني وفيه إشكالية حقيقية، فبنية القانون لا تمنع بشكل حقيقي العنف الأسري، كما أنه يتضمن اختلالات تشريعية، مشيرا إلى عدم وجود سياسة وطنية للقضاء على العنف الأسري.

وفي السياق، قالت المديرة التنفيذية ومستشارة جمعية معهد "تضامن" إنعام العشا، إن الجرائم الأسرية الواقعة على النساء والفتيات والتي أدت إلى مقتلهنّ تدل على تعرضهنّ لسلسلة من حلقات العنف الأسري، حيث إن طريقة الجريمة والأدوات المستخدمة من قبل الجاني تشير إلى وجود حالات عنف أسرية سابقة.

وأضافت: "يعدّ السكوت عن العنف من أهم أسباب جرائم القتل الموجه ضد النساء والفتيات، بسبب عدم امتلاكهنّ الخيارات الواسعة للتصرف حياله".