أطلقت منظمات أهلية في سورية أخيراً مؤسسة "بنك المعلومات" التي تتولى تنظيم وتوثيق نشاط المجموعات الأهلية التي تدعم المنح الشهرية للتعليم التي يحصل عليها طلاب جامعيون في السويداء لضمان توزيع الدعم على أكبر عدد منهم. وأصدر "بنك المعلومات" تقريره الأول أخيراً، والذي تضمن عدد الطلاب المستفيدين من المساعدات الأهلية ومبالغ المساعدات الشهرية. وكتب المشرف الإداري في "بنك المعلومات" المهندس فراس البعيني في "فيسبوك" أن 28 جمعية ومؤسسة خيرية، من بينها مجموعة "الإنسانية تجمعنا"، انضمت إلى "بنك المعلومات".
وحدد عدد الطلاب الجامعيين الذين تسجلوا في المنظمات والفرق التي انضمت إلى "بنك المعلومات" بنحو 1467، من بينهم 235 يتلقون دعماً من أكثر من فريق، و110 حصلوا على منح. ولفت إلى أن خمسة فرق داعمة أخرى تنتظر الانضمام إلى البنك. وقدّر البعيني متوسط المبلغ الإجمالي الذي يمكن أن تدفعه كل الفرق والمنظمات شهرياً بنحو 400 مليون ليرة (27 ألف دولار)، وأشاد بالجهود الأهلية والمدنية المبذولة لرفع قيمة العمل المجتمعي وتطويره.
وقال الناشط المدني علي الحسن لـ"العربي الجديد": "هذه الخطوة ضرورية وملحة لتنظيم العمل المدني الخاص بدعم التعليم، وربما تكون الأكثر أهمية بسبب صلتها المباشرة بهموم شريحة كبيرة من الأهالي. ولا يمكن إنكار الجهود الأهلية والمجتمعية المبذولة على مستوى المحافظة، لكن ينقصها التنظيم الذي يضمن العدالة لضمان سير العمل على ما يرام". ويصف إطلاق بنك المعلومات بأنه "الخطوة المنشودة للوصول إلى عمل منظّم وأكثر إثماراً". ويشير إلى "ضرورة توسيع فكرة البنك ليشمل العمل على تنظيم مبادرات أخرى لا تقل أهمية لدعم الطلاب، فمن الجيد أن يعتمد العمل المدني على قواعد بيانات تنظم عمله، وتضمن عدالة الدعم".
وباعتبارها إحدى منظمات المجتمع المدني الأكثر دعماً للطلاب، تتميّز مجموعة "الإنسانية تجمعنا" بدفعها عجلة التعليم من خلال الاشتراط على الطلاب دعم طلاب آخرين بعد تخرجهم وحصولهم على عمل مناسب، خصوصاً أصحاب الاختصاصات العلمية، في سبيل تعزيز روح المبادرة والتعاون للوصول إلى مجتمع يسوده العلم.
وقالت طالبة في كلية الصيدلة، لم تكشف اسمها، تلقت دعماً من مجموعة "الإنسانية تجمعنا"، لـ"العربي الجديد": "منذ أن بدأت الدراسة، تكفلت المجموعة بتكاليف دراستي، ما ساهم في تخفيف العبء عن أهلي الذين لم يكونوا يستطيعون دفع المصاريف بسبب فقر حالهم، فوالدي يعمل براتب لا يزيد عن 350 ألف ليرة (23.72 دولاراً) يستطيع بالكاد تأمين طعام لي ولأخوي". وأضافت: "أشعر بامتنان كبير لكل من يساهم في تحقيق حلم أي شاب أو شابة مقبلين على الدراسة في الجامعة، فليس أفضل وأروع من أن تقدم للخير. والعلم خير يطاول الجميع. وشخصياً لن أوفر بعد تخرجي أي جهد لمساعدة أي محتاج، خصوصاً طلاب الجامعات".
ولم تقتصر مبادرات دعم الطلاب على جمعيات وفرق مدنية بعينها، بل شملت مغتربين تكفلوا بدعم طلاب محتاجين في قراهم وبلداتهم، ما عكس رغبة مجتمعية في دعم العلم والمتعلمين. لكن "هذه الجهود الفردية تحتاج، رغم رسالتها العظيمة، إلى تنظيم"، كما قال الناشط محمد حرب، الذي أكد أن "الجهود تصبح أكثر فاعلية إذا انتظمت في سياق واحد، واندرجت تحت بنية عمل مؤسساتي منظم". وشدد على أهمية محاولة ضم جهود المغتربين إلى المنظمات والفرق لتوزيع العبء على الجميع بالتساوي، وضمان استفادة أكبر عدد ممكن من طلاب الجامعات.
وأوضح حرب أن "أكثر من 300 مغترب يساهمون في دعم جامعيين من أبناء قراهم وبلداتهم، ولو جرى تنظيم جهودهم، وانضموا إلى بنك المعلومات الذي تأسس حديثاً، فسيوفر عليهم الجهد، ويقسّم الأحمال بينهم لتغطية عدد أكبر من الطلاب". ولفت إلى أن "كل الجهود تصب في صالح اختصاصات دراسية معينة، خصوصاً أن الفرق والمنظمات تتشارك في دعم عدد منهم، لذا من الضروري مشاركة قواعد البيانات لتوفير أموال لدعم طلاب جدد". وتحدث عن "عدم تلقي طلاب بعض الاختصاصات الدعم، وهذا خطأ رغم أنه غير مقصود وعن نية طيبة".
وتشير إحصاءات نشرتها منظمات حقوقية ووسائل إعلام سورية عام 2022 إلى أن الدعم الحكومي لقطاع التعليم تراجع منذ عام 2011 وصولاً إلى حدّ الانعدام في الأعوام الأخيرة. وبلغت نسبة التراجع نحو 86%.